|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 14/10/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

السلبيةُ والكَسَل

امين يونس

" في بداية عام 2003 ، ذّهبَ عراقيٌ الى مُنّجِم ، لكي يكشف لهُ عن مُستقبله ومُستقبَل العراق.. فقال لهُ المُنّجَم : السنين الثلاثة الاولى ، ستكون صعبة كثيراً على العراق ، وستُعاني أنتَ فيها الأمَرَين .. أما الأعوام الثلاثة التي تليها .. فستكثر المصائب وتزداد الجرائم في طول البلاد وعرضها ، وستكون انتَ مَنْ يدفع الثمن .. في حين ان السنوات الثلاث التي تليها .. سيشهد العراق ، تفاقُم الفساد والنهب المُنظَم ، وتتوالى الأزمات وتشتعل الحرائق ويسقط يومياً ضحايا الكواتم والإغتيالات ويهرب السُجناء المحكومين بالإعدام .. لكن المُفرِح بالنسبةِ اليك .. هو انك لن تُبالي بِكُل هذه الأوضاع المأساوية المُزرِية .. لأنك تكون قد [[ تَعّودتَ ]] على الأمر وأصبحَ شيئاً عادياً ، تتعايشُ معهُ بسهولة ! " .

أصبحنا اليوم ، مُتبلدي الإحساس ، لامُبالين .. فَكُل البُلدان المُحيطة بنا ، بلا إستثناء .. تخرج فيها الجماهير رافضةً لواقعها ، مُطالبة بالتغيير والإصلاح وسقوط الانظمة والحكومات .. حتى ايران تشهد مظاهرات بين الحين والحين ، ورُبما يؤدي الإنخفاض الشديد في قيمة العملة المحلية في الآونة الأخيرة ، الى سقوط الحكومة !.. والكويت والبحرين والسعودية ، بحكوماتها المُستبدة المُتخلفة ، تعجز عن إخفاء إستياء قطاعات واسعة من شعوبها التي تنتفض بين فترةٍ واُخرى .. في تركيا ، لاتقتصر المظاهرات على المناطق الكردية فقط ، بل تمتد الى اسطنبول وغيرها .. والأردن الملكية ليست بمنأى عن القلاقل .. في حين ان سوريا مُقبلة على تغييرٍ كبير.

نحنُ العراقيين فقط ، وسط هذا المُحيط المُتلاطِم .. ساكنون تقريباً .. راضون بما " تنجزه " الحكومة الحالية والحكومات التي قبلها .. قانعون بواقعنا المُتخَلِف المُفتَقِر الى أبسط الحقوق الإنسانية .. لم تبقَ لدينا روحية المُثابرة والمواصلة والإستمرار في النضال .. فحتى عندما نتحرك ونُعارِض ونحتَج .. نُصابُ بالإحباط عند أول صيحةٍ لعناصر السُلطة .. يستولي علينا الجَزع أثناء المواجهةِ مع الاجهزة القمعية .. يّشُلنا الخوف عن أي فعلٍ جماعي إيجابي .. ولأنَ الكثير مِنّا باتَ يحصل على موارد " سهلة " وبدون جُهدٍ ولا تعب ولا إنتاج .. فلقد صُرنا ، نبحثُ عن إنتصارات مجانية ، بلا كِفاحٍ حقيقي ! .. نُريد تغيير النظام وتبديل الحكومة وإصلاح الاوضاع .. لكن بدون أن " نعمل " من أجل ذلك .. نريد ان يحدث الأمر مُباشرةً .. لا كنتيجة لِمُعارضة واعية شُجاعة .. ولكن بالأدعية والتمنيات فقط ! ..

كما جَرَتْ العادة ، أن يعتمد مُعلمو دهوك ، على إضراب ومُظاهرات مُعلمي السليمانية وأربيل .. للحصول على مطالبهم المشروعة .. من دون ان يُشاركوا هُم أيضاً ! .. فتأتيهم ثَمرات تَحّرُك الآخرين .. جاهزة مُجّهزة مُقّشَرة ! .. فكذلك باتَ العراقيون عموماً .. بسلبيتهم وعدم لجوئهم الى تنظيم مُعارضة واعية مُثابرة ، تمتلك نَفَساً طويلاً .. قادرة على إحداث التغيير بالأساليب الشرعية المُتاحة .. وبتسليط الضغط المتواصل على السُلطة ، لإجبارها على مُحاربة الفساد ، وإصلاح الاوضاع بصورةٍ جذرية .. بدلاً من هذا كُله .. فلقد بُتنا .. ننتظر ما ستؤول اليهِ الامور في سوريا .. ومَن سينتصر في النهاية .. أصبحنا نراقب ما سيفعله الشعب الايراني مع نظامه .. وكيف ستتصرف المعارضة البحرينية مع حكومتها .. ننتظر تطورات الأوضاع في السعودية وتركيا .. ونتيجة الإنتخابات الامريكية .. ولأننا [[ تعّودنا ]] على السلبيةِ والإتكالية .. فحتى في إعماق وعينا .. ننتظر المُخّلِص السوبرمان تحتِ أي أسمٍ كان ، لكي ينقذنا.. ننتظر ما سيقوم به الشعب السوري ، وال " مكاسب " التي سنحصل عليها نحنُ ، اي الشعب العراقي .. تلك المكاسب الجاهزة الحاضرة .. التي هي مُجّرَد أوهام وسراب ! .

 

13/10/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter