|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  10/4/ 2013                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الوضع العراقي و ( اللواصِق )

امين يونس

الوضع العراقي وبضمنه أقليم كردستان ، يشبه إناءاً فيهِ العديد من الفطور ، ومُعّرُضٌ للإنكسار والتهّشُم ، إذا تعّرَضَ الى مزيدٍ من الضغوط والأزمات . والذي أبقاهُ مُتماسكاً لحد اليوم ، هو اللواصق على جنبَيهِ وأطرافهِ .. هذه اللواصق ، رُبما تَحُد من النزيف هُنا ، وتمنع التمّزُق هناك .. لكنها لا تُعالج الجروح والامراض بالتأكيد . من هذه " اللواصق " : الدستور ( على عّلاتهِ ) .. الموارد النفطية الهائلة ( رغم الفساد وسوء التوزيع ) .. التوافق والمُحاصصة ( رغم كُل سلبياتها ) .. الولايات المتحدة الامريكية ( الصديق اللدود ) . هذه اللواصق [ الرئيسية ] إذا جاز التعبير ، هي التي تمنع إنهيار ما يُسمى العراق الجديد ! .

وهنالك لواصق [ فرعية ] .. تلعب دوراً ثانوياً ، لكنه مُهم وحيوي أيضاً . فمثلاً السيد رئيس الجمهورية " جلال الطالباني " ، هو بِمثابة لاصقٍ مُرّكَب ، في مُعادلة الحُكم ، سواء في بغداد أو أربيل . فكانَ " إبعاده " الى بغداد ، نوعاً من الحَل ، لتفادي مُشكلة الأقليم ، التي لم تكن تتحّمل " وِفق المعادلات السياسية البائسة " وجود زعيمَين بِحجم البارزاني والطالباني في نفس الوقت ونفس المكان ! .فتمَ بينهما ما يشبه إتفاق جنتلمان ( بعد التشاور والتنسيق مع الامريكان والاطراف السياسية الرئيسية على الساحة العراقية ) ، على أن يصبح الطالباني رئيساً للجمهورية في بغداد ، والبارزاني رئيساً لأقليم كردستان . وهذا ماكان ، منذ 2005 ولغاية اليوم .

لكن وكما كُل شئٍ في هذه الحياة .. فان الأمور [ لاتدوم ] الى ما لانهاية . فالغياب الإضطراري للسيد الطالباني عن الساحة .. أظهرَ جانباً مُهماً من هشاشة الوضع السياسي في العراق والأقليم وإفتقاره الى التخطيط السليم والإستراتيجية الواضحة . فحتى لو لم تنتكس صحة الطالباني ، فأن من المفروض أن تمتلك الأحزاب المتصدِية لتولي السُلطة ، ( بدائل ) جاهزة ومعقولة ومُتَفَق عليها مُسبَقاً من الحلفاء .. فالمالكي مثلاً ، بإعتبارهِ بشراً ، مُعّرضٌ للموت في أية لحظة .. فينبغي لحزب الدعوة والتحالف الوطني ، ان يكون لهم مُرشحٌ واحدٌ على الأقل ، جاهزٌ تماماً لتولي المسؤولية " لحين إجراء إنتخابات "، وحائزٌ مُسبَقاً على مقبولية الأطراف الأخرى الى درجةٍ ما . وكذا الطالباني والبارزاني أيضاً . لكن هذا ليسَ مُتبعاً .

ولهذا فان غياب الطالباني ، أحدثَ مجموعة من المشاكل : ففي بغداد ، ولا سيما بعد هروب نائب الرئيس طارق الهاشمي .. فان خضير الخزاعي ، إنفرد بمهام رئاسة الجمهورية ، وذلك لا يرضي العديد من الأطراف السياسية . وكما يبدو فان المُدة الباقية من هذه الدورة ، أي حوالي السنة ، وكذلك عدم إتفاق الأطراف الكردستانية فيما بينها .. أدى الى ( عدم ترشيح خليفة للطالباني للفترة المتبقية ، وبقاء الأمر مُعلقاً والمنصب شاغراً ، لغاية الإنتخابات القادمة ) . وبما أن هنالك ، توزيعٌ للأدوار ، بين الحزبَين الحاكمَين في الأقليم ، الديمقراطي والإتحاد ، وترابطٌ جدلي ، بين منصب رئيس الجمهورية في بغداد ، ورئيس الأقليم في أربيل . فأن قيادة الإتحاد ، إقترحتْ أن يُمّدَد لرئيس الأقليم ، مدة سنتَين إضافيتَين " بعد إنتهاء دورتهِ في 15/7/2013 " .. ومن الطبيعي ، ان ذلك يُريح الحزب الديمقراطي ! ..

وتجري الآن مُحاولات لإقناع احزاب المُعارضة ، بجدوى تمديد فترة رئاسة الأقليم . فخلال هاتَين السنتَين : أما ان يتوفى السيد الطالباني الى رحمة الله ، أو تتحّسن صحته تماماً ويزاول نشاطه " .. وتكون إنتخابات مجالس المحافظات والإنتخابات التشريعية ، قد اُجرِيَتْ ، وتمَ معرفة أحجام الاحزاب المُختلفة على الساحة الكردستانية .. والتي على ضوئها ، سيتم صياغة التحالفات الجديدة .

ان زوال [ لاصقة ] فرعية واحدة ، متمثلة بالسيد الطالباني .. خلقَ العديد من الإشكالات والإرباكات في بغداد والأقليم على السواء .. فكيف إذا اُزيلتْ لواصق اُخرى أهَم ؟!
 

9/4/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter