|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  26  / 11 / 2014                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

لا خبر يقيناً عند جهاز الإحصاء

عدنان حسين

كنتُ عازماً على الكتابة في عمود اليوم عن قضية لها علاقة جزئية بمستويات الفقر والبطالة في بلادنا التي كان من المفترض أن تعيل ثرواتها الطبيعية الهائلة على نحو باذخ ضعف عدد السكان المقيمين منهم أو المهجّرين والمهاجرين في الداخل والخارج. الشكر كل الشكر(!) عن عدم تحقق المفترض لأحزاب الإسلام السياسي التي أدخلتنا للعام الحادي عشر على التوالي في أتون حرب طائفية طاحنة ترجع أسبابها ودواعيها المُعلنة والمُستترة إلى قضية عمرها 1400 سنة، ومات أربعون جيلاً من أحفاد أطرافها!

كم تبلغ الآن نسبة البطالة بين السكان عامة وبين الشباب خاصة، وبين خريجي الجامعات على نحو أخص؟.. وإلامَ وصلت مستويات الفقر إجمالاً، وفي المدينة والريف كلاً على حده؟.. ما كان لي، وأنا أبحث عن الجواب، إلا أن أفكر بالجهاز المركزي للإحصاء.. لابدّ ان عنده الخبر اليقين. لكن، بما ان سوء الظن من حسن الفِطن فان حسن الظن من سوء الفطن في المقابل، وهذا ما حصل معي.

طرقتُ بوابة الأخ الكبير "غوغل" مُدخلاً اسم الجهاز، فأحالني على موقعه الالكتروني. فرحتُ إذ أعطتني الصفحة الرئيسة للموقع انطباعاً أولياً بانني يمكن أن أعثر على الكنز الذي أبحث عنه .. قلت في نفسي انني سأجد إحصائيات دقيقة وجداول بيانية مُرتّبة تقدّم لي الجواب عما أرغب في معرفته. ولقد وجدتُ بالفعل ولكن عن فترة بعيدة نسبياً، فـ"تقرير خط الفقر وملامح الفقر في العراق" صادر في العام 2009 ، وبياناته تتعلق بمعطيات العام 2007 الذي أجرى فيه الجهاز، بالتعاون مع هيئة الإحصاء في إقليم كردستان وبدعم من البنك الدولي، مسحاً اجتماعياً واسعاً شمل جميع المحافظات واستمر سنة كاملة.

منذ ذلك الوقت جرت مياه كثيرة جداً في دجلة والفرات والزاب الأعلى والزاب الأسفل وديالى وشط العرب، ووقعت أحداث جسام، آخرها وقوع ثلث البلاد تحت احتلال واحدة من منظمات الإسلام السياسي إياها، ومات عشرات الآلاف من الناس ميتات شنيعة كالعادة وقبل الأوان بكثير، وما عاد يمكن التعويل على تلك البيانات القديمة مثلما لم يعد في الإمكان التعويل، مثلاً، على بيانات آخر إحصاء سكاني شهدته البلاد (1997)، فيما ترفض حكومات عهدنا الجديد بعناد مكين إجراء إحصاء جديد مستحق منذ سبع سنوات في الأقل.

هل هي سياسة مقصودة من الأحزاب الحاكمة الا تترتّب حياتنا على وفق الأساليب العلمية والنظم الحديثة المتطورة، ومنها إجراء إحصاءات وعمل مسوحات سكانية واقتصادية ومالية وثقافية واجتماعية، وإنجاز الموازنات العامة للدولة في الوقت المناسب؟

هل تتعمد هذه الأحزاب (وهي في مجملها من تيار الإسلام السياسي) قيادة سفينتنا من دون بوصلة أو رادار أو منظار أو GPS ، لتبقى (السفينة) تائهة في لجّ البحر، فلا ترسو عند شاطئ الأمان؟

 


المدى
العدد (3225) 26/11/2014
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter