|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  25 / 3 / 2015                                 علاء مهدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



ما وراء الكلمات

إنتهاكات حقوق الانسان في العراق
هل أصبحت جزءً من الحياة اليومية للمواطن العراقي؟

علاء مهدي – سيدني

الظروف السياسية التي مر بها العراق منذ تاسيسه في بداية القرن الماضي واختلاف ظروف الحكم وتتابع حكم العراق من قبل أنظمة تختلف في أيديولوجياتها واساليب تنفيذ أهدافها ، والتدخل الأجنبي في الشأن العراقي بقصد التأثير المباشر على تكوين شكل الحكم في العراق سواء كان شكل التدخل بصيغة الاستعمار القديم او الجديد أو التدخل بالشان الداخلي عن طريق الأحزاب السياسية التابعة لأنظمة خارجية لدول محلية او إقليمية او عظمى او أية طرق ووسائل اخرى تتبعها الأنظمة العالمية بقصد السيطرة على مقدرات الأمور في العراق من اجل تحقيق أهداف إقتصادية او سياسية تخدم مصلحة تلك الدول على حساب العراق. تلك الظروف أوجدت مساحة واسعة مورست فيها إنتهاكات لحقوق الانسان العراقي من اجل تحقيق مصالح استعمارية خارجية. هذه الأمور بالإضافة إلى الموقع الجغرافي للعراق وأرثه الحضاري وتنوع مجتمعه الثقافي وموارده الطبيعية ، جذبت المستعمرين والطامعين بثروات العراق او العاملين من اجل هدم بناه التحتية بقصد اضعافه وبالتالي اعتماده على أنظمة خارجية لإدارة شؤونه. لذلك نرى ان الوضع العام للعراق لم يشهد سوى فترات قصيرة اتصفت بالهدوء والتقدم في حين كانت الفترة الأطول هي التي غلبت فيها انتهاكات لحقوق الانسان العراقي الدافع الأكبر لثمن التدخلات الأجنبية والانظمة السياسية الرعناء.

وعلى الرغم من صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 وما أعقبه من تعديلات إنسانية بناءة وهادفة‏ (1) ، وعلى الرغم من ان العراق كان واحدا من دول العالم الثماني والأربعين التي وقعت عليه يوم صدوره ووعدت بالإلتزام ببنوده فإن العديد من تلك الدول قد خالفته وتخالف بنوده يوميا ! حتى باتت تلك البنود لاتتعدى حدود الأوراق والملفات التي كتبت عليها او تضمنتها. ان إصدار الإعلان العالمي لحقوق الانسان والتوقيع عليه بعد إقراره من قبل دول العالم دون وجود رادع او عقوبة دولية للانظمة المخالفة لبنوده وأحكامه يلغي عنه صفة التأثير ، والأبعد من ذلك ان المنظمات العالمية والمحلية أيا كان حجمها وبضمنها منظمة الامم المتحدة ترى وتشاهد وتراقب المخالفات التي ذهب ويذهب ضحيتها ملايين البشر دون ان تتمكن من اتخاذ اي اجراء يتعدى حدود الاستنكار اللفظي أو الإعلامي.

وفي العراق الذي مازالت جراحاته تنزف منذ تاسيسه او ربما قبل ذلك ، أصبحت إنتهاكات حقوق الانسان بكل اشكالها أمورا اعتادها المواطن العراقي حتى باتت جزءً من الحياة اليومية للمواطن العراقي لذلك لم نعد نسمع عن مدافعين عنه او مطالبين برفع تلك الانتهاكات عدا بعض الدعوات الخجلة التي تضمنت الدعوة لتوثيق تلك الانتهاكات دون ان نرى نتيجة لذلك على الرغم من ان عملية توثيق الانتهاكات لا تعني بالضرورة معالجة او إيقاف حدوث تلك الانتهاكات.

والحديث عن انتهاكات حقوق الانسان العراقي واسع في ابعاده، وذلك لتنوع وتعدد الممارسات والمخالفات التي اهانت كرامة الانسان العراقي طوال عقود طويلة من الزمن كان أسوأها ماتعرض له الشعب العراقي والعراق من جرائم متنوعة خلال السنوات الخمسين الماضية التي كانت مليئة بالحروب الداخلية والخارجية ، و تسلط نظام ديكتاتوري عنصري بغيض على مقدرات الوطن والشعب لعقود من الزمن ، واستخدام مختلف الأسلحة والأعتدة الكيمياوية والبايولوجية وغيرها من الأسلحة الممنوعة عالميا على الشعب العراقي ، وممارسة الحروب والضغوط الاقتصادية بما في ذلك الحصار الاقتصادي الذي مارسته الولايات المتحدة وحلفاؤها على الشعب العراقي وليس النظام الديكتاتوري لسنوات طويله بقصد إذلاله. ولا يمكن لنا أيضا أن ننسى جرائم الإبادة البشرية والجماعية التي استهدفت شرائح كبيرة من الشعب العراقي التي مارسها النظام الديكتاتوري السابق والتي كانت من نتائجها المقابر الجماعية ، والويلات التي حلت بالعراق وشعبه من جراء الاحتلال الأجنبي ، والمحاصصة الطائفية التي جاء بها، وما لحق ذلك من جرائم طائفية وقتل على الهوية وخطف بقصد الحصول على فدية او تعويض وعودة الأنظمة العشائرية وغياب قوانين الدولة وتوفر السلاح بايدي الشعب والكثير الكثير من الجرائم والممارسات التي دمرت العراق وقتلت الملايين من أبناء شعبه.

في تموز من العام 2000 ، وجهت نداءً لتأسيس "رابطة عراقية للدفاع عن حقوق الانسان في استراليا"، نشر على موقع (العراقي) على الشبكة الالكترونية في حينه كما نشر على الصفحة السادسة من مجلة "صوت الانسان" ، العدد 22 ، الصادر في تموز 2000، وهي نشرة دورية كانت تصدرها الجمعية العراقية لحقوق الانسان - فرع سوريا ، كذلك على صفحات العديد من الصحف العربية التي تصدر في سيدني في حينه وصحف المعارضة العراقية التي كانت تصدر في المغتربات المختلفة. وفيما يلي مقتطفات من النداء المذكور:
" لم يعد خافيا على احد معاناة الشعب العراقي جراء حكم القمع والارهاب ، وسياسة قهر الانسان والحط من كرامته ، والاعتداء الصارخ على حقوقه الاساسية في العيش وممارسة حرياته التي كفلتها له الاعراف الانسانية ومبادىء اعلان حقوق الانسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 وتعديلاته ، وقيام السلطة الحاكمة في العراق بمصادرة حرية الرأي والفكر وقيامها باضطهاد المواطنين بسبب انتماءاتهم السياسية او القومية او الدينية او المذهبية ، تلك السياسة التي لم تشهد البشرية لها مثيلا في قسوتها ووحشيتها ، مما دعا المنظمات المعنية بحقوق الانسان الى فضحها وإدانتها ونشر تقارير مفصلة عن تلك الانتهاكات. "

" وعلى الرغم من ان الظروف المؤلمة والمحزنة التي يمر بها الفرد العراقي داخل الوطن الجريح تستوجب التعرية والادانة ، فان من تمكن من الهرب سعيا للحرية خارج الوطن الجريح يتعرض لظروف لاتقل وحشية عن نظام صدام حسين الديكتاتوري" . وكان القصد هنا الإشارة الى الظروف اللاإنسانية التي تعرض لها اللاجئون العراقيون في معتقلات المهاجرين غير الشرعيين في العديد من دول العالم حيث تكررت معاناتهم واستمرت انتهاكات مباديء الوثيقة العالمية التي جاءت بالأصل لنصرة المظلوم.

وجاء في النداء : " وانطلاقا من واجبنا الإنساني والحضاري باعتبارنا من القادمين من ارض الحضارات ، وكوننا ممن تعرضوا لمثل هذه الظروف الماساوية سابقا، ونملك اليوم حرية الرأي والكلمة والممارسة الديمقراطية ، وفي ظل غياب التمثيل الحقيقي للنشاط العراقي في المجتمع الإسترالي (قدر تعلق الامر بحقوق الانسان العراقي) ولكي لاتسمح الفرصة للمتربصين من اعوان نظام بغداد ، فإنني وبصفتي الشخصية ادعوا المواطنين الاستراليين من أصول عراقية وكل المؤمنين بالانسان باعتباره القيمة الأهم في الوجود ، وليكون حرا ، معززا، مكرما .. وجميع المهتمين بقضية حقوق الانسان من أبناء جاليتنا العراقية وكافة المواطنين الاستراليين للمساهمة في هذا الجهد الذي نسعى اليه للدفاع عن حقوق الانسان العراقي أينما وجد ..... " .

وفي فقرته الاخيرة وجهت دعوة صريحة لتأسيس رابطة عراقية استرالية تتولى الدفاع عن حقوق الانسان العراقي " مع السعي لتكون هذه الرابطة في مستوى المسؤولية المطلوبة لأداء مهماتها ، وفضح سياسات القمع والارهاب الموجهة الى الشعب العراقي " كذلك ، " وان تساهم في تعميم ثقافة المعرفة التي أقرها المجتمع الدولي ، والتي أصبحت تمثل احد اهم الإنجازات التي جاءت لخدمة البشرية ورقيها واستمرار دفعها الحضاري عبر الأجيال ، والتي هي في الوقت ذاته تتويج لكفاحهم من اجل الحرية والعدالة والمساواة " وأضاف النداء بان الرابطة المقترح تأسيسها " لن تكون بديلا لأية منظمة اخرى مهتمة بحقوق الانسان بل انها تسعى لتحقيق أهدافها المنصوص عليها في برنامجها وأنها تساند اي جهد يبذل من اجل الدفاع عن حقوق الانسان في العراق".

وأكد النداء على ان " عددا ليس بالقليل من أبناء الجالية المخلصين سبق وان بذلوا جهودا مشكورة في وضع أسس هذه المؤسسة الانسانية لفترات طويلة وضمن محاولات عديدة ".

ان الوضع المزري الذي يعيشه العراق في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه ومعاناة شعب العراق ومكوناته المتعددة من ظلم وإجحاف واجرام المجموعات الإرهابية المتشربة بمباديء التخلف وعمليات الإبادة الجماعية البشرية لمجموعات إثنية ومذهبية ودينية تستدعي القيام بنشاطات فعلية تهدف الى توعية الرأي العام العالمي والاسترالي على وجه الخصوص بخطورة هذه المرحلة التي يمر بها الشعب العراقي من اجل حشد الهمم لتوفير الدعم الإنساني للمتضررين وهذا لن يتم بدون قيام نشاط تخصصي مركزي يضم نشطاء في مجال حقوق الانسان ممن لهم خبرة وتاريخ في هذا المجال دون غيره.



(1) صادقت الجمعية العامة في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948 بتصويت 48 لصالحه، 0 ضد، وامتناع 8 عن التصويت هي اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية، تشيكوسلوفاكيا، جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، وجمهورية بولندا الشعبية، واتحاد جنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية.


 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter