|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 6/2/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 فيضان دجلة امتحان جديد للشعب العراقي

عبد الرزاق الصافي

فيضان دجلة هذا الاسبوع عاد بي الى العام 1954 حيث شهدت بغداد فيضاناً عارماً هددها بالغرق . يومها هبت جماهير بغداد الى السدة الشرقية (سدة ناظم باشا) ،وهي السدة التي تحمي بغداد من جهة الشرق التي يأتي منها الخطر، بدعوة من القوى الديمقراطية لعدم ثقتها بجهود الحكومة وحدها ،التي قصّرت في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بدرء الكارثة ، رغم التنبيهات من جانب بعض النواب والاعيان الوطنيين ،التي اعلنوها في مجلس الامة .

كنت يومها طالباً في الصف الرابع في كلية الحقوق. واتذكر جيداً كيف خرجنا الى السدة ليلاً واسهمنا بجد في ملء اكياس الجنفاص بالرمل لتعزيز قدرة السدة على صد المياه التي تدفعها الريح العاتية عن عبور السدة. وجرى انقاذ بغداد بفضل جهود جماهير الطلبة والشبيبة الى جانب جهود الجيش والشرطة .
كان امتحاناً عسيراً نجح فيه الشعب العراقي الذي توحد، بكل اطيافه لدرء الخطر الجسيم.

فيضان 1954 كان نتيجة ذوبان الثلوج الكثيفة في ذلك العام في شهر نيسلن/ ابريل بسبب ارتفاع حرارة الجو في هذا الشهر. اما فيضان هذا العام فقد حدث بسبب الامطار الكثيفة غير الاعتيادية التي سقطت الاسبوع الماضي وسببت ارتفاع مناسيب مياه دجلة التي غمرت مناطق كثيرة وخصوصاً في محافظة صلاح الدين وهددت مدينة تكريت مركز المحافظة . وتسببت في ترك الوف العوائل لمنازلها التي تعرضت لخطر المياه .

واليوم ايضاً تجسدت وحدة الشعب العراقي في التصدى لما سببه الفيضان من اضرار لألوف العوائل التي تعرضت بيوتها للغرق او السقوط . وبرغم ما اعلنته الحكومة عن استعدادها لتعويض العوائل التي تضررت بسبب الفيضان، وكلها في مناطق سنية ، بادرت بعض المحافظات الشيعية ومنها محافظة كربلاء الى مد يد المساعدة وارسلت المساعدات الى محافظة صلاح الدين مجسدة مشاعر الوحدة والتضامن في مواجهة المصاعب التي تعانيها العوائل المتضررة للتخفيف من مصاعبها الناجمة عن الفيضان. وكذلك ارسال وفد شعبي الى الانبار لإبداء التضامن مع المطالب المشروعة المنسجمة مع الدستور واقناع المتظاهرين باللجوء الى طريق الحوار لتحقيق مطالبهم.

واني إذ اذكر هذا الامر ، رغم كونه طبيعياً وينسجم مع ما اعتاد عليه ابناء الشعب منذ عشرينات القرن الماضي حتى الآن، فذلك لآنه يأتي بمثابة رد ساطع على دعاة الفتنة الطائفية ، الذين سعوا لإختراق الحراك الجماهيري في المحافظت السنية من اجل مطالب غالبيتها عادلة ومشروعة ابدت الحكومة استعدادها لتلبيتها وشكلت اللجان الحكومية الى جانب اللجان البرلمانية وشرعت بتنفيذ بعضها مباشرة . فقد ذكرت الانباء ان ما يسمى بدولة العراق الاسلامية ارسلت تسجيلاً صوتياً اذيع على المتظاهرين تدعو فيه السنة الى رفع السلاح ضد الشيعة ، بما يعني إثارة الفتنة الطائفية والاحتراب بين الطائفتين بما يعنيه من اسالة الدم العراقي وسقوط ضحايا بريئة بعشرات الالوف، الأمرالذي اثبت الشعب العراقي انه اوعى من ان ينجر الى مثل هذا المنزلق منذ القضاء على الفتنة الي اندلعت في اعقاب تفجير مرقد الامامين علي الهادي وحسن العسكري قبل بضعة اعوام . إذ بادر متظاهرو الانبار الى رفض هذه الدعوة الشريرة وقبرها في مهدها .

وهكذا يكون الشعب العراقي قد نجح مرة اخرى في درء الكارثة التي سعت القوى الشريرة من تنظيم القاعدة وفلول النظام السابق ومن يقف وراءهم من قوى خارجية معادية للشعب العراقي ولسعيه لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية.


لندن 3/2/2013
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter