عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  30 / 8 / 2017                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

لماذا نسكت على هذه الفِعلة الشنيعة؟

عدنان حسين 
(موقع الناس)

حكومتنا (العراقية) وأكثر القوى نفوذاً فيها وفي عموم الدولة لديها علاقات جيدة جداً مع النظام السوري ومع حزب الله اللبناني. المنطق يقول إن علاقات كهذه لابدّ أن تكون محلّ اكتراث وعناية ورعاية من أطرافها جميعاً.. لكنّنا لا نجد على الأرض ترجمة لهذا المنطق في العلاقات مع دمشق وحزب الله، فحكومتنا وقواها المتنفذة في حال الحب من طرف واحد مع دمشق وحزب الله.

عندما حصلت عملية التغيير في العام 2003 التي انتهت بوضع السلطة في العراق في أيدي القوى المتنفذة الآن، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع النظام السوري وحزب الله، لم يخفِ النظام السوري وحزب الله موقفهما العدائي حيال النظام الجديد (الأميركي)، بل إنّ نظام بشار الأسد أتاح لتنظيم القاعدة الإرهابي ولفلول نظام صدام التدرّب على الاراضي السورية وعبور الحدود لتفجير الاسواق والمدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات ودوائر الدولة في بغداد وسائر المدن والبلدات في مسلسل إرهابي أزهق أرواح مئات الآلاف من العراقيين وأحدث دماراً مادياً مهولاً تتجاوز قيمته مئات مليارات الدولارات، حتى انتهى الأمر باحتلال تنظيم داعش الإرهابي، القادم من قواعده ومناطق سيطرته في سوريا، ثلث مساحة البلاد وكاد أن يدخل العاصمة بغداد.

لنقل إنّ الضرورة واللعبة السياسية، وليس الدور الإيراني، هما ما حملا الحكومة السابقة وقواها المتنفذة على عمل انعطافة حادة من السعي لشكاية النظام السوري لدى مجلس الأمن الدولي إلى إقامة العلاقات الوثيقة معه، مرة بذريعة الحرب ضد الإرهاب وأخرى بحجة حماية المراقد الشيعية المقدّسة في سوريا.

أمام أبصار العالم كلّه انتقل أول من أمس مئات من مسلحي داعش مع عوائلهم من الاراضي اللبنانية التي كانوا يحتلونها إلى الأراضي السورية التي يحتلها تنظيمهم أيضاً بترتيبات كان النظام السوري وحزب الله طرفاً فيها إلى جانب داعش .. انتقلوا معزّزين مكرّمين بكل الأبّهة في حافلات فخمة مكيّفة ومؤمّنة فيها الخدمات اللازمة لرحلة تمتدّ مئات الكيلومترات.

المنطقة التي نُقِل إليها مسلحو داعش ليست أي منطقة على الاراضي السورية... هي ليست عند الحدود مع إسرائيل، عدوة النظام السوري وحزب الله، أو تركيا عدوة النظام السوري.. إنها منطقة البو كمال الواقعة على خط الحدود مع العراق قبالة بلدة القائم العراقية الستراتيجية. بهذه الصفقة يكون النظام السوري وحزب الله اللبناني، حليفا حكومتنا وقواها المتنفذة، قد قاما بنقل نفايات غير مرغوب فيها إلى حدودنا ليتخلّصا هم منها ويرموها علينا لنتورط نحن بها!.. لكم التقدير ما الذي سيفعله هؤلاء الإرهابيون، فالبوكمال ليست منتجعاً للراحة أو للاستشفاء.. هي قاعدة رئيسة للتنظيم الإرهابي لطالما انطلق منها في العشرات من عملياته الدموية داخل العراق، واتفاق النظام السوري وحزب الله لم يتضمن شرطاً يُلزم داعش بعدم استخدام البوكمال وهؤلاء الإرهابيين في أعمال ضد العراق.

حكومتنا وقواها المتنفّذة كان من المفترض أن يكون لها موقف الرافض والمحتجّ بأشدّ اللهجات منذ اللحظة الأولى للإعلان عن هذا المشروع العبثي الخطير، لكنّنا لم نرَ شفة تنبس بشيء حيال هذا الأمر الجلل.. كل ما سمعناه هو تصريح لرئيس الأمن والدفاع في مجلس النواب حاكم الزاملي قال فيه كلاماً يرتقي إلى مستوى الكفر.. هذا البرلماني قال إن أمر نقل الدواعش إلى منطقة البو كمال الحدودية "شأن داخلي سوري - لبناني لا دخل لنا به"!!!

هذا منطق أعوج وسقيم ومناهض للمصالح الوطنية .. خوفنا أن يكون هو موقف الحكومة أيضاً.
(كلام رئيس الوزراء مساء امس عكس موقفاً ببرودة قالب الثلج)
 

المدى
العدد (4009) 30/8/2017 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter