|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  27  / 12 / 2015                                 عزيز العراقي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التقية المركبة

عزيز العراقي
(موقع الناس)

استبشرنا خيرا بكتابات الاستاذ سليم الحسني وهو القيادي في حزب الدعوة , وقد عاصر مجريات الحدث العراقي منذ استلام الحزب للسلطة بعد ازاحة صدام ولحد الآن , ومحاولاته المستميتة في تجريد القوى العراقية الاخرى ومن بينها الاحزاب السياسية الشيعية من فاعليتها في المشاركة باتخاذ القرار السياسي العراقي , وهو ما ادى لانفراد المالكي وحزب الدعوة في ادارة العراق . ان الطريق الذي اختاره المالكي لتسهيل قيادته للعراق هو في نخر المجتمع وتفتيت مجموعة القيم والمثل التي شكلت روابطه الاجتماعية وذلك بإشاعة الفساد واللصوصية وإضعاف كل المرجعيات الوطنية والرسمية والدينية , وكان اخطرها محاولاته اضعاف المرجعية الكريمة في النجف الاشرف .

كنا نعتقد في بداية كتابتك تحت عنوان " اسلاميو السلطة " , ان هذه المقالات لا تختلف في الشعور بالمسؤولية عن كتابات المفكر الشيعي غالب الشابندر قبل ان نقول الاستاذ ضياء الشكرجي باعتباره تحول الى العلمانية . ولكننا وجدنا في المقالات الاخيرة ما ذكرنا ببعض كتاب العهد السابق والذين لا يزالوا بعثيين في توجهاتهم عندما يذكر اسم صدام . يقولون انه كان دكتاتورا , ويتركون باقي جرائمه . ولكن عندما يتحدثون عن التردي بعد ازاحته يجعلون كل الجرائم والكوارث التي لحقت بالعراق هي من صنع من خلفوه وليس بسببه , وفي المقدمة منها وصول هذه الطبقة السياسية بعده الى السلطة . في الكثير من مقالاتك تذكر ان المالكي اراد الانفراد بالسلطة وأشاع الفساد ايضا , وفي مقالاتك الاخيرة  تصب هجومك على العبادي وكأنه سبب بلاء العراق . والأكثر هو دفاعك عن شرعية " الولاية الثالثة " للمالكي , التي اعتبرتها الجريمة " الدستورية " التي اطاحت ب" ديمقراطية " العراق وسببت الكارثة .

على كل حال نشكر مساهمتك في تأكيد ما كشفته الحياة باعتبارك شاهد من اهلها , هذا الكشف الذي تعمد بمئات آلاف الضحايا والمعوقين , والأرامل والأيتام , وحرمان الملاين الذين اصبحوا دون خط الفقر على يد زملائك في قيادة حزب الدعوة وقيادة الحكومة والعملية السياسية .

ان دعوتك الاخيرة بالتحريض على العبادي لانه ( قد ) يتدخل في حسم خلاف على ( زعامة ) الحشد الشعبي بين المهندس والعامري لصالح الاخير . وتجعل منها كما يشي قلق المقالة بانها ستكون عقدة العقد , في الوقت الذي لا يفرق للعراقيين شئ في مصلحتهم الوطنية بين العامري او المهندس لقيادة الحشد الشعبي , فالاثنين هما عراقيان في الاصل وضابطان في فيلق القدس الايراني , والمليشيات التي يقودانها اسماء عراقية بتوجهات ايرانية . والفرق ان هادي العامري شارك بالعملية السياسية منذ بدايتها - بغض النظر عن فائدة او ضرر هذه المشاركة – وأصبح معروفا لكل العراقيين , والمهندس غير معروف ولا هو من بين الوجوه الشيعية التي ساهمت في بناء العملية السياسية . ولكي لا تفسر هذه الكلمات على انها دفاعا عن العبادي , فالجميع يعرف ان العبادي اضعف بكثير من اعلان هبته الاصلاحية , وقد خدر العراقيين دون ان ينجز شئ على ارض الواقع , وفرط حتى بدعم المرجعية والتأييد الشعبي الحاشد , ومن تخويل البرلمان الذي منح له تحت تأثير هذا الضغط الشعبي .

العراقيون يدركون ان امكانيات العبادي القيادية بسيطة , والإعاقات التي يضعها المالكي والمتضررون من الاصلاح في باقي الكتل المتنفذة , اكبر بكثير من الادوات التي بحوزة العبادي حتى لو اراد الشروع بإصلاح حقيقي , ويدركون ايضا حقيقة الوضع العام الذي يسيطر عليه الامريكان والإيرانيين . فلا العبادي الضعيف ولا غيره يستطيع الخروج من عنق التردي ما لم تستبدل اسس العملية السياسية وإنهاء المحاصصة الطائفية , ومن دونها لن تتبلور ارادة وطنية نافذة تنهض بالإصلاحات التي اعلن عنها العبادي او غيرها الاكثر جذرية التي تطالب بها الجماهير المتظاهرة . وهذا هو الذي يقلق العراقيين وليس من يكون آمرا للحشد الشعبي .

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter