|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 27/2/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 ميزانية متعثرة وصراعات مستمرة!

عبد الرزاق الصافي

الشهر الثاني من العام الجديد 2013 يوشك على الانتهاء قبل ان تنتهي الصراعات بين الكتل المتنفذة على امور شتى ، غير ان من اهمها في هذه الايام الخلافات والصراعات حول الميزانية العامة للحكومة . وكانت آخر الانباء بشأن الميزانية قبل كتابة هذه الاسطر ان اجتماعاً لممثلي الكتل النيابية في البرلمان عقد في اعقاب جلسة صاخبة في البرلمان يوم السبت الماضي اضطر رئيسه على رفع الجلسة وتأجيل البحث في امر الميزانية والتصويت عليها الى يوم الاثنين الخامس والعشرين من هذا الشهر . وليس هناك من يستطيع الجزم بأن يوم الاثنين المذكور سيشهد التصويت على الميزانية .

وموضوع الميزانية وتعثرها إن هو إلا واحد من مظاهر الازمة التي تعصف بالنظام منذ سنتين. فمن المعروف في كل برلمانات العالم ان الميزانية وما يتعلق بها هي مناسبة مهمة لمناقشات جادة بين نواب الحكومة ونواب المعارضة . إلا ان ما يجري في العراق لا مثيل له في برلمانات العالم . ذلك انه لا وجود لنواب معارضين. ذلك ان كل الكتل البرلمانية ممثلة في الحكومة . وان وزراءها يساهمون في إعداد الميزانية التي تقدم الى مجلس النواب لمناقشتها واقرارها. وان يتم ذلك قبل نهاية العام الذي يسبق العام الذي اُعدت الميزانية للصرف بموجبه ،كما يقضي بذلك الدستور.

والحكومة ملزمة وفقاً للدستور بإعداد الميزانية وتقديمها للبرلمان في الشهر العاشر من العام الذي يسبق العام الذي وضعت الميزانية من اجله. غير ان البرلمان لم ينته من اقرار الميزانية حتى كتابة هذه السطور ، رغم مرور مايقرب الخمسة اشهرمن اعدادها وتقديمها الى البرلمان . وذلك بسبب من ان بعض الكتل النيابية التي شارك ممثلوها في الحكومة في اعداد الميزانية تقوم بدور المعارضة في التصدي للميزانية وتقديم الاعتراضات بشأنها وتقديم المطالب التي غالباً ما تكون بهدف دغدغة عواطف جمهورها والدعاية لقيادات هذه الكتل وخصوصاً في السنة الخيرة من عمر البرلمان ، كما هو الحال اليوم . اذ ان الكتل النيابية تدلي برأيها بشأن الميزانية وتقديم المطالب الخاصة بها وعينها على انتخابات مجالس المحافظات التي من المقرر ان تجري بعد اقل من شهرين والانتخابات البرلمانية التي يحل موعد اجرائها في ربيع العام القادم 2014 .

ومن الجدير بالذكر ان التأخر في اقرار الميزانية يسبب ، كما ذكر مسؤول في مجلس النواب ،خسارة ملايين الدولارات يومياً ما يعني ضياع عدة ترليونات من الدنانير سنوياً ، وتوقف كل التحسينات في الرواتب والاجور للعاملين في دوائر الحكومة وزيادة البطالة وتوقف برامج التطوير في التنمية البشرية وهبوط الاسهم وارتفاع سعر الدولار وسلبيات اخرى يتحملها اقتصاد البلاد وتعود باضرار كبيرة على غالبية المواطنين وخصوصاً ذوي الدخول المحدودة .

كما ان التأخر في اقرار الميزانية ، الى جانب عوامل اخرى ، كان وراء تدني نسبة التنفيذ في العام الماضي الى حدود 50 الى 60% . وستكون نسبة التنفيذ هذا العام متدنية الى حدود 30% اذا ما استمرت الصراعات اللامبدئية بين الكتل ، كما يتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين.

وليس من شك ان هذا الذي ذكرناه بشأن الميزانية والاضرار الناجمة عن التأخر في اقرارها ، بصرف النظر عما يشوب الميزانية من نواقص وفقدان التوجه لجعلها رافعة من روافع الاقتصاد الوطني، انما هو نتيجة حتمية للصراعات بين الكتل المتنفذة البعيدة عن مراعاة المصالح العليا للاقتصاد الوطني ككل ومصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب المبتلين بهذه الطبقة السياسية الفاشلة والعاجزة عن ان تضع حداً للفساد والمفسدين والذين يخترقون الامن ويوقعون الخسائر بالارواح البريئة من ابناء الشعب بالمئات والمصابين بالالوف كل شهر إن لم يكن كل اسبوع احياناً.

ان هذا الواقع المكرب ،الذي تتحمل مسؤوليته كل الكتل التي تتكون منها الحكومة الحالية ، يستدعي فضح هذه الكتل ودعوة جمهور الناخبين الى معاقبة المسؤولين هؤلاء وعدم منحهم الفرصة للتحكم بشؤون البلادفي اعقاب الانتخابات القادمة سواء كان ذلك لمجالس المحافظات التي تتكون منها الحكومات المحلية بعد شهرين من الآن ام الانتخابات البرلمانية في العام القادم.
 


لندن 24/2/2013
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter