|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 18/11/ 2012                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

يا دجلة " الخَير " أم دجلة " الشَر " ؟

امين يونس

هل ستصبح " قيادة قوات دجلة " ، القِشّة التي ستقصم ظهرَ بعير السلام ، بين بغداد وأربيل ؟ هل من المعقول .. ان يكون " نوري المالكي " قَدْ قّررَ فعلاً ان يُعالِجَ عسكرياً ، الخلافات العميقة مع أقليم كردستان ؟ هل إنتفَتْ جميع الوسائل السلمية والمفاوضات ، حتى يكون القتال هو البديل ؟ .. أدناه بعض المقتربات حول هذا الموضوع :

- مُشكلة العراق منذ القِدَم .. ان " الفرد " القائد مع بعض حاشيته ومُستشاريه ، له دَورٌ كبير في خلق الأحداث .. ويستطيع ان يوجهها حسب مشيئته . فعلى سبيل المثال ، ان الغالبية الساحقة من الشعب العراقي ، لم تكنْ تُريد خوض القتال ، ضد الحركة الكردية في 1961 .. لكن " الزعيم " قاسم ، مُستمعاً الى مجموعةٍ من الضُباط القوميين المتشددين ، أشعلَ فتيل الحرب . معظم الشعب العراقي ، كانَ لا يريد الحرب ضد إيران .. لكن " القائد " صدام حسين ، مُنجَراُ وراء أوهامه وشعاراته الفارغة .. ومُعتمداً على ثُلةٍ من مقربيه المُنافقين .. أوقَدَها حرباً مُدمِرةً ، أرجعتْ العراق الى الوراء لعقود من الزمن .. أكملها الطاغية ، بغزو الكويت ، بِحربٍ ، لم يكن الشعب يؤيدها ولا يريدها .. أجهزتْ على المُتبقي من الدولة العراقية .

واليوم .. وبعد كُل هذه المِحَن .. هل يفعلها المالكي ، ويُشعِل حرباً ضد الكُرد .. لايستطيع أحد معرفة تداعياتها ؟ .. شخصياً ، أعتقدُ ان الظروف اليوم ، مُختلفة كثيراُ عن ما سبق .. ولن ينجح المالكي والتيار الذي يُساندهُ ، في ذلك . لمجموعةٍ من الاسباب :

- في العهود السابقة ، كان [ الجيش العراقي ] يمتلك الإنضباط العسكري ، وتُحتَرم التراتبية .. وتُنّفذ الأوامر .. ولا سيما في عهد صدام ، وسيطرة العقيدة البعثية ، إذ كان البعث ، يتحكم بقوة في كُل مفاصل القوات المسلحة ، وجميع قادة الجيش والضُباط ذو ولاءٍ عالٍ لصدام . لكن اليوم ، الأمور مُغايرة لذلك .. فالجيشُ بصورةٍ عامة .. مُفّكَك .. وولاءاته مُوّزَعة بين الأحزاب والمذاهب والقوميات وحتى العشائر .. ولا يجمعها جامعٌ حقيقي . أرى انه من المُمكن ، ان يُنّفِذ ضابطٌ ما ، مُتحمِس ، أوامر المالكي ، للتصدي للكُرد هنا او هناك .. لكن هنالك العديد من الضباط والجنود العرب ، سيمتنعون عن ذلك .

- الأمر الآخر ، ان تسليح الجيش الحالي ، ليسَ مثل سابقه . فالآن لايمتلك الطائرات الكافية المؤهلة ، لترجيح كفة الجيش ، في أية معركة مع الكُرد .. وحتى الطائرات الموجودة حالياً ، او التي سوف تدخل الى الخدمة قريباً .. ليسَ من المُؤكَد .. ان يكون ولاء طياريها ، محسوماً لصالح المالكي ! . " من الطبيعي ، ان الوضع الحالي ، لا يسّرُ أي مواطن عراقي سواء كان عربيا او كردياً .. ففي النهاية ، ان قوة وإنسجام القوات المسلحة ، إذا كانتْ مِهنية وبعيدة عن التسييس ، هي قوة ودعامة لكل العراقيين بجميع مكوناتهم " .

- منذ أكثر من سنة ونصف السنة ، والمالكي وبعض مُستشاريه .. يخططون للتأزيم على كافة الصُعُد .. ولقد [ كّلفَ ] بعض مُعاونيهِ للقيام بهذا الدَور المشبوه ، من أمثال : حسين الأسدي / عزت الشابندر / ياسين مجيد / سامي العسكري ، المُقربين مباشرةً من حزب الدعوة الحاكم .. و جلال الدين الصغير المقرب من المجلس الاعلى / و عمر الجبوري من العراقية في كركوك .. والكثير غيرهم . هؤلاء مُكلفون ، لإطلاق تصريحات إستفزازية وغير مسؤولة ، بين الحين والآخر .. بل ما أن يختفي الشابندر لفترة ، حتى يظهر الأسدي ليُفجِر قنبلة إعلامية .. ويستريح لفترة .. ليستلم العسكري المُهمة .. وهكذا .

أعتقدُ ، ان الطرف الآخر .. أي القادة الكُرد .. لو لم يستجيبوا ، لل " الحماقات " التي يُدلي بها هؤلاء أعلاه .. وتجاهلوها .. أو على أقل تقدير ، رّدوا عليها بعقلانيةٍ أكثر ، وحكمة أعمق .. لِما نجحَ المالكي ومستشاروه في مسعاهم الخبيث ، في توتير العلاقة بين الطرفين الى هذا الحَد .

- قلتُ في مقالٍ سابق : ان قرار إستقدام قوات عسكرية الى منطقة ربيعة ، قبل عدة أشهُر ، ومحاولتها السيطرة على المناطق التي يحميها البيشمركة قرب سنجار .. كانتْ بالون إختبار .. فلو لم يقف البيشمركة في مقابل الجيش .. " ومن حُسن الحظ لم تحدث مواجهة بين الطرفَين " .. لكانتْ ذريعة للمالكي ، ان ينسف جميع الإتفاقات المبرمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم .. لكن الأزمة إنتهتْ في وقتها . ويوم امس الخميس 15/11 .. فان ما حدث في " طوزخورماتو " وسقوط قتيلٍ وعدة جرحى ، في مواجهة بين الشرطة الاتحادية ، وبيشمركة احد المقرات الحزبية .. دليلٌ آخر ، على [ جدية ] الكُرد في الدفاع عن انفسهم ، في حالة حدوث مواجهات .

- هنالك مؤشرات إستفزازية ، تقوم بها قيادة قوات عمليات دجلة ، في الآونة الاخيرة : عرقلة مرور مئات الشاحنات المحملة بالبضائع ، الداخلة والخارجة الى خانقين ، والقادمة من المحافظات الجنوبية والوسطى / تصريح قائد القوات البرية في إجتماع قيادة عمليات دجلة ، بأنه لن يسمح بدخول الكُرد الى كركوك ، إلآ بتأشيرة ! / قيام الاستخبارات العسكرية ، بجمع معلومات مُفصلة ، عن المقرات الحزبية الكردية في كركوك / ترويج دعايات ، بأن الطريق العام بين كركوك وبغداد ، غير آمن / بث أخبار بأن اقليم كردستان يأوي المئات من المطلوبين العرب المتهمين في قضايا إرهاب ! .

- من الجائز ، ان تحدث مناوشات محدودة ، في هذا المكان او ذاك .. ما بين القوات المسلحة الاتحادية ، وقوات البيشمركة .. ومن الممكن ، سقوط ضحايا من الجانبَين .. لكنني أعتقد ، بأن الأمر لن يتطور الى حربٍ مفتوحة بين الطرفين .. بل أرى ان الجانبَين ، ولا سِيما " المالكي " وحزبه الحاكم .. إذا لجأ الى المزيد من التصعيد .. فهو لغايات إنتخابية على الاكثر ، ومن اجل كسب " المترددين " من العرب السُنة ، بواسطة دغدغة مشاعرهم القومية وإستخدام شعارات قريبة نوعما ، من الشعارات البعثية السابقة ! .

فلا أعتقد ، انه مسموحٌ للمالكي [ أقليمياً وتركيا مثال على ذلك ] ، و لا [ دولياً والولايات المتحدة الامريكية مثال ] .. ان يشن حرباً " كبيرة " على اقليم كردستان ، ولا حتى على كركوك والمناطق المتنازع عليها .. بل ان أقصى ، ما يُمكنه القيام به ، هو ممارسة المزيد من الضغوط المتنوعة ، على الاقليم .. ورُبما مواجهات صغيرة محدودة ومحسوبة .. كُل ذلك .. في سبيل ( تحجيم ) الأقليم وفرض بعض الشروط عليه ، لصالح الحكومة الإتحادية .. ومن المُحتَمَل ، ان ذلك يلقى هوىً في نفوس ايران وتركيا أيضاً !.

 

17/11/2012
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter