|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 9/1/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 في العراق: ازمة متفاقمة ومخاطر جدية

عبد الرزاق الصافي

بعد ان بدا ان التوتر الذي نجم عن اتهام السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية السابق بإرتكاب جرائم عن طريق افراد حمايته واحد اقاربه ،ومن ثم الحكم عليه بالاعدام غيابياً خمس مرات،قد خف، واصبحت قضيته جزءاًمن التاريخ العكر للصراعات بين الكتل السياسية ، حتى اطلت علينا ازمة اشد عندما جرى اعتقال عدد من حماية قطب آخر من اقطاب القائمة العراقية السيد رافع العيساوي، والاعلان عن ان عدداً من افراد حمايته اعترفوا بتلقيهم توجيهات منه لإرتكاب جرائم قتل. الامر الذي استثار قيام مظاهرات في محافظة الانبار ضمت عشرات الوف المواطنين غالبيتهم من الشباب رفعت مطالب قابلة للتلبية من قبل السلطات المختصة ، تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين الابرياء وخصوصاً النساء اللواتي قيل انهن لقين معاملة فظة في المعتقل وصلت حد الادعاء بإغتصاب بعضهن. ورافق المظاهرات اعتصام في الشارع وقطع الطريق الدولي المؤدي الى سورياً والاردن ، ومطالبات بإلغاء المادة اربعة ارهاب التي شُرعت من قبل السلطات لمكافحة الارهاب، وبإلغاء قانون المساءلة والعدالة. ولم تفوّت الجهات المعادية للوضع من ارهابيين وبعثيين صداميين الفرصة للاندساس في صفوف المتظاهرين ورفع اعلام النظام المنهاروصورة صدام على الضد من ارادة غالبية المتظاهرين. وبث عزت الدوري الهارب من وجه العدالة شريطاً مصوراً استهدف اثارة الفتنة الطائفية .

وبدلاً من ان تعالج السلطات الحكومية بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي الوضع الناشىء بروية وهدوء والاستجابة لبعض المطالب العادلة التي نادى بها المتظاهرون واعترف بها المسؤولون في وقت متأخر، عمدت الى التصريحات المتشنجة التي سعّرت الوضع اكثر وادت الى توسّع المظاهرات وشمولها محافظتي نينوى(الموصل) وصلاح الدين (تكريت).

ولذا حصل شرخ كبير بين القوى السياسية التي تتألف منها الحكومة . هذا الشرخ الذي تجسد بشكل واضح في الجلسة التي عقدها البرلمان العراقي يوم الاحد الماضي. وهي الجلسة التي دعى اليها رئيس البرلمان السيد اسامة النجيفي على الضد من ارادة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وكل الكتل التي يتألف منها (التحالف الوطني) الشيعي عدا كتلة الاحرار التابعة للسيد مقتدى الصدر. ولذا قاطع التحالف الوطني، في ما عدا الصدريين،جلسة البرلمان، التي كانت ،في الواقع ، في طابعها العام مظاهرة ضد المالكي ومن معه من اطراف التحالف الوطني ، الذين ردوا على الجلسة بمؤتمر صحفي نددوا فيه بالسيد النجيفي وطعنوا بشرعيته وبالجلسة التي عقدها البرلمان وعدّوها غير شرعية ومخالفة للدستور.

وفي هذا الوضع المتأزم ، الذي يثير قلق الجماهير الواسعة من ابناء الشعب ، لما يمكن ان يسببه من اخطارجسيمة لا تحمد عقباها، تعاظمت الدعوة للرجوع الى الشعب عن طريق حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة وصارت ترد-اي الدعوة- على لسان المالكي وعلاوي بعد ان كانت في السابق تقتصر على القوى الديمقراطية من خارج البرلمان وبعض البرلمانيين. غير ان هناك فرقاً بين دعوة القوى الدمقراطية من جهة ودعوة علاوي والمالكي من جهة اخرى . ذلك ان القوى الديمقراطية تطالب بالرجوع الى الشعب واجراء انتخابات مبكرة نزيهة بعد توفير مستلزماتها من مفوضية علياً للانتخابات مستقلة حقاً . وان تجري على يد حكومة حيادية تتألف من عناصرنزيهة ووفق قانون انتخابات يضمن تمثيل كل القوى السياسية بنسبة ما تحصل عليه من اصوات الناخبين وان يجري ابعاد تأثير المال السياسي الذي يسعى الى شراء اصوات البسطاء من الناخبين ، كما حصل في الانتخابات السابقة . فهذا هو طريق الخروج من الازمة والإنتهاء من لعنة المحاصصة الطائفية والاثنية التي كانت السبب الاساسي لكل ما حدث في البلاد من ازمات وما شوّه العملية السياسية وافسدها.

ويقيناً ان هذا لن يحصل بسهولة ويتطلب حشد جهود كل القوى الخيرة التي تضع مصلحة الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية الضيقة السائدة حالياً .
 


لندن 6/1/2013
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter