|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 16/4/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل الناخب العراقي مُجّرَد سَمَكة ؟

امين يونس

" قالتْ المرأة لزوجِها : لماذا لَمْ تَعُد تجلب لي هدايا ، في حين كنتَ تفعل ذلك أثناء الخطوبة ؟ أجابَ الزوج : هَل سمعتِ بأن أحداً يُطعِم سَمكةً بعدَ إصطيادِها ؟! " .
معظم مُرّشحي الإنتخابات العراقية ، يشبهون الزوج أعلاه ، فخلال الحملة الإنتخابية ، تراهُم يتوافدون على المواطنين ، بكثافةٍ وعزم لايلين ، يُقّدمون لهم الهدايا والرشاوي ، وينثرون معسول الكلام ، ويَرّشون الوعود الكبيرة ويُقْسِمون على العهود الغليظة ، ويبتسمون للجميع ، ويتحملون الكلام القاسي والنكات اللاذعة والنقد ، لِيُثبتوا للجماهير أنهم ديمقراطيون ويستمعوا للرأي الآخر ومن دُعاة حُرية التعبير ! .
ولكن ما أن يفوز أحدهم بالإنتخابات ، حتى تنقلب الآية راساً على عقب ، فينقطع عن الناس ، الذين بأصواتهم جعلوهُ يجلس على الكُرسي .. وإذا إضطَرَ إضطراراً لِمُقابلة أحدٍ من المواطنين ، فأنه يكون عابساً وجاداً ، ولا يتحمل أي نوعٍ من العتاب او النقد ، يتذرع بالتعب والإرهاق ، ويشكو من كُثرة " المسؤوليات " الكبرى المُلقاة على عاتقهِ ، ويطلب بِصلافة ، ان تقتصر الزيارة على دقائق معدودة ، لإرتباطه بموعدٍ مُهم ! . وعلى الأغلب فأن ( الموعد المُهم ) أما أن يكون لقاءاً مع أقرانه المسؤولين ، لتوزيع " الغنائم " وتقسيم الأموال المنهوبة والفاسدة .. أو موعداً مع إمرأةٍ رُبما ستصبح زوجته الثالثة او الرابعة أو ما ملكت إيمانه ! .. أو من الممكن ان يُسافر في رحلة إستجمام الى الخارج على حساب الدولة .. هذه على الاغلب هي المواعيد المُهمة ، " لمعظم " المسؤولين الذين فازوا في الإنتخابات السابقة .. ولا أرى ان العديد من الذين سيفوزون بالإنتخابات الحالية ، سيكونون مُختلفين عن الذين سبقوهم أو أفضل منهم . [ طبعاً لا أعني الجميع بصورةٍ مُطلقة ، حيث سيكون هنالك حتماً بعض الشُرفاء والنزيهين ، ولكن سيكونون أقلية بالتأكيد ] .
لانريد ان يصبح الناخب العراقي ، مثل السمكةِ السهلة الإصطياد .. لانريده ان يُهْمَل أويُؤكَل ، من قِبَل الصياد الجشع الهمجي .. مِن قِبَل السياسي الفاسد الإنتهازي .
نريد المواطن العراقي ، أن يصبح مثل " الأوكسجين " للمُرّشَح .. وان لايستطيع المُرشح للإنتخابات ، العيش والإستمرار، بدون المواطن ، سواء قبل الإنتخابات أو بعدها .
ولكن ، طالما ان الأحزاب الحاكمة المُستبدة ، تُسيطر على مقاليد الأمور وتتحكم بأرزاق الناس ومصائرهم .. طالما يتاجرون بالدين والمذهب .. طالما تنتشر الأمية والجَهل بين فئات واسعة من الشعب .. طالما تنتعش العشائرية والقبلية .. طالما يُهيمن الفساد على كل مفاصل البلد .. فلن نتوقع من الكثير من الفائزين في إنتخابات مجالس المحافظات الحالية .. أن يُقّدموا هدايا لزوجاتهم ، لأنهم من المؤمنين بثقافة ، لا جدوى إطعام السمكة بعد إصطيادها .. فهُم يعتبرون الزوجة او الناخب العراقي .. مُجّرَد سمكة ! .
 

14/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter