عدنان حسين
     


|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد   27 / 11 / 2016                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

قانون الحشد: تريد غزالاً، خُذْ أرنباً !

عدنان حسين 
(موقع الناس)

قبل أن يصوغها في نسختها الرسمية النهائية تمهيداً لطرحها على الأطراف المقصودة، وضع التحالف الوطني العراقي عبوة ناسفة من العيار الثقيل تحت عربة مشروعه الهادف الى تحقيق "تسوية تاريخية" في البلاد، بتمريره قانون الحشد الشعبي في مجلس النواب أمس.

التحالف الوطني لجأ إلى "منطق القوة" في تشريع هذا القانون برغم أنف الآخرين الذين قيل لهم في الجلسة البرلمانية ليوم أمس "تريد أرنباً خُذْ أرنباً، تريد غزالاً خُذْ أرنبا"!، وكذلك برغم أنف الحكومة التي عليها أن تُلحق قوات الحشد بها وتُنفق عليها من الموازنة العامة للدولة.

أفترضُ أنه لأشهر عدة انكبّ عدد لا يستهان به من السياسيين والاكاديميين والنشطاء على إعداد مسودة مشروع التسوية التاريخية، مستعينين بمشاريع واطروحات وخبرات سابقة وبآراء عدد من المعنيين، لإعداد هذه الوثيقة التي لم يزل أصحابها يستطلعون الآراء بشأنها وإعادة صياغة فقرات وجمل فيها كيما تكون مقبولة لأكبر عدد من القوى والشخصيات المستهدفة.

لكنّ الذي جرى أمس في مجلس النواب أحدث فجوة كبيرة في المركب الذي كان يُراد له أن يمخر عباب البحر العراقي العاصف، وهو ما مقدّر له أن يثير شكوكاً أقوى ومخاوف أعمق حيال مشروع "التسوية التاريخية" وأية مشاريع أخرى تتعلق بالمصالحة الوطنية.

هذه المرة استند التحالف الوطني الى قوته التصويتية في مجلس النواب لتمرير قانون غير متوافق عليه مع التحالفات والكتل الأخرى، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ 2006. في السابق كانت الأغلبية البرلمانية تتردّد وتتريث في تمرير القوانين، بذريعة السعي لتحقيق إجماع أو في الأقل أغلبية ساحقة. هذا يثير سؤالاً مشروعاً عن معنى عدم ركون التحالف في الماضي إلى أغلبيته البرلمانية فمن أجل تعديل الدستور وتشريع قوانين ظلّت مطلباً لقطاعات واسعة من الشعب العراقي، وهي القوانين المتعلقة ببناء كيان الدولة المستقر، كقانون مجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز وقانون المحكمة الدستورية وقانون النقابات والاتحادات، فضلاً عن القوانين اللازمة للإصلاحات السياسية والاقتصادية التي أقرّ مجلس النواب بضرورتها والحاجة الماسّة لها، غداة اندلاع الحركة الاحتجاجية في العام الماضي.

الآن، كيف سيقتنع الذين انسحبوا من جلسة البرلمان أمس وسواهم ممن يستهدفهم مشروع التسوية التاريخية بأن التحالف الوطني جادّ في التوصل إلى "تسوية وطنية تنتج مصالحة تاريخية عراقية"، تؤول إلى "الحفاظ على العراق وتقويته كدولة مستقلة ذات سيادة وموحدة وفيدرالية وديمقراطية تجمع كافة أبنائها ومكوناتها معاً"، كما جاء في أول بندين في مشروع التسوية؟
 

المدى
العدد (3788) 27/11/2016 
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter