|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 20/9/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دهاء الجماهير وحماقة الجماهير !

امين يونس

قبل نصف قرن ، كانتْ تحدث بعض المشاكل بين عشيرتَي " د " و " م " ، شأنهم في ذلك شأن كل العشائر التي تسكنُ في أراضٍ متجاورة .. وعادةً ما تبدأ المشاجرات والمشاكل ، على أشياء بسيطة وتافهة .. تتراوح بين الخلاف على السَقي او على قطعة أرضٍ صغيرة .. أو بسبب إمرأة او فتاة .. أو فقدان عنزة .. وحتى عِراك الأطفال يتطور أحياناً الى أزمةٍ بين الكبار ! . على أية حال .. في إحدى دَورات الخصومات بين الطرفَين في الستينيات ، كانَ أحد معارفي " ع . ح " ، الذي له علاقات ممتازة مع آغوات الجانبَين .. كان شاهداً على ما يحدث فعلياً . كان الموقف متأزماً بين العشيرتَين ، وحصلتْ عدة معارك اُستخدمَتْ فيها الأسلحة البيضاء ، وسقط فيها عددٌ من الجرحى ..

كان في ذلك الوقت آغوات العشيرتَين ، يرتادونَ نفس النادي ، حيث يشربون ويلعبون الورق ويتسامرون .. الى وقتٍ متأخر من الليل .. ذهبَ " ع . ح " الى النادي مساءاً .. فوجدَ حُراس آغا " د " متأهبون في هذا الجانب من مدخل النادي ، و حراس آغا " م " مُستعدون في الجانب الآخر .. وكأن جميعهم في إنذار جيم ! . وكان حُراس الطرفَين يعرفون " ع . ح " .. فوقف بينهم وقالَ لهم مُنتهِراً : الى متى تبقونَ أغبياء .. أنا أجلس كُل ليلة مع الآغوات .. وهُم يمرحون ويشربون معاً ويتبادلون النُكات والضحك .. وأنتم هنا متخاصمون فيما بينكم ومستعدون للعِراك ؟ .. حقاً أنتمْ حمقى !.

.........................................

الوضع في اقليم كردستان وفي العراق عموما .. فيهِ بعض الملامح من علاقة الآغوات أعلاه .. وفيهِ شواهدَ على حماقة الناس الذين يتعاركون فيما بينهم ، وغباء الجمهور المُوالي لهذا او ذاك .. من الشيوخ او رجال الدين او الزُعماء السياسيين .. هذه الجماهير التي تُضّحي بنفسها من أجل هؤلاء القادة والشيوخ ! . وهنالك عشرات الامثلة على ذلك : ففي ولاية " اياد علاوي " أي عندما كان رئيساً للوزراء .. حدثتْ معارك الفلوجة الطاحنة ضد المجاميع السنية المُسلحة ، وبدأت معارك النجف ضد ميليشيات التيار الصدري وغيره .. وكانتْ التصريحات النارية لبعض القادة السُنة ، آنذاك ، تتوعد علاوي بالويل والثبور وعظائم الامور .. وحتى مقتدى الصدر كان يقول بصوتٍ عالٍ ، ان لا فرق بين علاوي والأمريكان .. ثم بعد سنوات قليلة ، تحالفَ نفس القادة السُنة مع علاوي ، وكذلك تآلفَ الصدر مع علاوي .. بعد ان ماتَ مَنْ مات وتشردَ من تشرد !.

وتقاطع المالكي مع الصدر بعد احداث البصرة وصولة الفرسان .. لكن الصدر نفسه رَجحَ كفة المالكي ليصبح رئيساً للوزراء ! . حدثت مجازر بين أتباع قادة الشيعة وأتباع قادة السُنة .. وأحياناً فيما بينهم داخلياً .. وإنتهتْ بتبويس اللحى بين الشيوخ والزعماء وكأن شيئاً لم يكن .. وراحتْ كل الدماء المهدورة " بوله بشَط " !.

سقط الكثير من القتلى والجرحى ، في المعارك العبثية الداخلية الكردستانية .. ولا سيما الإقتتال بين مؤيدي البارزاني من جهة .. ومُناصري الطالباني من جهة أخرى ، في الثمانينيات والتسعينيات .. وأخيراً أصبحوا حبايب ومثل السمن على العسل .. وذهب القتلى والجرحى ، ضحية غباءهم وضحية إنجرارهم الساذج لهذه المعارك السخيفة واللامُجدية .

..............................

حقاً .. ان الشيوخ ورجال الدين الكبار والقادة والزعماء والآغوات .. يجلسون مع بعضهم ويتسامرون ويتبادلون النكات في الغرف المُغلقة .. بينما " جماهيرهم " ينتفون ريش بعضهم البعض ويتقاتلون وتُسال دماءهم يومياً .. ياللغباء !!.

 

19/9/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter