عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  5 / 11 / 2016                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

جاويش أوغلو يستعير لسان أردوغان المنفلت

عدنان حسين 
(موقع الناس)

على خطى رئيسه الغارق في وهم كبير بأنه سلطان عثماني جديد يمكنه أن يُخضع أمماً وشعوباً لسلطانه، يترك وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للسانه حرية أن يتدفق منه الكلام البذيء الذي لا يليق حتى بفرّاش أمّي يعمل في وزارة الخارجية.

الرئيس أردوغان معروف بين أبناء شعبه بوصفه أُنموذجاً لذوي اللسان المنفلت، فثمة العشرات من المواقف التي لم يكترث فيها أردوغان للمناصب الرفيعة التي يتقلدها فينفلت لسانه بالكلام السليط حتى في الاجتماعات العامة المنقولة على الهواء مباشرة.

في أيار 2014 لم يتردد أردوغان، وكان يومها رئيساً للوزراء، عن الخروج على اللياقات وقواعد المشاركة في الاجتماعات العامة، فهبّ من مكانه ليقاطع كلمة كان يلقيها نقيب المحامين في تركيا تضمّنت نقداً لأداء حكومة أردوغان، ويصرخ بالنقيب طالباً منه السكوت ومتهماً إياه بالوقاحة! قبل أن يترك القاعة على عجل وهو في حال الغضب الشديد.

في موقف آخر، وليس أخيراً، كان أردوغان قبل ذلك بسنة أثناء الاحتجاجات الشعبية في إسطنبول على مشروع لحكومته بإلغاء حديقة غيزي التاريخية، قد وقف أمام تجمع لأعضاء حزبه ليهدّد المحتجّين المعتصمين في الحديقة بأنه سيجعل قوات الأمن "تكنسهم كنساً"، وأقرنَ كلامه بحركة من إحدى يديه تشير إلى عملية الكنس!، وكان ذلك مشهداً فاقعاً أيضاً لخروج السلطان التركي الحالي على اللياقات وقواعد حسن السلوك.

الآن أصبح لدى أردوغان وزير خارجية يترسّم خطاه ويقلّده في انتهاك اللياقات والقواعد الدبلوماسية من دون الالتفات إلى أنه من المفترض أن يكون رجل الدبلوماسية الأول في بلاده، فيُصحّح لرئيسه أخطاءه ويّغطّي على عثراته.

الوزير جاويش أوغلو هاجم الأربعاء الماضي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقال في حقه كلاماً لا يصحّ أبداً أن يخرج من رئيس الدبلوماسية في أي دولة تحترم نفسها.

السيد العبادي فعل ما يتوجّب على أي رئيس حكومة فعله، بإعلانه من جديد يوم الثلاثاء عن عدم القبول بمشاركة القوات التركية في عمليات تحرير الموصل من دون إذن الحكومة العراقية. وفيما شدّد على حرص بغداد على علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا، أكد أنها ستتصدى لأي اعتداء. ردّاً على هذا اختار الوزير التركي أن ينطق بكلام ينطوي على قدر كبير من الصفاقة. قال مخاطباً العبادي إن تصريحاته "لا تعني شيئاً" لأنقرة، وأضاف "إذا كانت لديك قدرات، لماذا سلّمتَ الموصل للإرهابيين؟ وإذا كنت قوياً، فلماذا لا تحارب حزب العمال الكردستاني الذي يحتل الأراضي العراقية منذ سنوات؟ إنك ضعيف واليوم تحاول الانخراط في العنتريات، وتطلق تصريحات رنانة لا معنى لها بالنسبة لنا".

هل ثمة صلافة أكبر من هذه، خصوصاً وأنها تصدر عن وزير للخارجية؟ .. جاويش أوغلو لابدّ يعلم أن العبادي لم يكن رئيساً للحكومة أو وزيراً يوم اجتاح داعش الموصل وسائر المناطق العراقية .. يومها كان نوري المالكي هو رئيس الحكومة.. وجاويش أوغلو لابدّ يعلم أن تركيا الأردوغانية هي التي جلبت داعش وسواه من المنظمات الإرهابية الى العراق وسوريا... وجاويش لابدّ يعلم أن حزب العمال الكردستاني مشكلة تركية قديمة فشلت حكومته وقبلها حكومة رئيسه أردوغان وكل الحكومات السابقة في حلّها منذ ثمانينيات القرن الماضي.

جاويش أوغلو، حامل شهادات الكفاءة في الاقتصاد والمال والأعمال، كان عليه أن يتعلّم الدبلوماسية قبل أن يحمل حقيبة الخارجية.
 

المدى
العدد (3775) 5/11/2016 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter