|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  20  / 12 / 2014                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

المالكي وبارزاني

عدنان حسين

لستُ محامي دفاع عن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ولا أظنه في حاجة الى محام، فلغته العربية فصيحة ورصينة ويعبّر بها عن نفسه على نحو يبزّ به العشرات من زعمائنا السياسيين العرب. لكنني معنيّ بتصريح لنائب رئيس الجمهورية الحالي ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي رداً على تصريحات للسيد بارزاني.

يعنيني حديث السيد المالكي لأنه يتعلق بقضية وطنية عامة، فهو نفى ما قاله السيد بارزاني لقناة "العربية" بانه اتصل بالسيد المالكي وأبلغه معلومات عن هجوم محتمل لتنظيم "داعش" على الموصل. وجاء في بيان أصدره مكتب السيد المالكي الخميس " ان المالكي ينفي نفياً قاطعاً تلقيه اتصالاً هاتفياً من مسعود بارزاني قبل وأثناء هجوم تنظيم داعش الإرهابي على مدينة الموصل، كما ينفي أيضاً وبقوة أن يكون بارزاني قد اقترح تنفيذ علمية عسكرية مشتركة بين الجيش والبيشمركة ضد داعش".

تصريح السيد بارزاني الذي ينفي السيد المالكي معلوماته ليس الأول من نوعه.. انه الثالث أو الرابع منذ حزيران الماضي. كما ان السيد بارزاني لم يكن الوحيد في إعلان هذه المعلومة. محافظ نينوى أثيل النجيفي قال كلاماً مشابهاً.. ولا نفهم سرّ سكوت السيد المالكي كل هذه الأشهر على معلومات يصفها بيان مكتبه بانها "أقل ما يقال عنها أنها عملية لخلط الأوراق وتضليل الرأي العام في داخل العراق وخارجه".

أريد أن أصدّق السيد المالكي وأكذّب السيد بارزاني والسيد النجيفي، لكنني أصطدم بسؤال حارق : هل كان على أحد ما، في الأساس، أن يتصل قبل أسابيع أو أيام بالسيد المالكي ليبلغه معلومات عن نية أو خطط داعش للهجوم على الموصل لكي يعدّ عدته (المالكي) فيتصدى لاجتياح داعش؟.. لماذا إذاً كان السيد المالكي رئيساً للحكومة وقائداً عاما للقوات المسلحة ووزيراً بالوكالة للداخلية على مدى أربع سنوات ومشرفاً على وزارة الدفاع التي كان منصبها مشغولاً بالوكالة للسنوات الأربع نفسها؟ .. ماذا كانت تفعل أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للوزارتين وللقيادة العامة للقوات المسلحة؟

وإذا قبلنا بمسؤولية السيد بارزاني والسيد النجيفي عن حجب معلومات عن رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة تتعلق بخطط داعش الهجومية، فمن ذا الذي يتحمل المسؤولية عن الانهيار المروّع والمذهل للقوات المسلحة الجرّارة التي كانت تحت إمرة السيد المالكي مباشرة، فتهرب تلك القوات من الميدان بعديدها وتترك عدتها الفتاكة للتنظيم الإرهابي؟ ومن ذا الذي يتحمل المسؤولية عن عدم وقف هجوم داعش عند الموصل وعدم الدفاع عن تلعفر وسنجار وتكريت وبيجي وعشرات المدن والبلدات في محافظات نينوى وأربيل وصلاح الدين وديالى والأنبار؟

هل قضية سقوط الموصل وسواها هي ان السيد بارزاني وغيره لم يقوموا بواجب الإبلاغ عن نوايا داعش وخططه، أم هي قضية سوء إدارة للمؤسسة العسكرية والأمنية التي كان السيد المالكي يقودها مباشرة، وقضية سوء إدارة للدولة برمتها، وسوء إدارة للأزمة السياسية الطاحنة التي نشأت وتفاقمت في عهد الحكومة الثانية للسيد المالكي؟

كنت ولم أزل أتمنى على السيد المالكي أن يصبح واقعياً ويقرّ بانه ارتكب أخطاء واتخذ قرارات غير صائبة، وأن يدرك ان ما حصل في الموصل وسواها كان نتيجة منطقية للإصرار على الخطأ وعدم الاعتراف به، مع ان الاعتراف بالخطأ فضيلة، والتراجع عنه فضيلة أعظم.



المدى
العدد (3241) 20/12/2014
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter