|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 8/5/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 الحوار في العراق يحقق نصف انتصار

عبد الرزاق الصافي

في كل الازمات المتلاحقة في العراق منذ انتخابات 2010 حتى الآن ، كان الحريصون على مصالح الشعب وامنه يؤكدون على القوى المتنفذة المتحكمة بالعملية السياسية ضرورة اللجوء الى الحوار لإيجاد الحلول للازمات المستفحلة ، دون ان يجدوا اذنا ً صاغية من لدن من بيدهم زمام الامور. ولذا كان من الطبيعي ان تتفاقم المشاكل وتزداد الازمة تعقيداً، حتى باتت تهدد بنسف العملية السياسية وتعريض الوطن والشعب الى الفتنة الطائفية وإثارة الحرب الطائفية من جديد، التي اكتوى بها الشعب في سنوات 2006 -2008 ، واودت بحياة الالوف من ابنائه الابرياء وغالبيتهم الساحقة من الكادحين والفقراء.

وقد اشتد الحاح المواطنين الحريصين على مصالح الشعب وامنه على ضرورة اللجوء للحوار عند تفاقم الازمة خلال الاشهر الاربعة الاخيرة ،هذا التفاقم الذي اثار قلقاً جدياًوخوفاً من اندلاع العنف بين الجماهير التي اعتصمت في المدن العراقيةالتي تسكنها اغلبية سنية من جهة وقوات الامن التي تأتمر بأمر الحكومة التي يقودها التحالف الوطني الشيعي. وكذا الحال في اشتداد التوتر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم الذي قارب التصادم بين قوات الطرفين في طوزخورماتوقبل اسابيع.

ولم تقتصر الدعوة للحوار وحل الخلافات عن طريق الحوار بين الاطراف المعنية درءاً للكارثة التي تهدد البلد والشعب، على القوى الداخلية، إذشملت الدعوة قوى خارجية اوربية وامريكية والامم المتحدة ممثلة بمندوب الامم المتحدة في العراق باتلروالامين العام للامم المتحدة بان كي مون .

ولحسن الحظ اثمرت الضغوط الداخلية والدولية على الاطراف المتصارعة وحملها على اللجوء للحوار لحل الخلافات التي كانت تبدو وكأنها مستعصية ودفعت حكومتي بغداد واربيل الى الجلوس الى طاولة الحوار المسؤول والوصول الى اتفاق قبل نحو اسبوع، بعد مجيء وفد كردستاني عالي المستوى برئاسة نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان الى بغداد ، اتفاق يفتح افقاً لحل المسائل المختلف عليها وادى الى انهاء مقاطعة الوزراء والنواب الكرد للحكومة ومجلس النواب اللذين كانا شبه معطلين بحكم هذه المقاطعة ومقاطعة غالبية نواب ووزراءالقائمة العراقية التي يقودها الدكتور اياد علاوي.

وكان لابد لهذا الاتفاق ان يؤثر على الجانب الآخر للأزمة ، ألاوهو الاعتصامات في الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى . هذه الاعتصامات التي اخترقت من قبل اعداء العملية السياسية والساعين لإثارة الفتنة الطائفية . فبعد ان صعّد المعتصمون في اكثر من مدينة سقف مطالبهم لحد حرق هذه المطالب والاصرار على مطلب واحد وحيد هو اسقاط حكومة المالكي ، عاد المعتصمون في الانبار الى تكليف المرجع الديني السني المرموق الشيخ عبد الملك السعدي ليمثلهم في التفاوض مع الحكومة بشأن مطاليبهم. وكان لافتاً رد سماحة الشيخ السعدي على هذا التكليف بالاعتذار والطلب من المعتصمين انتخاب وفد منهم يمثلهم للتفاوض مع الحكومة واعرب عن استعداده للتعاون مع الوفد المنتخب، واشفع طلبه هذا بتوصية المعتصمين بالتمسك بسلمية تحركهم ومنع الساسة من التحدث بإسمهم بسبب محاولة الساسة استغلال تحرك المعتصين لأغراضهم الخاصة ،على ما يبدو.

الازمة لم تنته غير ان افقاً لحلها سلمياً قد انفتح بالاتفاق بين حكومتي بغداد واربيل وعودة الوزراء والنواب الاكرادالى مراكزهم في بغداد وتوجه المعتصمين ،إذا ما اخذوا بنصيحة الشيخ السعدي نحو انتخاب من يمثلهم بعد عزل المندسين والمتطرفين وانتخاب من يمثلهم للحوار مع الحكومة. الامر الذي يمكن اعتباره نصف انتصار،إن لم يكن اكثر.

ومع ذلك ينبغي على الحريصين على مصالح الشعب والوطن حيثما وجدوا ان يظلوا يقظين لمواصلة الضغط من اجل حل كل الخلافات عن طريق الحوار وليس عن طريق التعنت والتصريحات الاستفزازية وطرح مطالب غير دستورية.
 


لندن 5/5/2013

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter