عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  7 / 8 / 2017                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

إلى نائب كردي فـي برلمان العراق

عدنان حسين 
(موقع الناس)

للتذكير فقط، فإننا - أنتَ وأنا - لسنوات كثيرة امتدّت عقوداً، ناضلنا معاً من أجل الأهداف ذاتها: الحرية، الديمقراطية، التنمية، والحكم الذاتي (ثم الفيدرالية) لكردستان العراق.

كنّا قريبين من بعضنا طوال الوقت، كأننا جئنا من أم واحدة وأب واحد. في الجامعة عملنا معاً في أيام النضال السرّي، والعلني كذلك. في السجون والمعتقلات تعرضنا للتعذيب القاسي ذاته على أيدي الجلّادين أنفسهم .. تحمّلناه بقوة إيماننا المشترك بأن الطغاة أعمارهم قصار مهما طال بها الزمن وبأن المستقبل لنا. وفي تلك الأيام وفّرت لكَ الحماية في بيتي (البغدادي أو الموصلي أو البصري) من أعين جواسيس الأمن، وقدّمتَ أنت لي الملاذ في السليمانية وأربيل عندما لاحقني الجلاوزة.

عندما صعدتَّ الجبل مُلتحقاً بقوات البيشمركة، في مختلف العهود، لحقتُ بك نصيراً.. كنتَ كريماً معي، لا أنكر هذا، وفي مجرى واحد سال دم رفاقك ورفاقي الذين قدّموا أرواحهم قرباناً لقضيتنا المشتركة القائمة حتى الآن. ويومَ تحررتَ أنتَ من حكم الطغيان بفضل الانتفاضة (1991) والحماية الدولية، كنتُ أنا فَرِحاً مثلك بما تحقّق لك .. شاركتُكَ التطلّع لأن يؤسّس الاقليم تجربةً ديمقراطيةً تكون دليلاً وقدوة لي ولأهلي العرب في سائر مناطق العراق لنبني الدولة الديمقراطية الاتحادية التي جابهنا نحن الإثنان الكثير من المشقّة والعسف والعذاب والجوع في سبيلها.

يومَ سقط الدكتاتور في بغداد احتفلنا معاً، وقلنا بلسان واحد أننا قد صرنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمنا التاريخي المشترك.

لم تمضِ الرياح بما تشتهي السفن .. هذا أمر واضح .. وهذا لم يكن خاصّاً بك وحدك .. أنا أيضاً وجدتُ أن الذين تولّوا الحكم في بغداد قد خانوا أحلامي وأحلامك، وهي أحلام الشعب العراقي بمختلف قومياته، فقد انصرفوا إلى فسادهم الذي تحقّقه لهم سلطة استحوذوا عليها بالغشّ والكذب وتقديم الرشى وتزوير نتائج الانتخابات، واحتكار المناصب والوظائف بتعيين عديمي الكفاءة وناقصي الخبرة والوطنية ومزوّري الشهادات فيها.

أعرفُ أن السوء الذي نالني قد نالك أيضاً.. وأعرفُ أن هذا ممّا كان وراء تبنّيك شعار الاستقلال للاقليم، بعدما أعيتك الحيلة في إعادة القطار إلى سكته.

أنا أتفهم هذا، فلقد كنتُ منذ البداية، كما تعرف، ولم أزل مؤيداً عن قناعة لحقّ الكرد في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة الموحدة.

لكنّك، أخي النائب الكردي، تخذلني الآن الخذلان الكبير بوقوفك في مجلس النواب في صفّ هؤلاء الذين حطّموا أحلامنا المشتركة وزادوا الخراب المتوارث من عهد الدكتاتورية وحروبها خراباً، ليُصبح خرابنا المشترك اسطورياً. لا أفهم موقفك، بل إنه يثير حنقي وغيظي .. لا أستحق منك أن تكون مثل "سكينة خاصرة"، تصوّت في المجلس لصالح القوانين المناهضة لمصالحي والمحطمة لأحلامي في عراق ديمقراطي آمن ومزدهر، فيدرالي أو كونفدرالي إذا ما اخترتَ البقاء فيه، وجار مسالم لك، إذا ما اخترتَ الاستقلال.

أخي النائب الكردي .. ليس هذا عشمي فيك، أن تمرّر قانوناً ينتقص من حريتي في التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، المكفولة في الدستور .. ليس عشمي فيك أن تصوّت لصالح قانون انتخابات يكرّس احتكار السلطة في أيدي هؤلاء الذين أطاحوا آمالنا المشتركة ويسعون لتخريب علاقتنا التاريخية، وسوى ذلك من القوانين السيئة .. إذا كنتَ ذاهباً إلى الاستقلال لماذا تريدني أن أعيش في دولة دكتاتورية شبيهة بالدولة التي ناضلنا طويلاً ضدها؟ .. وإذا كنتَ تريد البقاء معي في هذه الدولة، فلماذا تكون عوناً لحكّامها على ان يستبدّوا بنا نحن الإثنين مثلما استبدّ بنا نظام صدام؟

لماذا؟؟؟؟ .. أجبني ..!
 

المدى
العدد (3989) 7/8/2017 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter