| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الأربعاء 19/12/ 2012



لماذا يعوذ الاسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟
(3)

عادل كنيهر حافظ

يعتبر الأخوة الإسلاميون , ان تطبيق القوانين الوضعية على الناس , واستبعاد احكام الشريعة الإسلامية , في ظل الأنظمة العَلمانية , هوَ ذلك الكفر المبين , ولم يسألوا انفسهم , وماذا عن شرائع وقوانين اديان البلاد الأخرى , وهل من الأنصاف ان تهمل دساتيرهم الدينية؟ , وهل من الحق بمكان أن يحكم مثلاًً عندنا في العراق على ألصابئي أو اليزيدي أو الأرمني أو الآثوري والكلداني وغيرهم من ديانات العراق , وفق الشريعة الإسلامية ؟ ربما لا يجد الدكتور وجدي غنيم والدكتور محمد عمارة وغيرهم من دعاة الدولة الدينية ,اي ضير في ذلك , لأنهم يعتبرون , الهوية الإسلامية , فوق هوية المواطنة . في الوقت الذي يرفضون بالمطلق أن تطبق الشريعة اليهودية على المسلمين في إسرائيل . أما سلطة الدولة فهي ملزمة بحكم مسؤوليتها

,ان تضع هوية المواطنة أولاً , لكي تتعامل مع ابناء شعبها , كونهم مواطنين , لا كونهم ,ينتمون لهذا الدين او هذه القومية , او اي هويةٌُ اخرى . حيث التعامل مع ابناء الوطن الواحد , على غير الانتماء للوطن , يجعل من حكومة البلاد ضالعة في عدم العدل والإنصاف والمسؤولية , وهذا ما تخشاه السلطة في اي بلد في العالم , لذلك تجذرت هوية المواطنة , ليس فقط في التعامل بين سلطة الدولة وأبناء شعبها وحسب وإنما بين الدول والشعوب , حيث يسأل الشخص الزائر , من أي وطن أنت ؟ ولا يُسأل أحد عن الدين , لمعرفة الناس , ان الدين أمُمْي , ينتمي اليه الناس من كل الأوطان ,أما الوطن فهو حاضنة محلية ,لكل الأديان . من هنا تصبح الدعوة لدولة دينية , تُطبق الشريعة , المسيحية او الإسلامية أو اليهودية . أمرٌ يخالف شرعة حقوق الانسان , ويتعارض خصوصاً مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة , المرقم 135|74 الصادر في 8 كانون الأول من عام 1992 , والذي يعتبر{ التعزيز والإعمال } لحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو اثنية , وإلى اقليات دينية ولغوية , كجزء لا يتجزء من تنمية المجتمع بأسره , وداخل إطار ديموقراطي , يستند إلى حكم القانون , من شأنهما , ان يسهما , في تدعيم ألصداقة والتعاون فيما بين الشعوب والدول . ومن هنا بات لزاماً على سلطات الدولة , التي تهدف الأخوة والعيش المشترك لمواطنيها ,ان ترعى جميع اشكال الاعتقاد دينياً أو فكرياً أو اجتماعياً.وعليه يتأكد أن فكرة الدولة الدينية ,راحت لا تنسجم فقط مع منطق التطور ألاجتماعي وحسب ونما باتت تتعارض مع الكثير من مواثيق حقوق الانسان .

ثم أن الحياة ومسلسل تطورها أفادت بما لا يدع أي مجال للشك , بأن الدولة الحديثة لا يمكن أن تقيم هويتها على أحد الخيارات الطائفية , أو تفضل الشريحة الغالبة من رعاياها , على بقية ابناء البلاد , سواء في التشريع او في المناصب القيادية , فهذا يؤدي إلى تضعضع بنيانها القومي من ناحية , وتحولها إلى دولة تتخلف عن ركب التقدم بنتيجة قولبة الفكر بقالب الدين أو الاخلاق أو التقاليد , كما يقول رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الثالث ,توماس جيفرسون , وفعلاًً كما يقول {أن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم } كون العقل يحمل اشكال من الوعي , منها الوعي الفني والوعي الطبقي والوعي السياسي والوعي الديني وغيرها . بمعنى أن الوعي الديني ,هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي , ومن غير المنطق أن توضع كل محتويات الوعي البشري الأخرى , في قالب واحد هوَ قالب الدين , الذي يرفض التعديل والتطوير والتجديد , يُفرض على الدولة ,التي هي كيان متطور , وتحتاج دوماً للتطوير و للتحديث .

لذلك فرضت حاجات التطورألاجتماعي , أن يجري البحث عن نظام سياسي , يلبي متطلبات العيش المشترك بين أبناء الدولة من جانب , ويسهل تعامل السلطة مع مواطنيها دون تمييز في الجانب الآخر , وكان نظام العَلمانية نتاج لذلك البحث , وليس مؤامرة ضد الدين أو رجس من عمل الشيطان .

 

لماذا يعوذ الاسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟ (2)
لماذا يعوذ الاسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟ (1)

 

 

free web counter