|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الاربعاء 12/12/ 2012                            عبدالرزاق الصافي                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل تكفي التهدئة لتجاوز الازمة ؟

عبد الرزاق الصافي

بلغت الازمة المتفاقمة في العراق ، في الاسبوعين الاخيرين حداً هدد العملية السياسية الجارية في العراق بالانهيار . الامر الذي اثار قلقاً واسعاً بين صفوف ابناء الشعب ، وكذلك على الصعيد الخارجي ، إذ استثارت الولايات المتحدة الامريكية والامم المتحدة ، واستدعت تدخلات داخلية واقليمية ودولية ، نظراً لما يمكن ان يسببه هذا الانهيار من عواقب وخيمة غير معروفة المدى .

وبسبب من هذا القلق البالغ وضغط الرأي العام في الداخل والخارج ، تحركت اوساط واسعة لتدارك الوضع الخطير الذي عاشه البلد. وكان من جملة ما جرى من تحركات لملافاة الموقف ووقف تدهوره لما هو اسوأ بادر السيد اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب الى التحرك للاتصال برئيس الوزراء نوري المالكي وبرئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني للاتفاق على ايجاد حل لما سببه تقدم قوات الجيش الى منطقة طوزخرماتو والاصطدام بقوات البشمركة التابعة للاقليم الموجودة هناك وسقوط قتيل من افراد الجيش وجرح بضعة افراد آخرين. وهو الامر الذي صعّد التوتر وزاد من قلق الرأي العام في الفترة الاخيرة. ولم تتمخض مبادرة السيد اسامة النجيفي عن اكثر من تهدئة جزئية للوضع.

كما ترافق هذا مع عودة السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني الى بغداد لمواصلة مساعيه في جمع رؤساء الكتل المتصارعة لبحث الوضع الخطير في البلد وتدارس سبل الوصول الى حلول للخلافات بين هذه الكتل .

وبرغم هذا يشعر المراقب للاوضاع ان ما تحقق حتى الآن لا يرقى الى ما يطمح اليه ابناء الشعب من التوصل الى حلول لا تقف عند حدود التهدئة والزام الاطراف المتصارعة بالكف عن اطلاق التصريحات المتشنجة غير المسؤولة التي ليس من شأنها سوى ابقاء التوتر وطمر جمر الخلافات تحت رماد التهدئة الهشة.

ان المطلوب هو ليس التهدئة،على اهميتها في الظرف الراهن،فحسب، بل والبحث في جذر الازمة المتفاقمة ، التي تتخذ هذا الشكل او ذاك ، وبسبب هذه القضية او تلك بين الحين والآخر.

وان ما يطالب به ابناء الشعب هو البحث الجدي في الاسباب الحقيقية للازمة واستمرارهاواستعصائها، ألا وهو استمرار تمسك القوى المتصارعة بالمحاصصة الطائفية والاثنية،والركض وراء مصالحها الفئوية الضيقة دون اي اعتبارلمصالح الشعب والوطن العليا.

ان ما يطمح اليه ابناء الشعب ويطالبون به بإلحاح هو ضرورة اتفاق كل القوى المتنفذة على العمل يداً بيد ضد الفساد المستشري الذي شمل كل مرافق البلد السياسية والادارية والمالية والاقتصادية وضد الارهاب المتفاقم الذي يجد في الفساد حليفاً قوياً يعينه على التواصل وايقاع الخسائر البالغة بالارواح وبإستقرار ابناء الشعب وامنهم وينغص حياتهم.وان تحقيق هذين الامرين يتيح الفرصة للانصراف الى تأمين الخدمات التي تنتشل ابناء الشعب من البؤس الذي يلف حياة الغالبية من ابناء الشعب ، وليس فقط ربع السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر.وذلك بتأمين العمل للعاطلين وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب والارتفاع بمستوى الخدمات الطبية والتعليمية وتأمين السكن الصالح للبشر ورعاية ملايين الارامل واليتامى وتخليص ملايين الاطفال من المدارس الطينية والمتهاوية وحفظ المال العام من النهب والهدر والفساد وضمان توظيف ميزانية البلد التي تزيد على المئة مليار من الدولارات لصالح الجمهرة الواسعة من السكان وليس لصالح السراق والفاسدين والمشاريع التي لا صلة لها بمصالح الشعب.

ونظراً الى ان هذا غير قابل للتحقيق على ايدي المتحكمين بأمور البلد ، كما هو واضح، فإن ابناء الشعب مدعوون الى حجب الثقة عن من سبب كل هذه الالام والمآسي، وشد ازر القوى الديمقراطية التي تناضل بنزاهة واخلاص من اجل ضمان مصلحة الشعب وخبزه وامنه وحريته وكرامته.
 


لندن 9/12/2012
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter