| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 17/4/ 2013 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
النتيجة .. قبلَ الإمتحان
امين يونس
" نُصِحَ الوزير مِنْ قِبَل مُستشاريهِ العباقرة .. ان يُبادر بين الحين والحين ، بإطلاق مكرماته ، لكي تُعّبِر عن حُسن خُلقه وكرمهِ ، حيث سيشكِل ذلك دعاية جيدة له ولحزبهِ الحاكم .. والوزير لم يُكّذِب خبراً .. فعند زيارتهِ الميمونة الى إحدى المدارس ، ولأنهُ مولَعٌ بالإبتكار والتجديد.. بّشَرَ الطلبة ، بأنهُ سيوعز هذه السنة ، بتوزيع النتائج عليهم ، قبلَ الإمتحانات ! " .
حال الوزير الفلتة في النُكتة أعلاه ، يشبه حال الإنتخابات في دولتنا " الديمقراطية جداً " .. حيث انهُ من الجائز والمقبول ، أن تُعرَف النتائج ، حتى قبلَ التصويت ! . ومن البديهي ، أننا لسنا بِحاجة الى إجراء إستطلاعات للرأي ، ولا الى مراكز بحثية رصينة .. ولا حتى الإطلاع على البرامج الإنتخابية . كُل ما هنالك ، هو ضرورة إتقان اللُعبة جيداً ، وتوزيع المقاعد ، على الفُرقاء ، حسب أحجامهم الواقعية . وهذا هو لُب الموضوع أيها السادة : إذ ينبغي على أي حزب أو كيان سياسي ، أن يعرف ( حجمه ) ، وأن يَعي ( وزنه ) في الساحة . كذلك ينبغي على الأشخاص أيضاً ، أن يدركوا ( المَكانة ) الخاصة لِكل واحد منهم ، و ( المَنزِلة ) التي يمتلكها عند جماهير الشعب .. وان يعترف بأن هنالك فروقات كبيرة ، بين هذه الشخصية اوتلك ، وأن " الشعبِية " و " الجماهيرية " ، لاتعتمد إطلاقاً ، على الشهادة العلمية ، أو التأريخ النظيف أو الماضي المُشّرِف .. ولا على المَنبَت الطيب .. بل ولا على النزاهة والشرف والقِيَم .. إذ يكفي هنا عندنا ، أن تكون زعيماً عشائرياً " حتى لو كُنتَ مُتخلفاً ورجعياً "، أو مسؤولاً في الحزب الحاكم " ولو كُنتَ مطلوباً في أكثر من قضية " ، أو رجل دين مُعّمَم " يُتاجِر بالمذهب والعقيدة "، أو كانزاً للأموال الطائلة والذهب " من النهب والسرقة والفساد " ، أو قائداً لميليشيا وعصابات الجريمة المُنظَمة ..
من المُمكن .. أن تكون واحداً من هؤلاء ، أو تجمع بين العديد من الصفات أعلاه .. وتحصل بالرغم من ذلك ، على أعلى الأصوات في الإنتخابات ! . وإستطراداً .. فمن الجائز أيضاً ، أن تحتفل بالفوز منذ الآن ، حتى قبل يوم التصويت .. لأنك تعرف جيداً ، ان الكثير من " الناخبين " ، لن يخذلوك وسوف ، يختارونكَ لكي تقودهم في المرحلة القادمة .
إذ ليسَ من المعقول ، ان يفوز مُرّشحٌ عادي لايمتلك أموالاً وليسَ عنده فضائيات ولا يُسانده واحدٌ من الأحزاب الحاكمة المتنفذة ولا تقف وراءه دولة او نظام ، ولا يُزّكيهِ مرجعٌ ديني ، ولا يمتلك حماية كبيرة وليس عنده ميليشيا .. ليسَ من المعقول أن ينجح هذا المُرشح .. حتى لو كانَ نزيهاَ شريفاً عفيفاً مُخلصاً .
وكما تحتفلُ شريحة التلاميذ الكسالى والفاشلين ، في المدرسة التي زارها الوزير ، وبّشرهُم بأنهم سوف يحصلون على النتيجة قبل الإمتحان .. فأن شريحة " قطيع " الناخبين .. يحتفلون منذ الآن ، بالفوز الساحق الماحق ، لِلمُرشحين الأفذاذ ! .
16/4/2013