|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 23/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لا ثورة حقيقية في الموصل

امين يونس

ان ما يجري في الموصل ، منذ أكثر من عشرين يوماً ، ورغم تّزَعم رجال الدين للحركة الإحتجاجية والمُظاهرات والإعتصامات .. ورَغم مُحاولات المُحافظ " أثيل النُجيفي " ركوب المَوجة والإصطفاف مع المتظاهرين ، وبالطبع وقوف " أسامة النجيفي " وراءه ، بِكُل ثُقل منصبه .. وكذلك تزاحُم العديد من شيوخ العشائر والسياسيين والنواب لإبداء تأييدهم ومُساندتهم للمظاهرات .. وحتى مجلس محافظة نينوى ، أعلنَ تأييده في الأيام الأولى لمطالب المتظاهرين ، ويا للعَجب ب [ الإجماع ] .. فهذهِ هي المرة الأولى منذ 2009 التي يجمع فيها كل أعضاء المجلس ، رغم خلافاتهم العميقة .. على موقف موحد ! . فلم يُجرؤ أحد على إعلان مُعارضته لمطالب المتظاهرين في الأسبوع الاول ، التي تتلخص ب : إطلاق سراح السجينات ، والسجناء الأبرياء / نقل المحكومين الى محافظاتهم / العدالة في تطبيق المادة 4 أرهاب وقانون المُسائلة والعدالة والمُخبر السري / تفعيل المشاركة الحقيقية في السلطة وصنع القرار .. رغم كل هذا ، فأن المؤكَد ان حجم التظاهرات ليسَ كبيراً جداً ، وليسَ كما تُصّوره بعض الفضائيات ، مثل الرافدَين وبغداد وغيرها .. فحتى مع إصدار مجلس المحافظة أمراً بالإضراب العام ثلاثة أيام قبل أسابيع تضامناً مع المظاهرات ، ورغم دعوة مُنظمي الحراك وعلى لسان الناطق بأسمهم [ غانم العابد ] بإعلان إضراب أصحاب المحلات جميعاً ، يوم الأثنين 21/1/2013 ، وتوقف الاعمال في ذلك اليوم ، تأييداً للمُظاهرات .. فأن الكثير من أصحاب المحلات والحرف والباعة والعمال ، توجهوا الى اعمالهم " التي يعتمدون على واردها اليومي من أجل معيشتهم وتوفير قوتهم اليومي " .. لكن الغريب ان [ الشرطة المحلية ] أمرَتْهُم بغلق محلاتهم ، كذلك أجبرتْ العديد من العمال والكسبة ، لمغادرة أماكن عملهم " في عموم المدينة ولكن خاصةً في الجانب الأيمن " ! . أي ان شرطة الموصل المحلية ، كانتْ يوم امس الأثنين ، طرفاً فاعلاً ومُنحازاً ، الى جهة مُنظمي المظاهرات والإعتصامات .. وليستْ طرفاً مُحايداً ! . مع كل هذه التأييدات والإصطفافات .. فأن المظاهرات يوم امس الأثنين كانتْ محدودة وصغيرة نسبياً ، ولا تتلائم مع حجم الدعاية التي ترّوج لها .

علماً أن الأصوات إرتفعتْ تدريجياً في الآونة الاخيرة ، وأضافتْ مطالب جديدة وصّعدتْ من نبرَتِها وحّورتْ المطالب الأولى ، فأصبحتْ : إطلاق سراح السجناء " بدون ذكر الأبرياء " / إلغاء المادة 4 إرهاب / إلغاء قانون المسائلة والعدالة والإجتثاث / إلغاء الدستور / إسقاط النظام / إخراج الجيش الإتحادي والشُرطة الإتحادية من المدن / إخراج البيشمركة والأسايش من محافظة نينوى / وتسليم الملف الامني بالكامل الى الشُرطة المحلية . هذا وكانتْ الأعلام العراقية القديمة بنجومها البعثية الثلاثة ، تُرفرف منذ اليوم الاول على المظاهرات .. وشعارت : " الإسلام هو الحل " و " بالروح بالدم نفديك يا إسلام " هي الطاغية .

الموصل تختلف كثيراً عن الرمادي وتكريت .. فهي مدينة متنوعة القوميات والاديان والمذاهب .. ولن تنجح المساعي لجعلها قلعة العروبة فقط .. ولا مركزاً للإسلام السلفي وحده " وتجارب نصف القرن الماضي ، كافية لإثبات فشل تلك المحاولات " .. كما لا يمكن ان تصبح الموصل مدينة كردية فقط أو تركمانية ولا مسيحية او إيزيدية ولا سنية او شيعية .. فهي شئنا أم أبينا .. خليط من كل ذلك .

كما ان تهميش الموصل من قِبَل الحكومة الإتحادية ، تصرُفٌ مُدان .. واللاعدالة في تطبيق القوانين ولا عدالة توزيع الثروات ، من قبل حكومة المالكي ، مرفوض .. كذلك الشعارات الإسلاموية المتطرفة وضيقة الأفق ، التي يرفعها منظموا المظاهرات والإعتصامات ، والهتافات العنصرية البلهاء، التي يطلقها البعض منهم ، مُدانة أيضاً .

أرى ان إطلاق كلمة " ثورة " على الحراك الذي يجري في الموصل ، غير دقيق .. إذ ما زالَ " المُستَهدَف " الأساسي المُفترَض من كل هذه المُظاهرات ، أي [ المواطن ] العادي الفقير والمُهمَش المُفتقر الى الخدمات والحقوق الأساسية .. بعيد عن بؤرة الإهتمام .. في حين ، يبرز رجال الدين وشيوخ العشائر والوجهاء وطُفيليي السياسة ، ويحتلون واجهة المشهد .. ولا أعتقد .. ان بأمثال هؤلاء .. تندلع ثورة حقيقية ! .

 

22/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter