|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 10/1/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اللوحة المُعتِمة

امين يونس

كلما أحاول ان أجبر نفسي ، على التفاؤل .. وسط هذه الفوضى العراقية العارمة .. تدفعني الاحداث المُتسارعة اليومية .. الى مواقع التشاؤم وتخوم اليأس . فبعض لقطات المظاهرات في أيامها الاولى ، في الفلوجة والرمادي .. كانتْ مُشجِعة ورائعة .. بعيدة عن السياسيين وفذلكاتهم .. شعارات يرفعها شبابٌ واعد .. تدعو الى العدالة في التوزيع ، الى الكرامة وإحترام حقوق الانسان ، وتوفير الخبز والعمل .. لكن الهجوم الكاسح من قِبَل شيوخ العشائر والوجهاء والطبقة الطفيلية الجديدة .. بكلماتهم النارية ولهجتهم المتعالية وغمزاتهم الطائفية .. تزامُنا مع رجال الدين والمعممين والملتحين .. بأساليبهم المُنمقة وترديدهم المُمِل وطريقتهم التلقينية .. كُل ذلك ادى الى إنحراف الحركة الجماهيرية الأصلية ، عن مسارها الطبيعي الإيجابي .. ليسَ في الانبار فقط ، بل في صلاح الدين ونينوى وغيرها أيضاً .

وبنفس الأسلوب الغبي .. الذي عهدناه في السنتَين الاخيرتَين ، في مصر وليبيا واليمن وسوريا .. الخ . فان المالكي وإئتلافه الحاكم .. وبدلاً من الإستجابة الى المطالب [ المشروعة ] للمتظاهرين في المحافظات الغربية .. فأنه قام بتسيير مظاهرات مؤيدة للحكومة وللمالكي ، في المحافظات الجنوبية والوسطى .. رَد الفعل هذا ، يظهر المعدن الحقيقي للمالكي وحزب الدعوة : تركَ كافة المطالب " المشروعة " للمتظاهرين ، من قبيل : إطلاق سراح الموقوفين والسجناء ( الأبرياء ) .. نقل السجناء والمحكومين الى محافظاتهم ، محاكمة المسؤولين عن الإنتهاكات داخل السجون والمعتقلات ، العدالة في توزيع الثروات ، المشاركة الحقيقية في صنع القرار . والتمسُك ببعض المطالب او الشعارات الخاطئة ، التي رفعها بعض المتظاهرين ، من قبيل : المطالبة بالعفو العام بدون إستثناءات ، إلغاء قانون 4 إرهاب ، رفع الاعلام القديمة ، رفع صور صدام واردوغان ، المطالبة بإسقاط النظام ، إطلاق صفات طائفية بذيئة .. الخ . حيث ان المالكي رّكز على هذه الأمور فقط ، وحشد مؤيديه للتنديد بها ، في البصرة والعمارة والنجف ... الخ . هكذا تسير الأوضاع في العراق اليوم ! . مظاهرات في المنطقة الغربية ، ومظاهرات معاكسة في الجنوب والوسط .. والساحة خالية كما يبدو .. من العقلاء الذين يستطيعون وأد الفتنة .. وخالية من الوسطاء المقبولين من الاطراف المتنازعة . فرئيس الجمهورية ميتٌ سريرياً .. ورئيس مجلس النواب أصبح طرفاً وجزءاً من المشكلة ، ورئيس الحكومة هو المشكلة بعينها ، ورئيس أقليم كردستان متخاصمٌ مع الجميع ، والقضاء مُتهمٌ بالتحيز ... فما العمل ؟

هل تسير الامور في العراق ، بصورةٍ حتمية .. بما يجعلنا ، نستنجد أخيراً بالولايات المتحدة الامريكية ( أُم البلاء ) ، او الامم المتحدة ( العاجزة أصلاً ).. لِحل مشاكلنا ؟ وحتى هذه الاطراف .. ليستْ محل إتفاق من جميع العراقيين .. فهنالكَ مَنْ لايثق بحياديتها ! . هل نُدفعُ دفعاً الى التقسيم ؟ ولكن مَنْ يقول ان التقسيم هو الحَل ؟ بل ان الإحتمال الاغلب ، هو ان التقسيم إذا حصل ، وفق الإنقسامات الحادة الحالية ، فأنه لن يكون نهاية المشاكل بيننا ، بل بالعكس سيكون بداية لسلسلةٍ لا تنتهي من الصراعات والحروب البينية ! .

رغم المُكابرة وإدعاء الإيجابية والتفاؤل .. فأن النقاط السوداء تزحفُ زحفاً .. لتُغطي المزيد من مساحة اللوحة السياسية وتغرقها في العتمة .

 

8/1/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter