|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  10 / 8 / 2013                             أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تداعيات إعتزال مُقتدى الصدر

امين يونس

إعلان السيد " مُقتدى الصدر " عن إعتزالهِ للسياسة وتركه قيادة التيار الصدري .. خطوة غريبة وجريئة ، لم تشهد الساحة السياسية العراقية ، مثيلاً لها . فهنالك سياسيون أو رجال دين ، يمتلكون بضعة أعضاءٍ فقط في مجلس النواب ، ويتمسكون بتلابيب السٌلطة والنفوذ .. في حين ان " مقتدى الصدر " يتزعم أكبر كتلة برلمانية ، متكونة من 40 عضواً ، أي ما يُقارِب ال 12% من مجموع ألأعضاء ! .
- لا يمكن إستبعاد الدَور الإيراني في مسألة إعتزال السيد مقتدى الصَدر .. فَمَهما قيل من أسباب مُعلَنة حول إستياء الصدر ، من بعض الجماعات المحسوبة على التيار وعدم إنصياعهم لأوامره .. أو يأسه من إصلاح الأوضاع في العراق .. أو سعيه لإستحصال العلوم الدينية والفقهية وإكمال دراسته الحوزوية سواء في النجف او قُم ... الخ من هذه الأسباب غير المُقنِعة . فأن العامل " الإيراني " يبرز ليكون في مُقدِمة الأسباب التي قادتْ الى إتخاذ هذا القرار .
- بدايةً .. ينبغي ان ان لاننسى ، ان ظهور السيد " مُقتدى الصدر " بعد 9/4/2003 .. وبروزه السريع وصعوده الصاروخي ، لم يكُنْ طبيعياً .. فإيران التي رَعَتْهُ ولَمعتْهُ وسَوقتْهُ .. لكي يكونَ مُوازِناً وكابحاُ أيضاً ، للقوى الشيعية التقليدية مثل المجلس الاعلى الإسلامي ولا سيما حزب الدعوة " في حالة إنسياق حزب الدعوة وراء مواقف فيها إستقلالية عن السياسة الإيرانية " . إيران كانتْ تدرك جيداً ، ان كُل مُؤهلات ومزايا " مُقتدر الصدر " تنحصر فقط ، في كونه سليل عائلة [ الصدر ] ذات الصيت الواسع في الاوساط الشيعية العراقية . وانه أي مقتدى الصدر ، يفتقر الى كافة المواصفات الأخرى التي تُؤهله ليكون [[ زعيماً ]] ، من قبيل : الكاريزما المناسبة ، والثقافة العامة العالية ، وإمتلاكه ناصية الحديث والإسترسال والإقناع ، والدراسة الإكاديمية أو الحوزوية ، والشجاعة الشخصية والإقدام ، والخبرة اللازمة للتعامل الجيد مع المتغيرات السريعة .. الخ . ( في مُقارنة بسيطة ، بينه وبين " عّمار الحكيم " الشاب أيضاً ، فأن الكّفة تميل بوضوح لصالح الحكيم ، كما اعتقد ) .
- بقي " التيار الصدري " ، حركة ، منذ ظهوره ولحد اليوم ، ولم يرتقي الى مصاف " الحزب " ذو التنظيم الواضح والبرنامج المُحّدَد . ولهذا فالتيار يضُم الكثير من الناس ذوي التوجهات المُختلفة .. من أقصى اليمين الديني المذهبي المتطرف .. الى المُعتدلين الى اليساريين ، وصولاً الى ما يُمكن تسميته بحُثالة البروليتاريا . والتيار شأنه شأن معظم التشكيلات السياسية ، المتواجدة على الساحة العراقية .. قَبلَ بين صفوفه ، البعثيين السابقين .. بل رُبما بالغَ في ذلك ، بترحيبه بفدائيي صدام السابقين ، بخلفياتهم المشبوهة ! . إذن لايمكن التعامُل مع التيار الصدري ، بإعتباره حزباً له برنامج واضح المعالم .. بل هو حركة شعبية تضم بين طياتها الكثير من التناقضات !.
- لعبَ " جيش المهدي " ، الذراع المُسلح للتيار الصدري .. دوراً مُهماً في السنوات من 2004 لغاية 2008 ، وكان طرفاً في كُل المواجهات المُسلحة ، الطائفية منها وغيرها . ودخل في صراعٍ مُميت مع الدولة الفَتية ، مُمّثلة في الجيش والشرطة ، أبانَ حكومة أياد علاوي وبعدها المالكي ، سواء في النجف وكربلاء وبغداد أو البصرة . وتخللَ ذلك ، عمليات ضد قوات الإحتلال الأمريكي أيضاً . جيش المهدي ، كان له صولات وجولات ، وما زال .. في الوقوف ، بوجه المظاهر المدنية في المجتمع ، إذ ان هنالك شكوكاً في كونه وراء ، حملات ما يُسمى ( الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ) .. في البصرة وبغداد وغيرها . [ إذ ان قرار تجميد أو حَل جيش المهدي ، قبل سنوات ، لم يكن جدياً ولا ناجزاً بصورةٍ فعلية ، كما يبدو ] .
والسؤال الآن .. وبعد الإعتزال المُعلَن ، للسيد " مقتدى الصدر " .. فماذا سيكون مصير جيش المهدي ؟ ومَن سيستطيع لجمه ؟
.....................
من نافلة القول ، ان هنالك شخصيات مُحترمة وذات قابليات مُعتبرة ، من عائلة " الصدر " ، تستطيع التصدي لقيادة التيار في المرحلة القادمة .. لكن أعتقد ان العديد من هؤلاء ، لن يفعلوا ذلك ، لأنهم كانوا بالأساس ، ضد توجهات وسياسة التيار خلال السنوات السابقة . وأيضاً ، فأن إيران غير راضية عن بعض هذه الشخصيات .
في حالة حدوث إضطراب داخل كتلة " التيار الصدري أو الأحرار " ، وظهور بوادر تفتيتها ، فأن ذلك سيؤثر ، على مُجمل التوازنات الحالية ، وتداعياتها ستتجاوز الساحة الشيعية ، لتصل الى خارطة التحالفات في الساحة العراقية عموماً .
................................
هل ان ( غياب ) مقتدى الصدر عن الساحة السياسية ، هو مظهرٌ لتغييرات في السياسة الإيرانية تجاه العراق ، في الأيام الاولى من حكم الرئيس الإيراني الجديد " حسن روحاني " ؟ .

 

7/8/2013
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter