|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء 15/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الأمور المعكوسة

امين يونس

شئنا أم أبينا .. نلجأ بين الحين والحين ، الى " المُقارنة " . ففي دول العالم التي تنتهج الديمقراطية وإحترام القانون .. فأن " خصوصية " الفرد المُواطن ، مُصانة ومَحمِية ، وبالطبع فأن الخصوصية ، تشمل طيفاً واسعاً ، من الممارسات والأفعال .. في حين ان الرئيس او الوزير او المُضطلع بوظيفةِ عامة مهمة .. فأنه مسموحٌ للإعلام والصحافة ومنظمات المجتمع المدني وأي جهةٍ رقابية أخرى .. أن تخوض في أدق شؤونه وتنبش في شجونه : سيرته الذاتية وتأريخه العائلي / علاقاته العاطفية / زياراته العامة والخاصة / ممتلكاته وأمواله وكيف حصل عليها ومن أين / هل يستغل منصبه لغايات شخصية / وضعه الصحي / هواياته وأين يقضي الإجازات ومع مَن / أكله وشربه وهل يشرب الخمر كثيرا ومدى تأثير ذلك عليه / ملابسه ومن أين يقتنيها ... الخ . أي بالمُجمَل .. فأن الصحافة والإعلام .. تحصي على الرئيس والوزير والنائب والمسؤول الكبير .. أنفاسهم ، ولا تترك شاردة أو واردة ، لاتتدخل فيها ، وتحللها .. وتنتقدها . إذ ان " حياة " الرئيس او الوزير او المسؤول المهم .. هي مُلك الشعب ، ومن حق الناس ان تطّلِع على كُل هذه الأمور .. ومن أهم واجبات الصحافة الحُرة والإعلام الحُر .. أن تكشف الأخطاء وتنتقد السلبيات وتفضح الرئيس او الوزير ، إذا أخطأَ أو تمادى في غّيِهِ ! . ولدينا أمثلة كثيرة ، عن رؤساء ورؤساء وزارات ووزراء ونواب .. في أكبر وأقوى الدول في العالم .. قَد أجبرَتْهُم الصحافة ، على التنحي ، لا بل وتقديمهم الى المحاكمة أيضاً .
كُل هذا ، يحدث في العالم الآخر .. الذي يحكمه القانون والذي لا أحد فيهِ ، فوق القانون . أما هُنا ، فأن الأمور معكوسة تماماً : خصوصية المواطن العادي ، تُنتَهك .. بِمُختلف الذرائع والحُجج الواهية .. وتُقّلَص حُرياته الأساسية ، الى الحد الأدنى أو تُلغى كٌلية ، تحت عنوان الدفاع عن العقيدة او الأخلاق او التقاليد . تتزايد الممنوعات يوماً بعد آخر ، ويُزَجُ بالناس في المعتقلات .. بحجة مخاطر الإرهاب ، الإرهاب الذي تقوم الطبقة السياسية الحاكمة المتنفذة ، نفسها .. برعايته وتكريسه ، من خلال سياساتها المشبوهة الملتوية ! . هُنا .. تقوم الأجهزة الحكومية ، ولا سيما الأمنية بمختلف أقسامها .. بالتعدي الصارخ ، على خصوصية وحقوق المواطن .. فهي بدلاً من ان تكون ، حامية وساهرة على صيانة هذه الحقوق .. فأنها تنتهكها بفظاظة .
وهنا أيضاً .. الرؤساء والوزراء والنواب والمسؤولين الكبار .. شُبه مقدسين وشبه معصومين .. فالذي يقترب من خصوصياتهم ، يحترق ببساطة ! ( وبالطبع فأن الأموال والممتلكات والصفقات والفساد بأنواعه ، كُلها من [ الخصوصيات ] ) . ولا يُسمح للصحافة والإعلام ، الخوض في شؤون وشجون هؤلاء .. فأقل شئ يفعلونه أي الرؤساء والمسؤولين ، في تلك الأحوال ، هو تقديم الصحفي او الإعلامي ، الى القضاء ، بتُهمة ( التشهير ) الفضفاضة ! . قُلنا : هذا في أفضل الأحوال .. أما إذا حسب الرئيس او الوزير او المسؤول المُهم .. أنه تَمَ تجاوز " الخطوط الحمراء " التي يضع هو نفسه حدودها .. فمن الممكن " تأديب " الصحفي او الإعلامي أو حتى تصفيته ! .
أيها السيدات والسادة ، العائشين في بلدان المهجر التي تحترم القانون ... رفقاً بنا قليلاً حين تتحدثونَ عّنا .. فنحن نعيش في عالمٍ آخر .. وكثير من الامور عندنا ، معكوسة ! .

 

13/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter