عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  6 / 11 / 2016                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

هدف أردوغان الأخير

عدنان حسين 
(موقع الناس)

اختارت مجلة الإيكونومست البريطانية عنواناً ذكياً لتقرير نشرته أمس عن تركيا. العنوان هو (”Goodbye, “Republic)، أي: وداعاً "جمهورية"، والمقصود على نحو مباشر صحيفة "جمهوريت" التركية العلمانية الشهيرة، لكن ثمة إحالة في العنوان إلى شيء آخر في الواقع.

مناسبة التقرير ذي العنوان المُختصر هي حملة قوات الأمن التركية المتفاقمة على الحريات العامة، التي طالت في الأيام الأخيرة قيادة حزب الشعوب الديمقراطي ذي الأغلبية الكردية وصحيفة "جمهوريت" والآلاف من الشخصيات السياسية والاجتماعية . وعنوان الايكونومست يُحيل إلى الجمهورية التركية وليس فقط إلى الصحيفة الليبرالية البالغ عمرها الآن 55 سنة، وهو إعلان من هيئة تحرير المجلة البريطانية العريقة بأن ثمة خطراً يهدّد باكتساح النظام الجمهوري الديمقراطي في تركيا.

مصدر الخطر بالطبع هو الرئيس رجب طيب أردوغان الذي بدأ منذ أن تولّى رئاسة الدولة في آب/ أغسطس 2014 هجوماً كاسحاً على الحريات العامة بهدف لم يعد خافياً على أحد، وهو التمهيد لإقامة دكتاتورية لحزبه الإخواني وله شخصياً .. هذا الهجوم هو ما جعل حتى البعض من أقرب الناس إليه في حزبه يبتعدون عنه، وفي مقدمهم الرئيس السابق عبد الله غل ورئيس الوزراء السابق أحمد داوو أوغلو.

قبل ثلاثة أيام من اعتقال قادة حزب الشعوب الديمقراطي، اعتقلت قوات الأمن التركية نحو 12 من مسؤولي صحيفة "جمهوريت" وصحافييها، بينهم رئيس التحرير مراد صابونجو، وبرّرت بيان نيابة إسطنبول اعتقالات الصحفيين بأنها في إطار تحقيق في "نشاطات إرهابية" مرتبطة بحركة الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل في 15 تموز/ يوليو الماضي، وبحزب العمال الكردستاني.

منذ محاولة الانقلاب التي وجّه البعض إلى أردوغان نفسه تهمة تدبيره لتبرير حملته على القوى المعارضة والحريات العامة، اعتقل عشرات الآلاف من الاشخاص، معظمهم من أفراد النخبة العسكرية والمدنية، وأنهيت أو عُلّقت خدمات أكثر من 100 موظف عمومي، وفي نهاية الاسبوع الماضي أُعلن عن فصل 10 آلاف موظف حكومي آخرين، هم من الأكاديميين والمعلمين والعاملين في قطاع الصحة وحرس السجون وخبراء الأدلة الجنائية. وقد اعترفت السلطات الحكومية منذ أيام باعتقال أكثر من 35 ألف شخص وإخضاع 82 ألفاً للاستجواب في الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها. كما أُغلقت 15 وسيلة إعلامية في البلاد.

مثل بلدوزر يعمل أردوغان الآن ضارباً بكل قوة ذات اليمين وذات الشمال لتقويض النظام الجمهوري في تركيا، كما لمّحت الايكونومست في عنوان تقريرها أمس، وإقامة نظام الخلافة الذي يتطلّع هو إليه ومن خلفه التنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين.
 

المدى
العدد (3776) 6/11/2016 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter