| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الخميس 14/2/ 2013 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
أم كلثوم المُنقبة والمعّري مقطوع الرأس
امين يونس
- قامت مجموعة مُسلحة مُتطرفة ، في محافظة أدلب ، التي سيطرتْ عليها مؤخراً ما يُسمى المعارضة السورية ، ب " قطع رأس " تمثال ابو العلاء المعري ، في مسقط رأسهِ : مَعّرة النعمان . يُذكَر ان " جبهة النصرة " الإرهابية تبنتْ العملية ، مُتذرعةً ان الشاعر كان مُلحداً وان التماثيل مُحّرمة بالأساس . هذا يحدث ، وما زالتْ جبهة النصرة والجيش السوري الحُر ، لم يُحّرِرا سوريا كُلها من دكتاتورية بشار الأسد .. ترى ماذا سيفعلان إذا إستَتبَ لهما الامر وقادا السُلطة في دمشق ؟ . أشهر شخصية تأريخية في الشام كُلها وفيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة ، كان مصير " تمثاله " ، طلقات في الرأس .. فكيف سيتم التعامل غداً مع المثقفين والفنانين والقوى المدنية في سوريا ؟! .
- قبل يومَين ، قامَ أتباع السلفيين والاخوان المسلمين ، في مصر المحروسة .. بوضع [ نقاب ] على تمثال السيدة أم كلثوم .. في وسط مدينة المنصورة ! . ذلك النصب الشامخ ، لكوكب الشرق .. أم كلثوم الشهيرة أكثر من أي سياسي او رئيسٍ في المنطقة العربية كلها .. وضعوا نقاباً أسود على وجهها .. في عمليةٍ رمزية ذات مغزى . انهم يبعثون رسالة الى كُل نساء مصر : تحجبوا وتنقبوا وإلا ! . سلفيوا وإخوان مصر ، مازالوا أقل تطرفاً ، كما يبدو .. من زُملائهم جبهة النصرة في سوريا .. وإلا لكانوا حطموا تمثال ام كلثوم تحطيماً ، إسوةً بالمعّري . علماً ان هنالك دعوات سلفية في مصر ، تدعو الى إزالة الاهرامات من الوجود ، بإعتبارها رجساً من عمل الشيطان !. تصوروا : مصر بدون أهرامات وبدون تراث أم كلثوم ! .
- قبل هؤلاء ، قام مُجاهدوا حركة طالبان ، بنسف تمثال [ بوذا ] في جبال أفغانستان .. ذلك النصب التُحفة ، الذي كان ضمن التراث العالمي الذي ترعاه منظمة اليونسكو . هذه العملية الإرهابية الرجعية ، التي أدانها العالم من شرقهِ الى غربه .. في حين هّلَلَ لها السلفيون والجهاديون الإسلاميون ، من باكستان الى السعودية وقطر واليمن الى الصومال وشمال افريقيا .. الخ .. وأعتبروها نصراً مُؤزراً للإسلام وهزيمة مُنكرة للكُفر ! .
- وللحق .. فان الجماعات أياها ، أي المتطرفين الإسلاميين والمتشددين السلفيين ، لم يُقصروا في أي بُقعةٍ تواجدوا فيها .. ويسعون الى فرض رُؤاهم على المُجتمع .. كما يفعلون في ليبيا وتونس والجزائر وشمال مالي والفليبين واندونيسيا وايران والسودان ... الخ . انهم يريدون ، ليسوا فقط منع التقدم الإجتماعي وتطور البلدان .. بل إرجاعنا قروناً الى الوراء ! .
- هنا في العراق .. أفرغوا المهرجانات الثقافية والفنية التقليدية ، من أي مُحتوى " ثقافي او فني " .. فلا المربد عاد مُلتقى لتلاقح التجارب الشعرية .. ولم يعُد مهرجان بابل الموسيقي والفني ، له أي علاقة بالموسيقى والغناء والفن .. أغلقوا المنتديات الثقافية ، لم تعد هنالك دار سينما واحدة في العراق ، أزالوا النُصب وحطموها في بغداد والبصرة وغيرها ، إغتالوا كبار المثقفين وحاصروا الصحفيين والكُتاب ، أصبح العراق من اقصاه الى أقصاه ، في حالة تصّحُرٍ ثقافي وإنحسارٍ للفن والغناء والموسيقى .. العراق الذي يُحكم مِنْ قِبَل طَرَفَين أحدهما أسوأ من الآخر : الإسلام السياسي بِشقَيهِ ، والعشائرية المقيتة الرجعية . والمُضحك المُبكي : ان بغداد القاحلة المُتصحرة المنكوبة بحكامها .. بغدادنا هذه ، هي عاصمة الثقافة العربية لهذا العام 2013 . يا للفضيحة ! .
..........................................
هذه كُلها من بركات الإسلام السياسي الصاعد والمتنفذ ، في العديد من بلدان المنطقة .. وأبسط هذه البركات : أم كلثوم مُنّقبة ، والمعّري مقطوع الرأس .. والبقية على الطريق !.
13/2/2013