|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 15/5/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 "التوافق" يشل البرلمان العراقي ويطيل ازمة النظام

عبد الرزاق الصافي

التوافق بين الكتل السياسية لتشريع القوانين المهمة وتسيير امور الحكم مبدأ سليم وضروري في الفترات الانتقالية. غير ان تحوله الى محاصصة طائفية او اثنية يحوله من مبدأسليم وضروري الى معرقل للعمل ومعطل لعمل اية هيئة تشريعية او تنفيذية كما هو حاصل في عراق اليوم .فمن المعروف ان الدستور العراقي نص في 58 مادة من مواده على تنظيم ما نصت عليه هذه المواد من امور بقانون. وبرغم هذا النص الصريح ظل ما يزيد عن الخمسين مادة من هذه المواد الثماني وخمسين دون تنظيم ما نصت عليه بسبب من المحاصصة البغيضة. وجرى ابتداع طريقة اقرار بعض القوانين بجعلها في سلة واحدة لاصرار بعض الكتل على عدم اقرار قرار قانون معين ما لم يقر قانون آخريرضي الكتلة التي تمتلك بعض التحفظات على القانون المراد تشريعه.

ومع ذلك ظلت قوانين مهمة دون تشريع لأن الكتل المتنفذة لم تستطع التوافق على تشريعهاوفي مقدمة هذه القوانين قانون النفط والغاز الذي ينبغي ان ينظم كيفية ادارة هذا القطاع المهم الذي يؤمن ما يزيد عن التسعين بالمئة من موارد الميزانية العامة للدولة، وقانون المحكمة الاتحادية وقانون الاحزاب الذي يشكل غيابه فرصة للأحزاب المتنفذة لإخفاء مصادر تمويلها الذي تستخدمه في افساد العملية الانتخابية الى حد كبير.وكذا الحال بالنسبة لقانون الانتخابات وتطبيق المادة 140 التي يتوقف على تطبيقها حل مشكلة كركوك وغيرها من المناطق التي قام النظام السابق بفرضها لاجراء التغيير الديموغرافي لإغراض سياسية ولأهداف اخرى لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن . كما لم تستطع الحكومة اجراء الاحصاء السكاني الضروري لمعرفة الرقم الحقيقي لسكان العراق وللاستعانة به في رسم الخطط الاقتصادية على اسس صحيحة وليس على تقديرات غير دقيقة او اعتماد اسس مشكوك بدقتها إن لم يكن بصحتها. هذا وغيره من الامور التي لم يجر سن القوانين التي نص الدستور على تنظيمها بقانون بسبب من "التوافق"بشكله المزيف في التطبيق الذي اخذ شكل المحاصصة الطائفية والاثنية .

لم يبق من عمر مجلس النواب الحالي سوى عشرة اشهر، وليس من المرجح ان يستطيع مجلس النواب تشريع اي قانون من القوانين المهمة بسبب تعنت القوى المتنفذة وتمسكها بمواقفها التي تراعي مصالحها الفئوية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا، في حين ان هذه القوى سرعان ما تتفق على تشريع القوانين التي تصب في مصلحة اعضاء البرلمان والهيئات الرئاسية وذوي الدرجات الخاصة التي تستنزف الكثير من موارد الدولة بشكل لا مثيل له في اي بلد في العالم.

ولذا فإن الازمة التي يعانيها النظام مرشحة للاستمرار حتى الانتخابات القادمة في ربيع العام المقبل، ولربما لما بعدها ما لم يغير الناخبون الخارطة السياسية الحالية بشكل يتيح التخلص من المحاصصة الطائفية والاثنية ، ومراعاة اعتماد مبدأ الكفاءة لإشغال المراكز بدل مبدأ الولاء المعمول به حالياً من قبل الكتل المتنفذة . الامر الذي يضع على عاتق القوى والعناصرالوطنية والديمقراطية مهمات جسيمة في الاشهر العشرة التي تفصلنا عن انتخابات القادم .


لندن 13/5/2013

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter