|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 13/5/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أحاديث في التاكسي

امين يونس

إضطررْتُ كما يحدث في أحيانٍ كثيرة ، الى الصعود في تاكسي ، في مشوارٍ ضروري في دهوك .. تَذّمرَ سائق التاكسي ، من الإختناق المروري المُزمن .. والإزدحام الشديد في كُل الشوارع ، الرئيسية والفرعية .. وكادَ ان يصدم أحد المارة الذي قفز امام السيارة وعبر الشارع بسُرعة .. وأطلق السائق مع المُنبِه ، رزمةً شتائم من العيار الثقيل ، لم يسمعها الشخص المعني ، لحُسن الحظ ! . وقال لي السائق : هل رأيتَ هذا الحيوان كيف عَبر ؟ قلتُ له : رُبما هو معذور .. فليسَ لدينا ، في مدينتنا هذه ، التي تعدادها يربو على النصف مليون ، وفيها عشرات الآلاف من السيارات .. ليس لدينا ، نفقٌ واحد لعبور المشاة .. ولا منظومة نقل معقولة .. فمن أين يعبر المواطن ؟ فحتى جسور عبور المشاة الموجودة حالياً ، قليلة جدا ومتباعدة وسيئة التنفيذ للغاية . الحَل هو ، إنشاء أنفاق منتظمة وفق تخطيط علمي ، لعبور المشاة ، كالتي موجودة في كل مُدن العالم . قال السائق بإصرار : ماذا تقول يارجُل ؟ أنفاق لعبور المشاة ؟ والله سوف تصبح مَرتعاً لشاربي الخمر ، وممارسة الرذيلة .. مثل ما يحصل في المناطق السياحية ، قرب سَد دهوك والشارع المؤدي الى زاويتة .. وطبعاً ليس من المعقول ، أن تضع الحكومة ، شُرطي في مدخل ومخرج كُل نفق .. يقول نفق يقول نَفَق ؟! . قلتُ له مُستغرباً : يعني ، هل تعترض على إنشاء أنفاقٍ لعبور المشاة ، لإحتمال أن فئة مُستهترة " رُبما " تستخدمها لأغراض سيئة ؟ قال بإصرار : نعم أعترضُ بالتأكيد ! . قلتُ : وماذا تقترح بدلاً من ذلك ؟ قال : ان هذا المُجتمع المُنحَط ، لايفيد معهُ أي شئ ، غير العُنف والقوة .. فبدون أن يكون هنالك سوطٌ مُسلَط على ظهورنا ، فأننا لانستقيم !! . قلت : وبالطبع فأنتَ نفسك جزءٌ من هذا المجتمع المُنحَط ؟ .. قال : نعم ، جميعنا جزء من هذا المجتمع . قلت : هل هذا يعني ، ان الحكومة غير مُقّصِرة ، في عدم إهتمامها الجدي ، بإيجاد حلول علمية ، لمشلكة الإختناقات " والتي لاتقتصر على مواعيد بداية ونهاية الدوام " ، بل الإزدحام موجود في كُل الاوقات وفي معظم الشوارع ..فحسب رأي جنابك ، ليسَ على الحكومة أيضاً ، بناء حدائق ومتنزهات " لأن بعض الشباب يرتادونها للتحرُش او شرب البيرة " .. ولا ان توجد مدارس وجامعات مُختلَطة ، لانها تتحوَل الى بُؤرٍ للإبتعاد عن التقاليد والقيم النبيلة ! ... وعلى منوال تفكيرك أيها الاخ .. فان كُل الكافتيريات والمطاعم والفنادق ، يجب أن تُغلَق ، لأن جزءاً قليلاً من الناس ، يستخدمونها لمرامي خبيثة ! . يا أخي .. ان المُشكلة في " بناء " الإنسان بصورةٍ صحيحة .. والتركيز على التربية والتعليم منذ الروضة والإبتدائية .. وغرس المسؤولية وإحترام القانون ، في نفوس الصغار .. وتنمية كُل ما هو جيد وإيجابي في شخصياتهم .. صحيح ، ان العملية طويلة وتحتاج الى اموال طائلة وسنين عديدة .. ولكن سينتج عنها ، بشرٌ أفضل تفكيراً منك ومني .. ومواطنين أسوياء يفكرون ويتصرفون بطريقةٍ صحيحة ! .
لم أنتبه .. في غمرة تحَمسي .. الى ان السائق ، كان يتحدث بالهاتف المحمول ، ولا أعتقد انه سمعَ أو فهمَ ، شيئاً مما قُلت ! . وكنا قد وصلنا الى المكان المنشود .. فنزلتُ بهدوء .
.......................
أخشى ان يكون أمثال السائق أعلاه ، كثيرون في مُجتمعنا .. من الذين ، يُقدمون الأعذار الواهية والمُبررات السطحية .. من حيث يدرون او لايدرون .. للحكومة .. في أن لاتهتم جدياً بإيجاد الحلول المناسبة ، للمشاكل الموجودة ، من ناحية .. ومن ناحيةٍ اُخرى ، ترويج وتكريس ، الفكرة المغلوطة ، بأن المجتمع عموماً لايستقيم إلا بتسليط القوة والعنف ! .

 

12/5/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter