|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  13/4/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

" الفساد الإنتقالي " في العراق

امين يونس

من المُصطلحات الشائعة " المرحلة الإنتقالية " و " العدالة الإنتقالية " .. لكن الإبداع العراقي المعهود ، إخترعَ مُصطلحاً جديداً ، هو [ الفساد الإنتقالي ] . وإذا كانتْ المرحلة الإنتقالية ، هي المُدة الفاصلة ، بين عَهْدَين ، ويعتمدُ طولها على كثيرٍ من الأمور والظروف الموضوعية والذاتية .. والعدالة الإنتقالية ، تتضمن الإجراءات الإستثنائية المُتخَذة في المرحلة الإنتقالية ، في كيفية التعامل مع ملف المحسوبين على النظام السابق ، وتشمل مُعاقبة كِبار المُسيئين فقط ، والعفو عن الآخرين ، بحيث ينخرطون في المجتمع تدريجياً .
عند توحيد ألمانيا ، لم تستغرق المرحلة الإنتقالية ولا العدالة الإنتقالية طويلاً ، بِفَضل رُقِي ووَعي الساسة الألمان والمواطنين أيضاً بصورةٍ عامة .. وكذا في جنوب أفريقيا ، بفضل حكمة ونزاهة الزعيم نيلسون مانديلا ومُعاونيه . أما هنا في العراق .. فعشر سنوات مرّتْ ، ولا زُلنا نحبو في متاهات " المرحلة الإنتقالية " ، التي لاتبدو في الأفق ، نهاية قريبة لها . والعدالة الإنتقالية أيضاً ، لم تَجْرِ بصورةٍ صحيحة ونزيهة ، بل خلقتْ بتطبيقاتها المُبتَسرة الإنتقائية ، المزيد من التعقيدات والأزمات .
الظاهرة الوحيدة ، التي إنتعشَتْ .. هي " الفساد الإنتقالي " . ولأن جذور الفساد بأنواعه ، مُمتدة في الجسد العراقي منذ عقود ، والأرضية المُجتمعية مُهيَئة ، مسنودة بالعشائرية والتخلُف وقِلة الوعي وضُعف الإنتماء الوطني .. وقبل هذه العوامل جميعاً .. تَسّلُط طبقة سياسية جَشِعة ، وهيمنتها على المشهد السياسي ، بدفعٍ وتشجيعٍ من المُحتَل الأمريكي .. وإستعداد الغالبية العُظمى من هذه الطبقة ، للإنغماس عميقاً في مُستنقعات الفساد ، ضاربينَ بعرض الحائط بِكُل الشعارات الوطنية والدينية والقومية ، التي كانوا يرفعونها زوراً في السابق . وحتى تجربة أقليم كردستان ، التي سَبقَتْ تجربة العراق الجديد ، بِعقدٍ من السنين ، ولها خبرة إدارية ناجحة " مُفتَرَضة " .. لم تُساعِد على لَجم الفساد في بغداد ، بل أنها رُبما ساهمَتْ بصورةٍ غير مُباشرة ، في تكريس وترسيخ الظاهرة ! . فبدلاً من أن تكون تجربة أقليم كردستان ، مِثالاً يُحتَذى في إدارة الحُكم بِعدالة ونزاهة ، فأن إدارة الأقليم نفسها ، عانتْ ومنذ بداياتها ، من الإحتكار والفساد واللاعدالة في التوزيع .. ونقلتْ هذه الساقية من أمراض الفساد ، الى بغداد .. لِتَصُب في سواقي الفساد الأخرى الكثيرة الموجودة أصلاً ، وتُشّكِل نهر الفساد الخالد ! .
الأحزاب الحاكمة في عموم العراق ، من قضاء الفاو الى قضاء زاخو .. لاتُريد في الحقيقة ، أن يحدث [ تغيير ] جّدي على شكل الإدارة الحالية ، ولا تبديل جوهري في مفاصل الحُكم .. لأنه ببساطة .. الغالبية العُظمى من المسؤولين ، من الرؤساء والوزراء والنواب وأعضاء مجالس المُحافظات .. يغرفون بطريقةٍ أو بأخرى ، من ذاك النهر الخالد : نهر الفساد ! . وما الصراع الإنتخابي الحالي ، وكذلك الذي سوف يعقبه في السنة القادمة ، إلا تنافُسٌ على المواقع التي ، تُتيح للفائزين ، أماكن تُوفِر لهم ، شفط المزيد بِيُسرٍ وسهولة ! . هكذا تُفّكر الاحزاب الحاكمة الحالية .. التي تربطها فيما بينها ( رغم إدعاءات الإختلافات ) أواصر زَمالة طويلة في الفساد ! . هذه الاحزاب المتنفذة الحاكمة .. تُحاول بإستماتة ، أن لايفوز المرشحون المستقلون والنزيهون وأصحاب الأيادي البيضاء .. الذين إذا فازوا ، فسينظفون النهر ، تدريجياً من أدران الفساد .
 

11/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter