|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد 13/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مَنْ ينتفُ ريش الميزانية ؟

امين يونس

شرارة الثورة في تونس ، أشعَلَها شابٌ عاطل عن العمل ، صادرتْ السلطات عربتهُ التي يسترزق بها من بيع الخضار ، فأحرقَ نفسه إحتجاجاً ، بعد ان سُدَتْ بوجههِ كُل السُبُل .. وفتح الطريق بذلك الى حرق النظام ورئيسه ، بعد أن هّبتْ جموع الشعب بمختلف شرائحه وكسرتْ حاجز الخوف . وفي مصر حّطمَتْ الجماهير كُل التوقعات وهشمَتْ النظريات ، وأثبتَ الناس العاديون ولا سيما الشباب ، بأنهم فوق جميع الأحزاب وفوق النظريات الجامدة والآيديولوجيات .. وأنهم سبقوا كافة الأحزاب " المعارضة " التي اُجبرتْ على محاولة اللحاق بالشعب !. ولا زالتْ طلائع الشعب المصري الثائر ، مستمرين في فصول الثورة التي سرقها الإسلام السياسي في وضح النهار . لم يتصدر الثورة المصرية منذ يومها الأول ، شيوخ العشائر ، ولا رجال الدين ، ولا أساتذة الجامعة ، ولا الوجهاء والأثرياء ، ولا حتى البروليتاريا الرّثة ولا الأحزاب السياسية .. بل ان الشباب المُتعلم من الجنسَين ، هُم الذين تَصّدوا للنظام الفاسد ، وأجبروه على التنّحي .

هنا ، في العراق .. وبعد عشرة سنوات من زوال الحكم السابق ، وتماهِياً مع العملية السياسية العرجاء ، وإفرازاتها المُشّوَهة .. فأن ( الحراك الشعبي ) الحاصل اليوم ، في العديد من المُحافظات ، يحمل بين طياتهِ ، نفس سلبيات العملية السياسية .. من حيث " الأسباب المُعلَنة " التي أدتْ الى المظاهرات والإعتصامات .. والى " الشعارات والهتافات " الغالبة .. وكذلك في " قادة " هذه الفعاليات ومُنظميها ، وأيضاً في " التأثيرات " الواضحة للعامل الاقليمي . فأما أسباب هذا الحراك ، فتتلخص في " مظلومية السُنة " وشعورهم بالتهميش .. وهو سببٌ ثانوي وليسَ وطنياً ، ويشبه الى حَدٍ ما ، " مظلومية " الشيعة والكُرد سابقاً . والكثير من الشعارات والأهداف ، مُرتبكة وغامضة ، ف " إطلاق سراح السُجناء " ، وعلى الرغم من إلحاق كلمة ( الأبرياء ) ، فان المُراد حقيقةً ، هو إطلاق سراح جميع السجينات والسُجناء ، والذين أغلبهم من مُقترفي الجرائم الكبرى بِحق الشعب العراقي . واما منظمي وقادة المظاهرات والإعتصامات ، فيتراوحون بين شيوخ العشائر ورجال الدين .. وكِلا المجموعتَين ، لا تصلحان للقيام بإنتفاضةٍ حقيقية ضد الطُلم والطغيان ! . فمعظم " لا اُعّمِم طبعاً " شيوخ العشائر ، يرونَ مصلحتهم الشخصية ورُبما مصلحة عشيرتهم ، أهم من مصلحة الوطن والشعب .. ومعظم " لا اُعّمِم بالطبع " رجال الدين ، غير مُنتجين ولا يقومون بأي عمل فعلي ، غير بيع الكلام للناس البُسطاء والتغرير بهم ! . واخيراً فان الأصابع الخبيثة ، يسهل عليها ، التأثير المُباشر ، على شيوخ العشائر ورجال الدين .. فالأولينَ ولاءاتهم للقبيلة أهم من إخلاصهم للوطن ، والثانينَ يعتبرون الشريعة في مُقدمة الاولويات ! . ومن الواضح ان العديد من السياسيين الإنتهازيين ، يحاولون إمتطاء ظهر الحراك ، للحصول على مكاسب أكثر .

لِكُل هذه الأسباب ، فأن مظاهراتنا وإعتصاماتنا الحالية ، بعيدة كُل البُعد ، عن يوميات الثورتَين التونسية والمصرية .

وبالمُقابل ، فأن السلطة ، فاقتْ الخيال في فسادها المُرّكب وإستهتارها بِكُل القِيَم .. وعندما أقول " السُلطة " فأعني جميع المُشاركين فيها .. صحيح ان المسؤولية الاكبر تقع على عاتق ، إئتلاف دولة القانون ، ولا سيما حزب الدعوة والمالكي ، بما يسيطر عليه من مفاتيح القوات المسلحة والامنية والموارد المالية .. إلا ان شركاءه من الشيعة ، يتحملون جزءا من المسؤولية أيضاً . كذلك التحالف الكردستاني بما له من مواقع كبيرة ، وأيضاً القائمة العراقية ، او " السُنة " إذا جاز التعبير ، بما لهم من مناصب خطيرة . فجميعهم ، متواطئون منذ البداية ، على نتف ريش ديك الميزانية العراقية في كُل سنة .. وما معاركهم المُفتعلة ، إلا صراع على الحصص والمناصب والنفوذ !.

 

11/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter