|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 18/8/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سوريا والعراق

امين يونس

الشعب السوري عموماً .. يمرُ الان بأصعبِ الظروف .. ويستقبلُ بعد يومَين أتعس عيدٍ منذ عقود .. نتيجة التدخلات الخارجية المتشعبة من جهة ، وتَمّسُك بشار الأسد ونظامه بتلابيب الحُكم من جهةٍ اُخرى .. وما ينتج عن ذلك من مآسيٍ يومية ومذابح وتدمير وتشريد لمئات الألوف من الناس المغلوبين على امرهم . رُبما عانتْ شعوب كثيرة من مثل هذه الأوضاع المأساوية ، خلال الحربَين العالميتَين الاولى والثانية .. او أبان الحروب الأهلية هنا وهناك .. لكن التجربة الأقرب الى الوضع السوري الحالي.. زمنياً وجغرافياً ، هي التجربة العراقية المريرة ... لعدة اسباب ، من بينها : التداخل والتشابك بين البلدَين إجتماعيا وأمنياً وإقتصادياً وسياسياً .. حُكم البعث بِفرعَيهِ على مدى اربعة عقود .. الإحتلال الامريكي للعراق في 2003 وما تبعهُ من تدخلات أقليمية في الشأن العراقي ، بما فيها التدخلات السورية السافرة .. التحالف الاستراتيجي بين النظام السوري والنظام الايراني ، وتأثيراتها السلبية على العراق ..

نحن العراقيين ، نعرف تماماً أكثر من غيرنا .. معنى ان يحكم حزب البعث بأجهزته الأمنية الرهيبة .. إذ لافرقَ جوهري بين بعث العراق اليميني وبعث سوريا اليساري .. ونحن العراقيين ندرك ما هي الحرب ، بكُل تفاصيلها ونفهمُ العوز والحرمان والجوع .. ندري ماهو الخوف والرعب الناتج عن الفوضى والإنفلات الامني وغياب الدولة . كُل هذا وأكثر مررنا به وخبرناه .. ودفعنا أثماناً غالية من دماءنا وأموالنا .. وليسَ دقيقاً ان نتكلم بصيغة " الماضي " .. فلا زُلنا حتى اليوم .. نُعاني من الإرهاب المتعدد الجوانب .. نئنُ تحت وطأة الفساد المُستشري في كُل مُفاصل البلاد من أقصاها الى أقصاها .. لانشعُر بالأمان في الشارع ولا حتى في بيوتنا .. فالإنفجارات ما زالت تتوالى على بغداد والمحافظات كُل يوم .. والعبوات الناسفة تقتل يوميا هنا وهناك .. والملايين من أموال الشعب تُسرَق كل ساعة وتُنهب في كل لحظة .. من قِبَل الحيتان الحاكمة والذئاب المتنفذة .. وشوارعنا بائسة وأزقتنا قذرة وتعليمنا مُتخلف وصحتنا سيئة والماء الذي نشربه وسخ .. والكهرباء لاتسد نصف إحتياجاتنا الرئيسية ...الخ . هكذا نحنُ بلا رتوش ولا تجميل .. بعد تسعة سنوات ونصف من الإحتلال والتحرير المزعوم .. بعد زوال الحكم الفاشي .. ولا زلنا نراوح في مكاننا .. بل في الحقيقة ، رجعنا الى الخلف في كثير من المجالات الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية .

نصيحتي الى الأخوة السوريين .. الهاربين من الوضع المأساوي الحالي .. لاتتوجهوا الى العراق .. لا تغرنكُم تصريحات بعض العشائر في المناطق الحدودية .. فتلك العشائر همها فقط هو التهريب من الجانبَين .. وطالما كانوا حواضن للمجاميع الإرهابية القادمة من سوريا .. والتي ساهمتْ في قتل العراقيين بالجملة وصبتْ الزيت على نار الطائفية على مدى سنوات وما زالت ... لاتثقوا بشيوخ هذه العشائر في المناطق الحدودية .. فشعارات النخوة والكرم التي يتشدقون بها .. كاذبة وزائفة .. فهمهم الرئيسي هو مصالحهم وتكديس الملايين والمتاجرة بقضيتكم .. كما تاجروا في السنوات الماضية .. بشعارات " الوطنية " و " محاربة الإحتلال " .. وكانوا هم من أشد المتحمسين والمرحبين بالإحتلال الأمريكي ! .

حكومتنا تعمها الفوضى والفساد .. والإختراقات الامنية تجري يومياً وتؤشر على هشاشة الوضع .. فخيرٌ لكم ان تبقوا داخل سوريا في أماكن فيها الحد الأدنى من الامان وتوفر الخبز .. صحيح ان أحوالكم بالغة السوء .. لكن من المهم ان تعرفوا حقيقة الأوضاع عندنا ! .

 

17/8/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter