|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 13/3/ 2013                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق : تعقيدات لها أول وليس لها آخر!

عبد الرزاق الصافي

شهدت الازمة المستفحلة لنظام الحكم في العراق، التي دخلت مرحلة خطيرة منذ نحو ثلاثة اشهر تمثلت في الاعتصامات والمظاهرات التي بدأت في محافظة الانبار وامتدت الى المحافظات السنية الاخرى وبعض الاحياء السنية في بغداد، تطورات مؤسفة في الاسبوعين الاخيرين عندما ادت الصدامات بين قوى الامن والمعتصمين في الانبار ومن ثم في الموصل الى سقوط جرحى وقتلى كان آخرها يوم الخميس الفائت. وجه المعتصمون اتهامهم لرجال الامن من شرطة اتحادية وجيش تابع للسلطة المركزية وتحميلهم مسؤوليتها، في حين اتهمت الحكومة عناصر مندسة في هذه الاعتصامات من تنظيم القاعدة وفلول النظام السابق بالتسبب في حدوثها.
ورافق هذا التطور الخطير للازمة استمرار عجز البرلمان عن اقرار الميزانية العامة للحكومة بسبب الصراعات بين الكتل البرلمانية وتمسك كل كتلة بمطالبها. الامر الذي عطل عمل الحكومة الى حد كبير، وكلف الدولة عشرات ملايين الدولارات كل يوم بسبب هذا التعطيل.

وكان من المؤمل ان يؤدي إقرار الميزانية الى انفراج جزئي للجو المحتقن والتوتر الذي يسود البلاد. غير ان اقرار الميزانية عن طريق التصويت داخل البرلمان بعيداً عن مبدأ التوافق، الذي جرى اعتماده في حل الاشكالات السابقة، سبّب تعقيدات جديدة رافقها تصعيد غير مسبوق في التصريحات من جانب مختلف الكتل البرلمانية. ذلك ان الكتلة العراقية في البرلمان ظلت تصوّت ضد ما تريد الحكومة تمشيته من قرارات. وانضمت اليها هذه المرة كتلة التحالف الكردستاني، التي اعتبرت اقرار الميزانية عن طريق التصويت غير المستند الى التوافق، خروج عن مبدأ اساسي من مبادئ العملية السياسية، ألا وهو التوافق الذي ظل مُعتَمداً منذ بداية العملية السياسية حتى التصويت الأخير الذي اقر الميزانية. وصاحب ذلك تصريحات من جانب التحالف الكردستاني تتحدث عن ان حكومة الاقليم لن تلتزم بالفقرات التي لا تلبي مطالبها بإعطاء شركات النفط العاملة في كردستان مبلغ اربعة مليارات ومائتي مليون دولار دفعة واحدة في ميزانية هذا العام. الامر الذي رفضته كتلة التحالف الوطني التي تقود الحكومة.

وفي خضم هذه التطورات والتعقيدات المشتدة حدثت بعض الاغتيالات وتصاعدت التصريحات من قبل ممثلي الكتل البرلمانية وممثلي بعض العشائر في الانبار وفي كركوك والموصل التي تزيد الاحتقان والقلق من جانب ابناء الشعب لكثرة ما تردد خلالها من حديث عن احتمال اندلاع الحرب الطائفية التي تسعى اليها الجهات المعادية للعملية السياسية. ومما يزيد الامر خطورة ما تردد على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي من تحذيرات من الحرب الطائفية، التي يمكن ان تندلع جراء التعقيدات المشار اليها. هذه الحرب التي إذا اندلعت لن يكون فيها رابح لأن الكل سيكونون في عداد الخاسرين. ان القوى الديمقراطية العراقية التي ترقب هذه التطورات بقلق بالغ تدعو الجميع الى الكف عن التصعيد وتدعو الحكومة الى المبادرة لتسريع استجابتها للمطالب المشروعة التي تتبناها الالوف من ابناء الشعب لعزل دعاة الفتنة الذين اندسوا في الاعتصامات وسعوا الى حرفها عن المطالب المشروعة ورفع شعارات متطرفة من قبيل اسقاط الحكومة والغاء الدستور. هذه المطالب غير المشروعة التي انتبه اليها الكثيرون من العقلاء والمراجع الدينية الذين طالبوا المعتصمين بالتخلي عنها وفضح المروجين لها.

ولا يمكن عزل هذه التطورات المقلقة عن سعي القوى المتنفذة الى الاستفادة منها في انتخابات مجالس المحافظات التي ستجري في العشرين من الشهر القادم. هذه الانتخابات التي من المؤمل ان تؤدي الى بعض التغيير في اللوحة السياسية نحو الاحسن.
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter