|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 14/12/ 2012                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الحربُ التي لا نُريدها

امين يونس

مَنْ يتحمَسُ للحرب بين " جيش المالكي " وبين " جيش الحزبَين الكرديين " ؟ ذكرتُ عمداً جيش المالكي ، وليس الجيش العراقي .. لأنه في الواقع لايوجد لِحد الان جيشٌ وطني عراقي مُوّحَد بمعنى الكلمة .. كما لايوجد جيشٌ كُردستاني وطني مُوّحَد . فبعيداً عن الشعارات والعناوين والإثارات الإعلامية .. أعتقد .. ان الطائفية البغيضة بقسمَيها المذهبي والحزبي والمُحاصصة المقيتة ، التي تأسسَ العراق الجديد على أساسها .. ما زالتْ قائمة وفاعلة .

ولأنه ، ليسَ هنالك " إنضباطٌ عسكري " بالمفهوم المعروف سابقاً ، وليست هنالك مُحاسبة مُتشددة ولا قوانين صارمة .. فان الكثير من الضباط ، لايلتزمون بالأوامر بكل بساطة .. وإذا تقاطعت هذه الأوامر ، مع مصالحهم الشخصية ، فأنهم يتركون الواجب ، ويدركون بأن لا أحد سيلاحقهم ! .. ويسري نفس الشئ ، على المراتب والجنود أيضاً . إضافةً الى ان الحديث عن " إستقلالية الجيش وبُعده عن التحزُب والولاءات المُختلفة " ، ما هو إلا كذبٌ صريح . إذ ان كافة الأحزاب الرئيسية الحاكمة ، قد " كسبت " ضُباطاً من الجيش البعثي السابق ، الى جانبها ، وأناطتْ بهم مسؤوليات في الجيش الجديد [ علماً بأنه لم يكن يوجد ضابطٌ واحد في الجيش العراقي السابق ، غير بعثي .. إذ كان النظام يفتخر بأن جيشه عقائدي ] ... إضافةً الى ، ان أحزاب الاسلام السياسي الحاكمة ، لجأتْ الى اسلوب [ الدَمج ] ، حيث دمجتْ كافة الميليشيات المسلحة الطائفية ، في القوات المسلحة العراقية الجديدة .. فكانتْ النتيجة : ان الجيش العراقي الجديد وحتى الشرطة والأمن .. ليسَ له إنتماءٌ وطني واضح .. وأن ولاءاته مُوّزعة ، بين الحزب والمذهب والمنطقة والمدينة والعشيرة . ومن البديهي ، ان مثل هذا " الجيش " لا يُمكن الإعتماد عليهِ ، ولا الركون الى إخلاصه وحسهِ الوطني .. ففي الحقيقة ، هو أقرب الى ميليشيات او مُرتزقة .. من كونه جيشاً نظامياً وطنياً موحداً .

أرى ان المالكي ، بِكُل ماكنتهِ الإعلامية ، وإستخدامه الشعارات القومية وتحريضه .. قد فشلَ لغاية اليوم ، في حَشد تأييدٍ شعبي واسع ، لخططهِ في مجابهة الاقليم عسكرياً .. إذ ان قِلّة قليلة فقط هم مَنْ يؤيدونه بحماس .

وحتى قوات البيشمركة ، فهي في الواقع العملي مُسَيطَر عليها بالكامل ، مِنْ قِبَل الحزبَين الديمقراطي والإتحاد .. فاليوم وبعد مرور أكثر من عشرين سنة ، على شُبُه الإستقلال الذي يعيشه الأقليم .. إذا سألتَ شخصاً عادياً في الشارع ، في دهوك مثلاً ، فسيقول لك بِكُل ثقة ( .. ان ابنه ضابط في بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني ) .. وكذا سيفعل مواطن آخر في أي مدينة عائدة الى السليمانية ، فيقول ( بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني ) .. فالحزبَين الحاكمَين ، لم يُثقفوا جماهيرهم ، بإتجاهٍ يؤدي الى الشعور ب " كردستانية " البيشمركة .. وأستطيع القَول ، ان [ ولاء ] البيشمركة ليسَ مُوّحَداً .. وان الأوامر التي ينفذونها فعلياً ، هي فقط التي تأتي من " الحزب " ! . ورغم كون رئيس الأقليم ، هو من الناحية النظرية ، القائد العام لقوات البيشمركة وحرس الحدود في الأقليم .. فلا اعتقد ان أي بيشمركة في السليمانية ، سينفذ أوامر القائد العام " إذا لم يأتهِ إيعازٌ من حزبهِ الاتحاد الوطني " ! .

أعتقد ان هذه الازمة الحالية ، بِكُل ما يرافقها من مخاطر مُحتَملة .. لاتحظى لغاية اليوم ، بالدعم الشعبي الواسع الذي كان ينتظره السيد مسعود البارزاني والقيادات الاخرى .. فعدا عن بعض الفعاليات الإعلامية الصغيرة ، المؤيدة .. التي تقوم بها منظمات وإتحادات ، محسوبة اساساً على أحزاب السلطة .. فان الشارع كما يبدو ليسَ مُتحمساً كثيراً ، لأي مواجهة عسكرية ، مع الحكومة الاتحادية .

...........................

أعتقد ان طريقة الحُكم التي يتبعها المالكي ، في إدارتهِ منذ سنوات .. أثبتَتْ فشلها المُريع على كافة الأصعدة : الامن / الخدمات / الفساد .. فأذا كانتْ المرحلة السابقة ، عبارة عن مجموعة " أزَمات " مُتلاحقة ومُتراكمة .. فأن المالكي عجزَ عن حلها بإمتياز .. بل تخبطَ في إدارة هذه الأزمات أيضاً .. وأدتْ سياسته ، الى تفاقم المشاكل وتعقيدها . ببساطة انه يُريد الآن " تصدير " كُل فشله الى أقليم كردستان ، وتعليق فشلهِ على رقبة الأقليم .

أرى ان الأزمة الداخلية في أقليم كردستان ، لها شقَين : الفساد ، وإحتكار السلطة .. فلقد مرتْ سنوات كثيرة ، على الوعود التي قطعَتْها أحزاب السلطة ، على نفسها .. من أجل الحَد من الفساد المُستشري ، والإرتقاء بنظام الحُكم ، والإشراك الفعلي للمعارضة ومنظمات المجتمع المدني والصحافة المستقلة ، في صُنع القرار . أعتقد ان التصعيد في الازمة الحالية ، هو نوعٌ من الهروب من الإستحقاقات الداخلية .. الى حين .

 

13/12/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter