|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 21/11/ 2012                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 تخفيف التوتر وحماية الدستور مهمة الساعة!

عبد الرزاق الصافي

يعيش العراق هذه الايام توتراً سياسياً شديداً ينذر بعواقب وخيمة إن لم يجر تدارك الحالة الناجمة عن إستعصاء الازمة التي تلف البلد وقواه السياسية، التي نجمت وتفاقمت جراء المحاصصة الطائفية والاثنية التي تتمسك بها القوى المتنفذة المتحكمة بالعملية السياسية المسؤولة عما وصلت اليه الحال في البلد ، وبسبب انعدام الثقة في ما بينها . فالكتل التي تتألف منها الحكومة والبرلمان عجزت طيلة ما يقرب من سنتين عن ايجاد الحلول الوسط التي ترضي جميع الاطراف وتجنب البلاد التوتر الذي صار يزداد يوماً بعد يوم حتى وصل الى ما نشهده اليوم من حالة تهدد بإنفجار كبير لا تحمد عقباه.

ولذا تنادت القوى والعناصر الحريصة على امن البلد ومصالح الشعب الى الدعوة للضغط على القوى المسؤولة عما وصلت اليه الحال ودعوتها الى الارتفاع الى مستوى المسؤولية الوطنية امام الشعب والوطن ، بالتحلي بروح المسؤولية والحرص على امن الوطن والمواطن والتخلي عن التعنت والعناد والتمسك بالمصالح الفئوية الضيقة ، وتغليب المصالح العليا للوطن والشعب والتمسك بالدستور نصاً وروحاً في البحث عن الحلول التي ينشدها الشعب وتجنبه المخاطر المحدقة جراء استمرار الازمة وتفاقمها الشديد.

لقد جرت صياغة الدستور في العام 2005 على عجالة ، وفي ظل تخلف قطاع ليس بالقليل عن المساهمة في عملية صياغته ، التي شابتها الكثير من الشوائب . ولضمان مساهمة غالبية ابناء الشعب في قبول الدستور في الاستفتاء الذي جرى لهذا الغرض اضيفت المادة 142 التي قضت بتعديل الدستور من قبل لجنة برلمانية خلال اربعة اشهر من عمر البرلمان الاول الذي انتخب في اواخر العام 2005. غير ان ست سنوات انقضت من دون ان تستطيع القوى المتنفذة التي تحكمت بالعملية السياسية انجاز هذه المهمة، بسبب من انشغالها بصراعاتها على السلطة والنفوذ والثروة والمال العام .

ولم تكتف هذه القوى بذلك بل عمدت على التعدي على الدستور . ففي الوقت الذي تختلف فيه على كل ما ينفع الشعب وتطوير العملية السياسية في الاتجاه الصحيح ، كانت تتفق بسهولة على ما يضمن تأمين مصالحها واستمرار تسلطها على السلطة والنفوذ والمال العام،حتى وإن كان ذلك عن طريق خرق الدستور وتعطيل احكامه. فقد شرّع البرلمان الاول سرقة اصوات الكثير من اصوات المرشحين والكتل النيابية التي لم تفز بالانتخابات واعطائها الى الكتل الفائزة . الامر الذي اعتبرته المحكمة الإتحادية العليا امراً غير دستوري . وبدلاً من ابطال ما ترتب على ذلك من ضرورة ابطال عضوية من جرى اعطاؤهم مقاعد في البرلمان بأصوات الاخرين افتت المحكمة بتأجيل تطبيق هذا القرار الى الانتخابات القادمة !

وبرغم وضوح هذا القرار في عدم شرعية اعطاء اصوات الناخبين لغير من انتخبوهم عادت الكتل المتصارعة لتتحد من جديد عند البحث في قانون انتخاب مجالس المحافظات الى ارتكاب نفس التعدي على اصوات الناخبين في تحدي واضح للدستور . وقد افتت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية ذلك عند بحثها الدعوى التي رفعها اليها عدد من النواب والشخصيات الديمقراطية .

ونص الدستور على استقلالية المفوضية العليا للانتخابات والبنك المركزي وغيرها غير ان الحكومة بأطرافها كافة عملت على السيطرة على هذه الهيئات والغاء استقلاليتها. وشكل الصراع على تقاسم مقاعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتوزيعها في ما بينها على اسس المحاصصة الطائفية والاثنية فضيحة سياسية مجلجلة تفضح مسبقاً ما تنوي هذه القوى التخطيط له في الانتخابات القادمة ، سواء كان ذلك في انتخابات مجالس المحافظات في الربيع القادم ام في الانتخابات البرلمانية في ربيع 2014.

ان هذه الوقائع المثيرة حملت الاوساط الديمقراطية بمن فيها بعض اعضاء البرلمان الى التحرك والتنبيه الى خطورة الوضع وضرورة التصدي الحازم لهذه النوازع والاخطار والدعوة الى تخفيف التوتر وحماية الدستور من الانتهاكات وفضح المسؤولين عنها ووضع حد لها، حماية لمصالح الشعب والوطن التي تركها المتنفذون وراء ظهورهم والركض وراء مصالحهم الضيقة لضمان بقائهم في السلطة على الضد من مصالح الشعب والوطن.
 


لندن 18/11/2012
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter