|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  26 / 11 / 2015                                 عباس طريم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



هذه هي امريكا

عباس طريم
(موقع الناس)

لم نكن نتوقع يوما ان نصل الى امريكا .. ونعيش وسط ظهرانيها , ونحسب على شعبها كمواطنين . لكن الايام دارت دورتها , وتعقدت الاحداث ورمت بنا تداعياتها في احضان الولايات المتحدة الامريكية .وعشنا وسط ذلك المجتمع الذي لا نعرف عنه غير الذي يصلنا عبر القنوات التلفزيونية , ومن خلال الصحف والمجلات , وعبر الافلام السينمائية . عشنا في مجتمع امريكي منفتح يحترم الانسان .. بغض النظر عن انتمائه وجذوره . الواسطة ليس لها مكانا في ذلك المجتمع , والرشوة بعيدة عنه كل البعد ولا يعرفها.. فكل فرد يأخذ حقوقه دون الحاجة الى مساعدة احد , والقانون يساوي بينك وبين اي فرد امريكي اخر , ويظل اللاجيء تحت الرعاية الصحية وتأمين جميع احتياجاته .. حتى العثور على عمل يناسبه ويستطيع التكيف معه . وعندما يشعر اللاجيء بالمرض .. فما عليه الا ان يتصل بشركة التأمين التي تسارع بارسال سيارة لتقله الى اقرب مستشفى , وهناك يجد المعاملة التي اقل ما نقول عنها, انها قمة في الانسانية . فالكل يبتسم بوجهه ويحييه , وكأنه يعرفه منذ زمن بعيد .ويبدأ الفحص الدقيق والمكثف .. كي يقفوا على معرفة العلة , ويتلقى المريض افضل الادوية وافضل معاملة , ويظل تحت الرعاية الطبية حتى يشعر انه وصل درجة الشفاء التام , واذا استوجب اجراء عملية , [ فالانشورنز ] كفيل بدفع المبلغ حتى لو وصل حد المليون دولار . وعندما يتم التأكد من وصوله درجة الشفاء التام , يأمر الطبيب بخروجه من المستشفى .كل ذلك دون مقابل , ودون ان يدفع [قرشا واحدا] . ويسمح للاسر ذات الدخل المحدود .. تقديم طلبا للحصول على بيت من الحكومة .. حيث يوجد برنامج خاص [سكشن ايت أوهاوسنك] لتلقي الطلبات لدراستها .. ثم البت فيها .. ويحصل اصحاب الطلبات المستوفية للشروط .. على بيوت حسب عدد افراد العائلة , ونسبة دخل كل منهم .. هذه البيوت .. تدفع ايجارها الحكومة الامريكية عبر برنامج خاص يشمل الجميع . ثم يأتي دور الاطفال الذين يتم الاعتناء بهم منذ الصغر .. فيدخلوا الروضة اولا , ثم ينتقلون الى الابتدائية والمتوسطة والثانوية , ثم الكلية . حيث يختار كل منهم ما يناسبه من فروع الدراسة واختصاصاتها . ويظل الاعتناء بالاسر قائما حتى يصل كبار السن الذين لا يستطيعون العمل .. وبمجرد تقديمهم طلبا للحصول على التقاعد .. يأتي الجواب على جناح السرعة ليساعد المتقاعد على شراء ما يحتاج من مواد لسد حاجته , ويجنبه الفاقة والعوز .وهناك عدة برامج لكبار السن الذين لا يجدون من يهتم بشؤونهم فهناك بيوتا جاهزة تحتوي على كل ما يحتاج له الفرد , وهناك من يعتني بطلباتهم وتأمين الدواء في الوقت والساعة , اضافة الى وجبات الاغذية التي تتلاءم وصحتهم تصلهم [ حارة وطاذجة ] وسيارات خاصة لخدمتهم وطاقم يعمل الليل والنهار على راحتهم . وهناك فترة لكل لاجيء لا تتجاوز الخمس سنوات يبدأ التقديم للحصول على الجنسية الامريكية .. وما ان يجتاز المتقدم الاختبار .. حتى يحصل على الجنسية الامريكية . ويصبح مواطنا امريكيا حاله حال الذي عاش في امريكا منذ اكتشافها . وفي امريكا الكثير من المنظمات الانسانية التي تقدم خدماتها دون مقابل , لكل من يحتاج الى مساعدة . ومع ان امريكا مرت بانتكاسة اقتصادية .. الا انها لم تبخل بالاستمرار بواجبها اتجاه مواطنيها , ولم تتوقف عن تقديم الاحتياجات لشعبها, وظلت على نفس النفس , ونفس البرامج التي اعدتها لمساعدة ابنائها , ولم نلمس اي تغيير في هذا الجانب .

في امريكا .. لا يسأل الفرد عن انتمائه الديني ، كما يحدث في الدول العربية التي تسأل العربي حين دخوله .. هل هو سني ام شيعي , او تستدل على انتمائه من خلال اسمه , فيتعامل على هذا الاساس . ففي امريكا يعيش المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي . في مكان واحد . يجمعهم الوطن , وعلاقتهم دائما ودية .. والدين لا يقف حائلا دون ذلك الود . [ فالدين للفرد والوطن للجميع]

وكل فرد حر في تصرفه .. لا احد يقف امام اهدافه وتطلعاته .. ما دامت لا تتعارض والقانون الامريكي , ولا تخالف القوانين المرعية .

ونحن المسلمون .. الشيعة والسنة , لنا مساجدنا التي يحترمها الجميع , ولا احد يستطيع ان يعتدي عليها , طالما يحميها القانون الامريكي . ولم نسمع يوما ان احدا تجاوز علينا , او طرق الباب لاي سبب كان . فالامان مستتب في كل ركن وبيت , ونحرص على اقامة مناسباتنا الدينية والوطنية .. تحت حماية وحراسة الشرطة الامريكية التي تنظم مسيراتنا , وتحرص على سلامتنا حتى نهاية المسيرة .

هذه هي امريكا .. مهد الحرية والديمقراطية حقيقة .. وليس كلاما للبيع والشراء .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter