|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  5 / 3 / 2021                                علي عبدالواحد محمد                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أنت لا تنزل الى النهر مرتين

علي عبد الواحد محمد 
(موقع الناس)

إنها العبارة الفلسفية الشهيرة للفيلسوف اليوناني هيراقليطس ،والتي تعلمناها منذ الصغر، ومررنا عليها مرور الكرام .والإكتفاء بالقول إن الكون من حولنا ونحن منه ، هو في تغيير مستمر ، فجزيئات الماء هي دائما غيرها، ولذلك فالنهر هو غيره. ولا يكون نفسه في اللحظة الأخرى. ولقد وضعت الحياة بأيدينا هذا التغير المستمر في ماهية الأشياء،كي نستفيد منها في تحديد إتجاه هذا التغير.

هذه العبارة البليغة تضعنا امام التفكر بأهمية الفلسفة، وبالتحديد امام أهمية الديالكتيك ،في إستنتاج المواقف الحياتية ، سواء في الطبيعة او في المجتمع أو في التفكير ، وفي صياغة المواقف والتقييمات ، ومنها المواقف الفكرية والسياسية.

لو توقفنا عند المواقف السياسية، فالحديث عنها يأخذ أبعادا، تستدعي التأمل من جهة، والسير في مسار غير مألوف، بالنسبة للحركة السياسية ، والحزب المعني ، على إعتبار إن ما يبدو واضحا للعيان في اللحظة المعينة هو غيره في الواقع المتحرك. ولذلك فإن ما أصطلح عل تسميته إستراتيج الحزب، او سياسات بعيدة المدى، سوف لن تصمد أمام التغيرات الدائمة، .التي تسببها العوامل الموضوعية الكامنة، وكذلك عوامل المصلحة الذاتية، التي تحرك هذا الكيان السياسي أو ذاك، ولدينا في الواقع العملي أمثلة متنوعة عن النجاحات وعن النكوص، في الخطط الآنية والخطط بعيدة المدى من توزيع وإعادة توزيع ، التي تنجحها أو تفشلها عوامل خارجة عنها،أو عواملها الذاتية.

من هذه الرؤيا الواقعية (التي تحمل ايضا في طياتها عوامل التغيير)، يمكننا فحص البرامج والسياسات التي تصاغ في مؤتمرات الأحزاب. وأخص منها الأحزاب العمالية . التي شهدت تغيرات واسعة في بنيتها الطبقية، واتسعت لتشمل فئات جديدة كانت لا تحسب على قوام الطبقة العاملة، ولكن سنن التطور وضعتها في صفوفها، فهي لا تملك وسائل الإنتاج، ولكنها تملك قوة العمل الفكرية، والبدنية الفيسيولوجية،وكذلك لها موقعها المختلف، في حصتها من توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي، واقصد بهم شغيلة الفكر ،وقسم من مدراء أقسام الإنتاج. هذا الإتساع ادى بما لا يقبل الشك الى إتساع المصالح وتنوعها. وربما يفسر هذا تعدد الأحزاب العمالية، وإختلافها في برامجها، وبتقديري هذا عامل قوة لها، لأن التنوع وكما قيل هو مصدر قوة، وذلك لإتساع مصالحها، وعدم تعقدها.

الأحزاب العمالية وسياسة التحالفات:
على ضوء ما جاء في هذا الموضوع عن التغيير الدائم في الرؤية والمصالح، فإن عقد التحالفات ما بين الحزب العمالي ، والأحزاب غير العمالية وفق برامج طويلة المدى لن يكتب لها الإستمرار بهذا التحالف ، إذ سرعان ما تسري الخلافات والتباينات في الرؤى، برغم البرامج المتفق عليها، لأن إيقاع التغيير الجاري، سوف يجعل البرامج متخلفة عن الواقع، او سابقة له (فالتغيير ربما يجري عكس الإتجاه) ، فالحل حسبما أرى القيام بإتفاقات أو تحالفات على نقاط محدودة، وليست متعددة، يتم حسابها بدقة ، ومراجعة ما تغير منها في الواقع العملي وفحص ومراجعة إتجاه التغيير الجاري. لذا ارى أن يكون الحزب العمالي الذي يعقد الإتفاق مع الحزب غير العمالي أن يكون متأهبا دائما لمراجعة موضوع الإتفاق وسيرورته.








 





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter