|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 19/12/ 2012                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 تهدئة هشة وتوتر مستمر

عبد الرزاق الصافي

بعد انتظار مديد وقلق بالغ بسبب تدهور العلاقات بين القوى السياسية المتنفذة افلحت جهود رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب في فرض التهدئة على القوى التي صعَّدت التوتر ، وخصوصاً بين المركز والاقليم. هذه التهدئة التي ابتدأت من يوم الاحد المنصرم ، بعد ان بلغ التصعيد حداً لم يسبق له مثيل ، في ظل مخاطر حدوث تصادم عسكري بين قوات الجيش العراقي وقوات الاقليم (البيشمركة) في منطقة طوز خورماتو،التي هي من المناطق المتنازع عليها،والتي تنتظر الحل وفقاً لما تنص عليه المادة 142 من الدستور العراقي الصادر في العام 2005.

لقد جرى الاعلان منذ يوم الخميس الماضي عن التوصل الى الاتفاق على وقف الحملات الاعلامية والتصريحات المتشنجة من قبل اطراف في التحالف الوطني الذي يقود الحكومة الاتحادية في بغداد من جهة والتحالف الكردستاني الذي يتولى الحكم في اقليم كردستان من جهة اخرى ،على ان يتم هذا التوقف يوم الاحد السادس عشر من هذا الشهر. اي بعدثلاثة ايام من الاتفاق.ولذا شهدت هذه الايام الثلاثة تصعيداً لم يسبق له مثيل في التصريحات المتشنجة التي تزيد التوتر وتوحي بهشاشة التهدئة التي حققتها جهود رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وضغط الرأي العام الذي راعه التدهور الحاصل ومخاطره على العملية السياسية وامن البلد وحياة المواطنين. كما لوحظ نشاط وتحركات دولية واقليمية لتحقيق التهدئة .

لقد استقبل الرأي العام التهدئة بإرتياح مشوب بالحذر الشديد بسبب ما لاحظه خلال السنوات الثلاث من عمر الازمة المستعصية من انعدام الصدقية في ما تعلنه القوى المتصارعة من اجل النفوذ والسلطة والمال . كما ان التهدئة الحالية لم تشمل سوى جانب واحد من جوانب الازمة التي تصاعدت في الفترة الأخيرة الخاص بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الاقليم في اربيل. ومن مظاهرالتصاعد تشظي الكتل وتفاقم الصراعات ليس بين الكتل المتنفذة فحسب ، بل وداخل غالبية مكونات كل كتلة. ولوحظ ايضاً ان هذه الصراعات وتصاعدها ارتبط بقرب اجراء انتخابات مجالس المحافظات في العشرين من نيسان /ابريل 2013.

ونظراً الى ان الاطراف المتصارعة التي سببت الازمة والتوتر الذي يسود البلاد ليست في وارد البحث الجدي في معالجة جذر الازمة المستعصية المتمثل في المحاصصة الطائفية والاثنية ، وركض كل طرف وراء مصالحه الضيقة والاستمرار في حفظ المكاسب التي حققها وعدم الاستعداد للتنازل عن اي جزء منها ، فإن الازمة مرشحة للإستمرار حتى الانتخابات البرلمانية القادمة في ربيع 2014.هذه الانتخابات التي يتوقع ان تؤدي الى اجراء تغيرات في الخارطة السياسية الحالية ، وخصوصاً اذا ما افلحت القوى الديمقراطية في ان توحد قواها وخاضت الانتخابات بعزيمة وحماس ، بعد النجاح الذي حققته مؤخراًبإجبار البرلمان على تعديل القانون الانتخابي ومنع الكتل الكبيرة من الاستحواذ على اصوات الكتل الصغيرة ،خلافاً للدستور ، كما حدث في السابق.وذلك عن طريق الدعوى التي رفعتها قوى ديمقراطية واعضاء في البرلمان الى المحكمة الاتحادية وكسبها الدعوى.

ان معركة تعزيز الديمقراطية وتخليص العملية السياسية من الشوائب التي لحقت بها بسبب المحاصصة الطائفية والاثنية معركة طويلة ، تكتسب فيها الجماهير الخبرة والتعرف بشكل افضل على من يقفون الى جانب مصالحها وحقوقها في الحرية والعدالة الاجتماعية والأمن والحياة الحرة الكريمة ، وتناضل في سبيل تحقيق هذه الاهداف.
 


لندن 16/12/2012
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter