|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 02/11/ 2012                              أمين يونس                         كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أرباح الإحتكارات هي الأهم

امين يونس

إذا كانتْ الفرضيات التالية صحيحة ، فمن المُمكن بناء بعض الافكار عليها :

- ان الصلاحيات الفعلية للرؤساء الأمريكيين ، والزُعماء الغربيين بصورةٍ عامة .. ليستْ واسعة ولا يستطيعون إتخاذ القرارات بصورةٍ [ مُنفردة او مزاجية ] .. وهي أقل كثيراً من الصلاحيات شُبه المُطلقة .. لِلحُكام المُستبدين في البلدان غير الديمقراطية .

- هؤلاء الرؤساء في الدول الغربية .. ليسوا مُقّيَدين فَقط ، بتوازنات البرلمانات ، ونشاط منظمات المجتمع المدني ونقد ورقابة الصحافة .. بل انهم يأخذون بِجدية آراء ومواقف " المُعارضة " من جميع الأمور ، ويحسبون لها الحساب قبل الشروع في أية خطوة .

- رؤساء وحكومات الدول الغربية الصناعية .. تُؤثِر فيهم الكارتلات الكُبرى والشركات العملاقة والبنوك الضخمة .. ليس من تأريخ تَسّلُمهم لمناصبهم .. بل قبل ذلك بكثير . إذ ان [ صناعة الرؤساء ] باتتْ أمراً واقعاً .. فالمعاهد المُتخصصة ( التي العديد منها ، مُمَوَلة مِنْ قِبَل تلك الكارتلات أصلاً ] ، تُشّخِص الأفراد المتميزين والنوابغ في مُختلِف الإختصاصات ، منذ شبابهم المُبّكِر .. وترعاهُم وتراقب تطورهم وتقدمهم بِدقة .. ثم تفرزهم على عدة مراحل ، وتُرافِق المُرشحين المُحتَمَلين لِلعب أدوار مُهمة في السياسة خلال السنوات القادمة .. وفي الفصل الأخير تتبنى صعودهم التدريجي ، وصولاً لترشيحهم للمناصب العُليا . أي بِمعنى آخر .. ان التأثيرات غير المَرئية للكارتلات الصناعية والشركات الكُبرى ومراكز المال ، كبيرة للغاية ، على مُجمل السياسة الغربية .

- أبرز الكارتلات التي تُحّرِك السياسة العالمية .. هي نفسها التي تقود إقتصاديات العالم ، من خلال تحّكُمها ب : الغذاء / الطاقة / المال / الدواء / السلاح . وليسَ بالضرورة ، ان يكون أباطرة المال والنفط والسلاح .. رؤساء للبلدان الغربية .. فأنهم كما يبدو ، يوجهون ويقودون ويسيطرون ، على هؤلاء .. عن بُعد .

أعتقد ان مجرى الأحداث ، ولا سيما في العشرين سنة الأخيرة ، بعد أنهيار الإتحاد السوفييتي ومُحاولات الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية ، فَرض سيطرته على العالم ، وهيمنته مُختلفة الإتجاهات .. أدتْ الى التَبّدُل في الوسائل التي كانتْ مُتبعة في المراحل السابقة .. فلم يَعُد التدخُل العسكري المباشر والإحتلال ، من الطُرق المُفضلة .. وحّلَ محلها .. إحتكار التكنولوجيا ، والسيطرة على مصادر المياه والطاقة والغذاء .. وكذلك " صناعة " الحروب هُنا وهناك ، ونادراً ما تقوم القوات الغربية ، بالإشتراك المباشر في المعارك [ والحرب في أفغانستان والعراق ، كانتْ كما أرى .. تجارب فاشلة ، لن يقوم الغرب بتكرارها على المدى المنظور ] .. إذ ان الأجدى والأقل كُلفة .. هو ( قيام الآخرين بخوض الحروب نيابةً عنها ! ) .. وطالما ، كانتْ مفاتيح المال والغذاء والطاقة ، بيد الغرب .. فأن من السهولة بِمكان .. خلق بؤر توتر في العديد من مناطق العالم .. والإستغلال الأمثل لشعارات : حقوق الإنسان وحرية الشعوب والعدالة والديمقراطية ... الخ . وكذلك التلاعُب بالإختلافات الدينية والمذهبية والعرقية .. وتحريكها حسب الحاجة . ومن الطبيعي ان " الفساد / اللاعدالة / غياب القانون / التخّلُف / الأمِية والجهل / الفُقر / الحكومات الدكتاتورية " كُلها أجواء مواتية وأرضيات ملائمة .. لكي يقوم الغرب بتنفيذ أجنداته .

من خلال حروب الخليج ، التي خاضها صدام بدلاً عن الغرب على مدى أكثر من عشر سنوات .. إستطاعَ الغرب ولا سيما الولايات المتحدة .. تثبيت أقدامهِ في الخليج بِقوة ونشر قواعده العسكرية / بيع الطائرات والمعدات العسكرية الاخرى الى مُختلف دول المنطقة جراء هذه الحروب بمئات المليارات من الدولارات / النشاط المنقطع النظير للشركات الغربية في إعادة ما تهدَم من البنى التحتية وغيرها ، وإنتعاش إقتصاديات هذه الدول وإنخفاض البطالة فيها / الخسائر الخرافية لدول المنطقة ، ولا سيما العراق الذي تَدّمر كُلياً / تأمين تدفق النفط الرخيص من الخليج .

نجاح الغرب ، في إفراغ " الثورات " العربية من محتواها التقدمي التغييري .. وإلهاء الشعوب في صراعات جانبية تافهة غير مُجدية .. من خلال الدعم المباشر وغير المباشر ، لأحزاب الإسلام السياسي ، وتشجيعها على السيطرة على الحُكم بوسائل " ديمقراطية " كما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن ، و سوريا على الطريق . في الوقت الذي ترعى " إدامة الأزمة " في العراق من خلال الطبقة الفاسدة التي تدير شؤون البلد .

أرى ان الإحتكارات الغربية الكُبرى المُتعددة الجنسيات والمُتعدية للقوميات والدول .. هذه الإحتكارات التي تُهيمِن على حكومات البلدان الكبيرة في العالم .. والتي لابُد لها موطأ قدم في العراق عموماً ، ببغداده وأربيله .. من خلال الطبقة السياسية المتنفذة منذ تسعة سنوات ، والتي كما يبدو ، ان بعض رموز هذه الطبقة ، يُشكلون " أصابع " موطأ القدم ذاك .. فأعتقد ان أهم شئ بالنسبة للغرب والولايات المتحدة الامريكية وهذه " الأصابع " .. هو الأرباح والمكاسب التي تتراكم في جيوبها يوماً بعد يوم .. اما الإستقرار والإزدهار للبلد ، والامان والتقدم للشعب ، والديمقراطية الحقة والعدالة .. فهي فقط شعارات للتسلية وخداع الناس .

31/10/2012

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter