عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  5 / 6 / 2017                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

طبق الأصل: محنة الموصل

عدنان حسين 
(موقع الناس)


لا تصل كاميرات الفضائيات إلى عمق ما تبقّى من الموصل في أيدي إرهابيي داعش، لتنقل إلينا بالصوت والصورة المحنة الكبرى التي يكابدها مَنْ تبقّى من أهالي المدينة المنكوبة المُرتهنين هناك، فثمة الكثير من المشاهد والمواقف المأساوية.

عبر ماسنجر موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، نقلت إليّ صديقة مصلاوية بعضاً من فصول هذه المحنة غير المسبوقة على مدى تاريخ المدينة التي ظلت على الدوام زاهرة... وقائع نقلها إليها أفراد من عائلتها مازالوا هناك فيما مات البعض منهم واختفت آثار البعض الآخر.

الصديقة كتبت:
"لديّ قريبة تقول: كلّ ما لديّ قليل من الحنطة أسحقها وأنقعها في الماء ثم أسلقها ونأكلها أنا وزوجي وأولادنا، بدون زيت او ملح أو أي شيء آخر ... الماء هو من ماء المطر الذي جمعته.
"المجاعة في المناطق المحتلة لتسعين ألف مواطن لا تُصدّق، وفرص نجاتهم ضعيفة جداً. الكبار يموتون، وخاصة أصحاب الامراض المُزمنة لاستحالة توفّر الدواء، والاطفال من الجفاف، وفي أي لحظة يقتحم الدواعش بيوتهم وينحرونهم ... هذا ثمن ترك داعش سنتين دون أن تُطلق طلقة في وجوههم وترك 4 ملايين مواطن ومواطنة معظمهم أطفال مجرّدين من أيّ سلاح تحت قبضة داعش الحديدية ..لا رواتب، لا أدوية، لا ماء، لا كهرباء .. مرعوبين. ويأتي جاهل يعرض فيديو ويقول هـؤلاء أهل الموصل رحبّوا بداعش .. نعم قد يكون انضمّ لداعش بعض المجرمين، وهذا أمر متوقع، لكن هل ذهب أهل الموصل إلى كل بقاع العالم وجمعوا الدواعش ودرّبوهم ليحتلّوا نينوى؟ .. حينما دخل الدواعش كانوا بالعشرات لكن هروب القوات الحكومية وتركهم سنتين بكل راحتهم قوّى نفوذهم.

"هذا الاسبوع فقط ذبح الدواعش خالتي وابن خالي وأصيب الآخر بقطع رجله، لأنهم حاولوا الهرب .. هم في بيت جدي في الموصل القديمة قرب الجامع الكبير الذي فيه منارة الحدباء.

خالتي الأخرى مدرّسة في (....) وابنتها كانت أستاذة في الجامعة، فُقدتا ضمن مجاميع حاولت الهرب. عمّاتي وخالاتي الأخريات وأخوالي لا نعرف عنهم شيئاً، في الموصل القديمة بالجانب الايمن. فقط نسمع من الناجين بمَنْ مات منهم أو ذُبح من قبل داعش أو جراء القصف.

الجيش ومكافحة الإرهاب يقاتلون بضراوة من غرفة الى غرفة وليس من بيت الى بيت.
"المحنة توجع أكثر حين يطعن الضحايا أبطال الفيس بوك ويكيلون لهم التهم ويتشفّون بما يحدث لهم، مرة بالتعميم ومرة بالقول إن العشائر بايعت ..والله لم أجد في أهلي وعشيرتي واحداً يتعاون أو يؤيد داعش، وقد هُدِمت بيوتهم ومحالهم، والموظفون منهم بدون رواتب منذ سنتين.

"تخيّل مدينة كبيرة بدون خدمات لا ماء إطلاقاً ولا دواء ولا كهرباء .. بيوتهم سجون، وهي قبور لمن يموت منهم.
"داعش رعب وقسوة لا حدود لها .. الناس محاصرون بين السماء وداعش.. لا سلاح ولا ناصر ولا معين. .. داعش أحكم بقبضة من حديد، والعالم أدار ظهره لسنتين.
...............
"الآن ممنوع علينا نحن أهل الموصل، حتى الذي يُدقّق أمنياً، دخول بغداد، ولا أتمكن من زيارة الموصل، ولاهم مسموح لهم بالمجيء. نتواصل فقط عبر الفايبر.
"لا يوجد لمّ شمل .. من له أقارب وأهل في الموصل مقطوع عنهم.
..............
"أربيل أيضا لا يتمكنون من دخولها، مع أن الطريق مؤمّن.
معاملات أهل الموصل تُنجز الآن في الساحل الأيسر وتُرسل بالبريد إلى بغداد، لكن، أيّ من أهل الموصل لا يحقّ له دخول العاصمة، إلا مَنْ يدفع رشوة كبيرة، وهم دواعش!!! أما الفقراء فيُهانون بالتدقيق الأمني ويجلسون يوماً كاملاً على الارض، مع أنهم ليسوا دواعش. في الشرقاط يأتي (...) ومعهم مجاميع تُنجز المعاملات في دقائق بالتوريق، ومَنْ لديه المال غير الدواعش؟؟ ... بلد نخرته الرشوة والفساد!!"


المدى
العدد (3941) 5/6/2017 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter