|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 17/3/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دُولٌ تأفَل .. ودولٌ تظهَر

امين يونس

حدثتْ عدة ولادات لِدُوَل في الخمسين سنة الأخيرة .. بعض هذهِ الولادات طبيعية ولم ينتج عنها ، مُضاعفات خطيرة ، بل فقط آلام عادية جراء عملية الولادة .. وبعضها الآخر كانتْ من الخُدَج ، أي حدثتْ قبل موعدها المُفترَض .. واُخرى إحتاجتْ الى عمليات قيصرية وتدخلات جراحية كبيرة وإستئصالات .
الكويت أصبحتْ دولة بِدعمٍ غربي ، وفشلتْ كُل الضغوطات على العراق للإعتراف بها ، إلا ان إنقلابيي البعث الفاشي ورغم شعاراتهم القومية الوحدوية الكاذبة ، فأنهم إعترفوا بالكويت بعد ان قبضوا ثمناً بخساً بعد إنقلاب 8 شباط 1963 .. الإمارات العربية المتحدة خرجتْ من العباءة البريطانية وشّكلتْ دولةً من سبع إمارات صغيرة ولا تزال تُدار عملياً من بريطانيا ، وكذلك قَطر ولكن بنفوذٍ أمريكي .. أريتيريا إستقلتْ بعد نضالٍ طويل ضد أثيوبيا .. الجمهورية الصحراوية لم تفلح ان ترى النور وسط التنافس المغربي الجزائري .. بينما لم تهنئ جمهورية اليمن الديمقراطية بإستقلالها طويلاً .. حيث سيقَتْ الى جنة الوحدة مع اليمن الشمالي ، فذاقتْ الأمَرَين وما تزال .. شعب أقليم ظّفار الشُجاع ، ناضلَ طويلاً من اجل الإستقلال عن عمان ، إلا انه فشل في ذلك .. جنوب السودان صارَ دولة ومن الغريب ، أن أول دولة إعترفتْ بها ، هي الدولة الأُم السودان ! . الإتحاد السوفييتي الضخم ، إنشطرَ بعد إنهياره الدراماتيكي .. الى مجموعةٍ من الدُول المُستقلة .. أما يوغسلافيا ، فأنها تَفّتتتْ الى عدة دول ، بعد حربٍ قَذِرة شّنتْها دول الحلف الأطلسي .. بينما إنقسمت جيكوسلوفاكيا ، بإسلوبٍ مُتحّضِر الى دولتَين .. وبعكس هؤلاء جميعاً ، فأن ألمانيا توحّدتْ ، وبدلاً من ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية ، فلقد ظهرتْ جمهورية المانيا الإتحادية .
قد تكون بعض الدُول التي إستقلتْ عن الإتحاد السوفييتي السابق ، أو يوغسلافيا السابقة .. ما تزال تُعاني من مصاعب إقتصادية وأمنية ، نتيجة إنفصالها ، حيث انها فقدتْ " مزايا " إنضواءها السابق تحت دولةٍ قوية .. إلا انها بالمُقابل ، تَشُق طريقها تدريجياً ، لتكريس واقعها المُستقل الجديد ، وإشباع " نزعتِها القومية " . في حين ان دول الخليج العربي الصغيرة ، ورغم بريق الوفرة الإقتصادية والتقدُم العُمراني ، فأنها في الواقع ، تُسّيَر بالكامِل في العُمق ، مِنْ قِبَل الغرب ولا سيما بريطانيا وأمريكا . جنوب السودان ، إستقَل " بسهولة نسبية " بسبب الحصار المُزمن المفروض على حكومة الخرطوم المُستبدة ، والدعم الغربي الواسع للجنوب .
- اللافت ، ان جميع الدول التي ظهرتْ في الخمسين سنة الاخيرة .. كانتْ في آسيا وأفريقيا وشرق أوروبا ، وكانتْ من إفرازات الصراعات الدولية ، والتنافُس والهيمنة على الموارد والمواد الخام والأسواق .. وبعكس التفتيت هذا .. فأن " الغرب " شهدَ توحيداً وليسَ إنقساماً ، كما حصلَ في ألمانيا .
- هذا لايعني ، ان الغرب ليسَ فيهِ مشاكلَ من هذا النوع .. فهنالك العديد من بُؤر الدعوات الى الإنفصال والإستقلال ، في عقر هذه الدول .. ففي بريطانيا ، ليستْ إيرلندا وحدها ، فيها تطلعات إنفصالية ، بل حتى إسكتلندا وغيرها . إسبانيا فيها إنفصاليون ناشطون من الباسك وكاتلونيا . شمال إيطاليا فيها الكثيرون من الداعين الى الإستقلال عن إيطاليا .. في كندا ، أوشك الإنفصاليون الكيوبيك ، على الفوز في الإنتخابات في عدة مُناسبات .. حتى في داخل الولايات المُتحدة ، تبرز بين الحين والحين ، نزعات إستقلالية في بعض الولايات .
- لايستطيع الرئيس السوداني " عمر البشير " التحرُك بِحُرية ، لأنه مطلوبٌ لدى محكمة العدل الدولية ، بسبب جرائمه التي إقترفها بِحق الشعب السوداني . وبسبب هذا الحُكم والعقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان .. فان أحد الأسباب المهمة والرئيسية التي ، عّجلَتْ بإستقلال الجنوب ، هو [ رضوخ ] البشير الى جميع شروط الجنوب ومن وراءه الغرب ، في سبيل تخفيف مُلاحقتهِ دولياً . وهذا أكبر دليل على إزدواجية ونفاق المعايير الدولية .. فكل الجرائم التي إقترفها البشير ، لا تُشكِل جزءاً صغيرا من جرائم صدام حسين ، ضد الشعب العراقي والشعوب الأخرى ، طيلة سنوات عديدة .. ولم تصدر المحكمة الدولية حكما بإدانتهِ طيلة الثمانيات والتسعينيات .
- إذن [[ الحدود ]] عبر التأريخ ، في أغلبها مُصطنعة ، نتيجة الإنتصار او الإندحار في الحروب ، وكذلك الصراع الشَرس على المواد الخام ومصادر الطاقة والاسواق . وهي ، أي الحدود .. ليستْ مُقّدسة ولا نهائية . فقبلَ مئة وخمسين سنة فقط ، كانتْ " آلاسكا " الولاية الأمريكية الغنية ، تابعة لروسيا القيصرية . وقبل ثلاثمئة سنة ، كانت " إسبانيا " من أعظم وأقوى الدول وتُسيطر على مساحاتٍ شاسعة في أمريكا الجنوبية والوسطى .. وهي اليوم مُنكمشة وتُعاني من أزماتٍ إقتصادية كبيرة . اليابان كانتْ تمتلك الصين الكبيرة ، واليوم تتقدم الصين نحو المركز الأول عالمياً . أفَلَتْ دول عظيمة ، وحّلتْ محلها اُخرى . وهذا هو منطق التأريخ والجغرافيا كما يبدو .. على مَر العصور .
...........................
كثيرٌ من المُؤشِرات ، تقول ان بزوغ " دولة كردية " ، باتَ أمراً مُتوقعاً ، خلال السنوات القليلة القادمة .. وسوف تتغير حدود الدولة العراقية الحالية . فهل سيكون ذلك مَدخلاً لإستقرار العراق ؟ أم سيكون بداية لصراعاتٍ أشد من الموجودة الآن ؟

 

15/3/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter