|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  26  / 9 / 2015                                 عزيز العراقي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مرة اخرى : هل يدرك العبادي ثمن تردده ؟!

عزيز العراقي

خطبة المرجعية الكريمة في الجمعة الاخيرة 25 / 9 / 2015 , كانت الاكثر صراحة والأكثر حزما في التشديد على رئيس الوزراء حيدر العبادي , ويمكن اعتبارها الانذار الاخير له لتجاوز تردده وخوفه من حسم الامور باتجاه الاصلاح الواضح . قبل شهر كان حيدر العبادي موضع تأييد من الجميع , العراقيين والمرجعية الكريمة , والأحزاب السياسية المتنفذة التي ترجمت تأييدها من خلال تصويت البرلمان لحزمتي الاصلاحات التي لوح بها العبادي خوفا من ردة فعل الجماهير المكتوية بالحرارة التي تجاوزت الخمسين , ومعهم الادارة الامريكية والمحيط العربي وايران . اليوم الجميع في حالة انتظار وهم ينظرون لمفترق الطرق الذي يقف فيه العبادي متحيرا , وأخذت التوقعات تميل في اغلبها بعدم قدرته للنهوض بالإصلاحات .

المرجعية الكريمة في خطبتها الاخيرة مسكت الحالة العراقي من مفصلها الرئيسي , الا وهي التظاهرات الاحتجاجية التي تخرج في مدن وسط وجنوب العراق ( الوسط الشيعي ) , واذ كانت التظاهرات ضعفت في الاسبوع الاخير , بل لم تخرج في العاصمة بغداد نتيجة حلول عيد الاضحى وكما قال بعض الناشطين : لكي لا نعطي ذريعة للقوات الامنية في غلق نصف شوارع بغداد بحجة حماية المتظاهرين كما كان يفعل المالكي . فان المرجعية الكريمة حذرت الحكومة والأحزاب المتنفذة ومن يدور في فلكها من مليشيات ومافيات اعلامية وثقافية تدعي الحرص على اهداف المتظاهرين , وهي ليست اكثر من عين في مساعدة المليشيات والعصابات لاختطاف الناشطين والمحتجين المسالمين الذين هزوا اعمدة السلطة من اللصوص والفاسدين . المرجعية الكريمة قالتها بكل وضوح , اذا كانت التظاهرات قد خفت او تراجعت هذه الايام , فان القادم اعظم , وستعود التظاهرات اشد واكبر ولات حين مندم .

ستعود التظاهرات اشد واكبر " ولات حين مندم " وضعت النقاط على الحروف كما يقال , فإما الاصلاح واما الثورة التي ستطيح بكل الرؤوس العفنة من جذورها . المرجعية الكريمة لا تزال هي المؤسسة الوحيدة – وبالذات في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العراق – تحظى بحب وولاء جميع العراقيين , وبما تمتلكه هذه المؤسسة الدينية العريقة من امكانيات كبيرة , أهمها تنظيم المنظومة العقائدية المسالمة للطائفة الشيعية , والمتعايشة بوئام مع وحدة المصالح المشتركة لكل العراقيين بكل اديانهم وطوائفهم , وانقلبت على هذه المنظومة المسالمة قيادات الاحزاب السياسية الشيعية ليس مع الآخرين فحسب بل ومع الجماهير الشيعية بالذات . هذا الانذار جاء بعد ان نفذ صبر المرجعية الكريمة من كثرة الاشارات والتوجيهات والتنبيهات التي وجهتها بكل رحابة صدر وطول اناة منذ سقوط صدام ولحد الآن , اي منذ ثلاثة عشر عاما . اضطرت المرجعية اخيرا امام مسؤوليتها الشرعية والأبوية وهي ترى احتلال ثلث العراق على يد اسافل خلق الله من وحوش الدواعش , وملايين المهجرين , وملايين الاطفال الجياع والمشردين بدون مأوى , وآلاف السبايا من الازيديات والمسيحيات , وآلاف الجرائم الكبرى التي حصدت العراقيين بكل طوائفهم . كل هذا استدعى تدخل المرجعية الكريمة دفاعا عن مسؤوليتها الشرعية والأبوية , وتساؤلها امام نفسها : كيف سمحت لهؤلاء ان يستغلوا ( ولائهم ) لها ويستفيدون من دعمها ويتربعون على كراسيهم طيلة هذه السنوات ؟!

المرجعية الكريمة وجهت هذا الانذار وهي تدرك سر قوتها , وتدرك ايضا ان زعامات الاحزاب الشيعية والطوائف الاخرى ومرتزقتهم من المليشيات التي ستتضرر من الاصلاحات , ليست بعيدة من ان ترتكب اقذر الجرائم كي لا تفقد امتيازاتها , والسؤال لهؤلاء المرتزقة الذين لا يزالوا مخدوعين بادعاءات الرؤوس التي فقدت كراسيها , ومراهنتهم على انتهاء التظاهرات بلا شئ . ولا يوجد في التاريخ بكل تجاربه ان تمكنت عصابات من الانتصار على ارادة اي شعب من شعوب الارض , وكلام المرجعية صريح وواضح لهم ولمن يقف خلفهم من خارج الحدود .
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter