|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 13 / 6 / 2013                             أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المالكي في أربيل

امين يونس

لم يكُن ترتيب لقاءٍ بين السيد " نوري المالكي " والسيد " مسعود البارزاني " ، بِحاجةٍ الى وساطة خارجية او داخلية .. ولا إلى تحضير إجتماعٍ رمزي ، كالذي قامَ بهِ السيد " عمار الحكيم " لِيُقّرِب بين المالكي وأسامة النجيفي . على الرغُم من أن المُناوشات ، بين المالكي وبارزاني ، منذ أكثر من سنة ، كانتْ مُستمرة .. وكان " المُستشارون " و " الوكلاء " و " الناطقون " .. يقوموم بين الحين والحين .. بإذكاء نار الفُرقة بين الطرفَين ( طبعاً ليس بِمبادرة فردية من عندهم ولا بإجتهادٍ شخصي ، بل بِعلم وتوجيهات الزعيمَين غالباً ! ) .. لكن ، لم يتعدى الهجوم المُتبادَل المُباشِر ، بين المالكي والبارزاني .. حاجز الإتهامات المُتقابلة ب " الدكتاتورية ، والإنفراد بالحُكم والإنفصالية " ! . عموماً .. رُبما .. كانَتْ الزيارة ، مُفاجئة وغير مُتوقعة .. بالنسبة الى العديد ، من الذين ، لايفقهون لُعبة السياسة جيداً .. ويعتقدون ، بأن الخلافات العميقة بين الجانبَين ، تعني " القطيعة النهائية " .. لكن الأحداث أثبتتْ أنه لايوجد مُستحيل في علاقات المصالح . فلنُحاول ، ان نقترب من خلفيات المشهد ، عّلنا نستطيع الوصول الى فهمٍ أفضل لما يجري :
- في الظاهِر على الأقل .. لم يتُم الضغط المُباشِر ، على المالكي أو بارزاني .. مِنْ قِبَل الإدارة الأمريكية ، لتقريب وجهات النظر بينهما .. في العشرة أشهر الاخيرة .. فما عدا الزيارات القليلة لوزير الخارجية الأمريكي كيري ، والإتصالات الهاتفية لنائب الرئيس بايدن .. لم يُلاحَظ ، نشاطٌ أمريكي إستثنائي بهذا الخصوص . ولا ضغطٌ إيراني واضح وصريح كذلك . أعتقد ان توّصُل المالكي والبارزاني ، الى [ قناعة ] بضرورة التصالُح .. جاءت نتيجة ( حاجة الطرفَين الى بعضهما ) في الأشهُر القادمة ، عراقيا وأقليميا.. مما دفعهما ، الى تناسي الإنتقادات المريرة المتبادلة ، بسهولة ! .
- إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة ، ونتائجها وتداعياتها .. أظهرتْ بِما لايدع مجالاً للشَك ، أن دولة القانون ولا سيما حزب الدعوة ، قد فقدَ جُزءاً من شعبيته ، رغم سيطرته على معظم مفاصل الحكم منذ سنين .. ولا أدّل على ذلك ، من الإحتمال القوي ، لخسارة حزب الدعوة ، لمنصب مُحافظ بغداد ، الذي كان يشغله قيادي من الصف الاول في الحزب ، وهو " صلاح عبد الرزاق " . بعد تحالُف المجلس الاعلى والتيار الصدري مع مُتحدون . وسوف يسعى المالكي وحزبه ، في هذه الحالة ، الحصول على منصب أمين بغداد ، وحتى ذلك السبيل ، لن يكون مُمهَداً بسهولة ولا مفروشاً بالورود ! .. إضافةً الى فقدان حزب الدعوة ، للعديد من المناصب الأولى في المحافظات الجنوبية .. وإضطراراه الى تقديم تنازلات كبيرة ، للأطراف الأخرى الفائزة . إذا نجحتْ تجربة تحالُف المجلس الاعلى الإسلامي والتيار الصدري ، الشيعيَين ، مع قائمة " مُتحدون " السُنية ، في بغداد ( وذلك وارد ) .. فأنه سيُشكِل تهديداً كبيرا وجدياً ، للمالكي في الإنتخابات العامة القادمة ، في العام 2014 .. ورُبما سيكون مُقدمة ، لفقدان حزب الدعوة للسُلطة .
المالكي ، تلقى ضربات موجعة في المحافظات الجنوبية والوسطى .. بعد أن يأسَ عمار الحكيم ومُقتدى الصدر ، من " جدوى " التحالف مع حزب الدعوة .. بل ان حتى " حزب الدعوة تنظيم العراق " قد إصطفَ مع خصوم ومُنافسي المالكي . وذلك يعني ، ببساطة : خيبة أمل معظم حُلفاء حزب الدعوة السابقين ، وعدم رضا القاعدة الجماهيرية ، عن أداء السلطة في السنوات المنصرمة . الى جانب ، العقبات الجّمة التي تعترض المالكي في الموصل والأنبار وتكريت وديالى .
المالكي ، في الواقع .. فشلَ في إقامة علاقات جيدة ومتوازنة ، مع مُحيط العراق الجغرافي .. ولا سيما مع السعودية وتركيا .. ويغلبُ طابع التنازلات ، في علاقاته مع الكويت ودول الخليج .. والرشوة في حالة الأردن .. والإصطفاف مع الموقف الإيراني ، بالنسبة لسوريا .
كُل ما وردَ أعلاه ، يُبين .. حجم المشاكل والصعوبات ، التي تُواجِه المالكي في الوقت الحاضر .. والتهديدات الجدية بصدد الإنتخابات القادمة . أرى ان كُل ذلك دفع المالكي ، للمجئ الى أربيل .. ومُحاولة إحياء التحالف مع الكُرد .
........................
- بالمُقابِل .. أعتقد ان السيد " مسعود البارزاني " ، أدركَ في الآونة الاخيرة ، ان الأمور ليستْ على ما يرام ، بالنسبة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني .. فلقد ظهرتْ الإختلافات في المواقف في العديد من القضايا ، يوماً بعد يوم ، مع حليفه الإستراتيجي ، الإتحاد الوطني .. ولقد أظهرتْ نتائج إنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، في بغداد وديالى وصلاح الدين ، تفوقاً واضحاً لمُرشحي الإتحاد الوطني " مع هزالة النتائج بالنسبة للتحالف الكردستاني عموماً مُقارنة بإنتخابات 2009 " . كما فشل الحزب الديمقراطي ، في كسب ولو جزءٍ من " المعارضة " أو حتى تحييد مواقفها .. ولقد أثبتَ موضوع ( مشروع دستور الأقليم ) وبالتالي شكل الأقليم ، أهو برلماني أو رئاسي ، وصلاحيات رئيس الأقليم .. المدى الحقيقي ، لبقاء الحزب الديمقراطي [ وحيداً ] الى حدٍ ما ، في موقفهِ .. مُقابِل : إصرار المعارضة المتمثلة ، بحركة التغيير والاحزاب الإسلامية ، والإتحاد الوطني .. بضرورة إعادة المشروع الى البرلمان [ لإجراء إصلاحات عليه ] قبل عرضه للإستفتاء .
الحزب الديمقراطي ، أي السيد " مسعود البارزاني " .. راهنَ مُبكراً ، على سقوط نظام الدكتاتور بشار الأسد .. ونشطَ في دعم الأحزاب الكردية السورية المعارضة ، بمُختلف الوسائل المُتاحة .. بالتنسيق المُباشر أوغير المُباشر ، مع الحكومة التركية . ولكن الأيام أثبتَتْ ، ان المسألة مُعّقدة أكثر مما تبدو .. وان الخوض في المُستنقَع السوري ، له تداعيات خطيرة ومُؤذية .. من بينها ، مثلاً .. الإصطدام مع مُسلحي الإتحاد الديمقراطي في كردستان سوريا ، الذي هو فرع من فروع حزب العمال الكردستاني .. وما يجرهُ ذلك ، من مخاطر الإقتتال والتناحُر .
بالنسبة ، لملف النفط والغاز .. فاقمَتْ إدارة الأقليم ولا سيما الحزب الديمقراطي ، تصعيد المشكلة مع الحكومة الإتحادية .. وذلك بإعلان الإستمرار في إنشاء خط أنابيب مُباشر من حقول الأقليم الى تركيا .. إضافة الى القضايا الأخرى المُعلَقة .. ولكن كما يبدو ، فأن الولايات المتحدة الامريكية ، قالتْ كلمتها أخيراً " و [ نصحتْ ] قادة الأقليم ، بالتريُث ، وعدم التصرُف بالنفط والغاز ، إلا بعد موافقة الحكومة الإتحادية ومن خلالها .
الحركة الإحتجاجية في تركيا ، مُؤخراً .. والتي تتسع تدريجياً .. أثبتَتْ امراً مهماً : رغم الإنتعاش الإقتصادي في تركيا ، فأن قطاعات واسعة من الشعب ، غير راضين عن اداء أردوغان وحكومته .. وإذا قّرَرَتْ مؤسسة " الجيش " التركي ، الإصطفاف مع الحركة الإحتجاجية ، في الأشهر القادمة .. فأن أردوغان وحزبه الإسلامي ، سيكونان في موقفٍ عصيب .. ورُبما سيضطر الى التوجه ، نحو إنتخابات مُبكِرة .. والتي رُبما لن يفوز بها ، ويفقد السُلطة بالنتيجة . في هذه الحالة ، وإذا تحّققَ هذا السيناريو ، فأن ذلك سينعكس سلباً ، على الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيد مسعود البارزاني .. الذي وضعَ خلال السنوات الماضية ، أساساً ، لمصالح تجارية واسعة بين أردوغان وحزب العدالة والتنمية ، من جهة .. والحزب الديمقراطي الكردستاني ، من جهةٍ أخرى .. وبنى علاقات بِطيفٍ واسع من المصالح المتبادلة ، يمتد من : النفط / التجارة / الملف السوري / ملف التصالح مع حزب العمال ... الخ .
كُل ما ورد أعلاه .. يُظهِر المشاكل التي تُواجِه السيد مسعود البارزاني .. وحاجته الفعلية .. لحلحلة المشاكل مع الحكومة الإتحادية ، ومع المالكي بالذات .
.......................

لقطات
- كردستانياً .. يقول البعض ، ان زيارة السيد " نيجيرفان البارزاني " الى بغداد ، قبل أسابيع .. هي التي أدتْ الى إقناع المالكي ، بالتوجُه الى أربيل . وهي نقطة تُحسَب للسيد نيجيرفان ، في سوق المنافسات الداخلية على الزعامة . ( يُقال انه خلال زيارته لبغداد .. واثناء الإجتماع المُغلَق الذي جمعهُ مع المالكي لوحدهما ، ولأنه لا يُجيد العربية بصورةٍ كافية ، فإستعانَ بِمُترجِم .. لكنه رفض المترجم الموجود في تلك اللحظة والعائد الى الإتحاد الوطني ، فإستبدله بآخَر من الحزب الديمقراطي ! .. وهي دلالة على ضُعف الثقة بين الحزبَين الحليفَين . وهذه الأشياء " الصغيرة " لاتفوت على المالكي ، ليستفيد منها !! ) .
- وصل المالكي .. على مِتن طائرة ( عسكرية ) الى مطار أربيل . أعقبه الوفد الحكومي المُرافق بطائرةس عادية .
- لم يُعقَد إجتماع الحكومة الإتحادية ، كما كانَ يُفترض .. في قاعة مجلس وزراء الأقليم .. بل في قاعة " الاستاذ سعد " .. أي نفس القاعة التي جرى فيها إجتماع أربيل ، قبل ثلاث سنوات ، والتي جرى فيها الإتفاق ، على تنصيب المالكي رئيساً للوزراء . دعاية تقول : جرى ذلك تعمُدا .. لتذكير المالكي .. بأنه هُنا تَم [ التوافق ] عليه ! .
- صالح المطلك ، أدلى بتصريحٍ .. حول ضرورة إنسحاب البيشمركة من المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا ، في كركوك وغيرها . في حين ان " علي العلاق " قال ، بان هذا الأمر لم يُبحَث في اللقاءات على الإطلاق . يقول البعض ان المطلك .. غّردَ خارج السرب ! .
- بعض عَرب كركوك ، أبدوا تخوفهم ، من عقد إتفاقات غير مُعلنة ، بين المالكي وبارزاني .. يدفع عرب كركوك ثمنها !.
- عموماً .. كانتْ الزيارة كما يبدو ، إيجابية .. وحققتْ [ أهدافها ] : إذابة الجليد بين الطرفَين / العودة الى إسلوب المباحثات والنقاشات لتقريب وجهات النظر / إنهاء مقاطعة البارزاني لبغداد وقيامه قريبا بزيارة العاصمة / وعد المالكي بتكرار الزيارة وشمولها لمنطقة بارزان / مُخاطبة الزعيمَين لبعضهما بطريقةٍ ودية : أبو إسراء وأبو مسرور !.
- لا يتوقع المُراقبون هنا .. نتائج سريعة ملموسة بالنسبة للملفات الشائكة المتراكمة .. بل في أحسن الأحوال .. يقول المتفائلون منهم .. ان الزيارة رُبما تفتح الطريق ، لإيجاد حلول معقولة .

 

10/6/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter