| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عادل كنيهر حافظ
 

 

 

 

الأربعاء 19/12/ 2012



لماذا يعوذ الاسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟
(2)

عادل كنيهر حافظ

يناقش الأخوة الإسلاميون قضية واحدة من مقومات النظام العلماني .وهي عدم انحياز سلطة الدولة لدين معين , ويعتبرون عدم انحياز السلطة هوَ الكفر بعينه . ثم يوسمون بالكفر من خلال هذه الجانب كل نظام العلمانية , ليصوروا للناس البسطاء , أن نظام العَلمانية هوَ عزل الدين عن الدولة , ويتركون العناصر والمقومات الأخرى المهمة , التي يتكون منها النظام, وهي الحرية بكامل معناها , ومساواة الشعب أمام القانون , وعلى اساس المواطنة فقط , واستقلال سلطة الدولة عن الأديان , واعتماد آلية ألديموقراطية , في إدارة الدولة والمجتمع . وهم يتعمدون ذلك ,دون ريب , لأنهم يدركون تماماً , أن الناس لا تؤيدهم , في رفض الحرية والمساواة , والديمقراطية في الحكم . لذلك نراهم يختصرون نظام العلمانية الذي تعتمده قرابة 120 دولة , بهذا الشكل او ذاك وبينهم , اكبر واغنى واقوى دول العالم المتحضر , بأنه نظام كافر , لأن السلطة فيه غير منحازة لدين معين , من اديان شعبها , ويتهربون من النقاش حول جدوا حيادية السلطة , هل هوَ إجراء مفيد للديانات ؟ أو نافع للسلطة ذاتها ؟ ام انه مُجدي لسلطة الدولة , ولشعبها وللأديان عموماً ؟

هنا يجب ان يدور الحديث , عن جدوا حيادية السلطة , وهل ان عدم انحيازها لدين معين , يعاونها في توفير أجواء العيش المشترك لمواطنيها . هذا السؤال اجابت عليه ايجاباً تجارب عشرات البلدان التي سلكت طريق العَلمانية . ودولة الهند هي مثل فاقع , حيث كان دين الدولة الرسمي هوَ الاسلام قبل ان يدخلها المستعمر البريطاني , ولكن الإسلام كان من بين 86 عقيدة دينية في البلاد , لذلك كان اعلان الحكومة الهندية عن حياديتها , وموقفها على مسافة واحدة من كل اديان البلاد , رفع من رصيد احترامها وشعبيتها بين ابناء الهند .

والسؤال الأهم والذي يتجنبه الأخوة الإسلاميون لشديد الأسف هوَ : هل أن استقلال المؤسسة الدينية , عن سلطة الدولة , سيعزز هيبة الدين ؟ وسبب هروبهم من الإجابة على هذا السؤال , هو معرفتهم التامة , بأن معطيات العصور الوسطى , وخصوصاً في أوربا , قد اجابت إيجاباً عن هذا السؤال , وكانت الدعوى الأولى , لاستقلال المؤسسة الدينية , عن المؤسسة الحكومية قد اطلقها بعض رجال الدين المتنورين , وفي طليعتهم الفيلسوف والكاهن الانكليزي جون لوك ,والقس الاماني فريدريك ماركوس , الذي قال إذا ظلت الكنيسة في خندق الملك , فسوف لن يقف عند بابها أي من المتسولين , ويقصد بأنها ستكون مهجورة . وكلمات فريدريك , هي تعبير عن حقيقة , تلمسها الشباب من رجال الدين , وهذه الحقيقة المؤلمة هي التي دفعتهم , للتفكير بطريقة ما , لتخليص الدين من مستنقع السياسة الاجرامية , للملوك والنبلاء , الذين يتعاملون مع الناس كحيوانات ناطقة وهكذا كانت فكرة فصل الدين عن السلطة , هي فكرة علماء الدين لإنقاذه من رجس السياسة , وحرمان الحكومة من سندها الديني الذي تتبرقع به امام الشعب , وتلوذ خلفه , ليبرر لها سلوكها المشين , تجاه ابناء البلاد , وبلادنا العراق ,تجسيد حي ,لهذه القضية , حيث تتاجر حكومة مجاميع ألحرامية بالدين , رغم انها لم تقدم شيء مفيد لأبناء العراق , الذي باتت فيه الناس التي تعيش تحت خط الفقر في تزايد مستمر حتى راحت تناهز سبعة ملايين إنسان ,في بلد عدد نفوس مواطنيه قرابة 32 مليون . رغم ان مالية البلاد جاوزت 120 مليار دولار . المهم ان الدعوة لفصل الدين عن السلطة السياسية , كانت من المخلصين من رجال الدين , وليس من الحكومة لأنها كانت مستفيدة كثيراً من برقع الدين .

عليه نرى مما تقدم , أن حيادية السلطة , تجاه معتقدات ألناس الدينية , هو امرٌ افاد الدين والسلطة الحاكمة و أ بناء الشعب في آن معاً .

 

لماذا يعوذ الاسلاميون بالله من كلمة العَلمانية ؟ (1)
 

free web counter