|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  19  / 12 / 2014                                 عدنان حسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شنــاشيــــل :

الكهرباء وهيبة الدولة

عدنان حسين

وزارة الكهرباء زعلانة، ومعها هذه المرة حق في زعلها. وهذه المرة هي زعلانة على جمهور المستهلكين، أي كل الناس تقريباً في هذه البلاد. لكن هل ستنتهي أوجاعنا وآلامنا بإزالة أسباب زعل وزارة الكهرباء؟

الوزارة تقول ان إنتاجها من سلعتها الحيوية ارتفع الى 11 ألف ميغاوات، بيد ان التجهيز اليومي تراجعت ساعاته مع ذلك، والسبب يكمن في "سوء الاستخدام" و"التشغيل المفرط" من جانب المستهلكين لأجهزة التدفئة مع بدء فصل البرد، بحسب ما أبلغنا به المتحدث باسم الوزارة السيد مصعب المدرس (المدى برس).

وزارة الكهرباء معها حق في لوم المستهلكين، فنحن جميعاً تقريباً لا نعرف معنى للاقتصاد والتقشف في أي شيء .. مدننا كلها على سبيل المثال مكبّات نفايات مفتوحة ليلاً نهاراً، وتكفي نظرة عجلى الى تلول النفايات وشمّة سريعة للروائح الكريهة المنبعثة منها لإقامة الدليل على ان كل الذين فوق خط الفقر منّا يسرفون في الطبخ زيادة عن الحاجة، بينما تتكلف الدولة والمجتمع المليارات للإنفاق على مواد الحصة التموينية التي لا تصلح عادة للاستهلاك البشري، ويعاني نحو مليوني نازح من مناطق سيطرة داعش من شحّ في الحاجات الأساس وفي مقدمها الغذاء.

المال السائب يعلّم السرقة.. والكهرباء التي تنتجها وزارة الكهرباء مال سائب، فالوزارة لا تجبي ديونها المترتبة على المستهلكين، وهي لا تتبع نظاماً تصاعدياً في تسعيرتها، كما تفعل نظيراتها في الدول الأخرى، لضمان الاقتصاد في الاستهلاك، فكيف تريد الوزارة من مستهلكي كهربائها أن يرتدعوا فلا يسيئوا الاستخدام ولا يفرطوا في التشغيل لأجهزتهم الكهربائية؟

لا أحد يذهب الى الدولة ليقدّم لها ما تستحقه من مال لقاء سلعة الكهرباء.. دولتنا غير مُهابة، وهذا يشمل سائر القطاعات والميادين. في وضح النهار تتعرض الدولة الى الإهانة في الشارع. نظام المرور، مثلاً، لا وجود له في الشارع.. الكل يخرق ويتجاوز ويتعدى .. وشرطة المرور لا تفعل شيئاً، ومئات آلاف الباعة في مدننا يتجاوزون على الأرصفة والشوارع فيما الشرطة العامة وأجهزة البلديات لا تكترث كما لو ان الأمر لا يعنيها البتة.

انعدام مهابة الدولة يغري بانتهاك القانون، ومن أبرز مظاهر انتهاك القانون ومعه الأخلاق في دولتنا، هذا النهب السافر للمال العام، وهو نهب يتم برعاية وحماية من أعلى الكراسي في دولتنا.

الآن هو الوقت الأنسب للدولة كيما تفرض حضورها وهيبتها وسلطانها .. نحن في أزمة مالية خانقة، فالخزينة خاوية تماماً، ومن المفترض أن تبدأ وزارة الكهرباء بجباية أجور الكهرباء، وأن تتشدد وزارة المالية في جباية الضرائب على الدخل وعلى السلع المستوردة، وبخاصة الاستهلاكية، وعلى الزوار والسياح الداخلين الى البلد، مثلما تفعل كل الدول في العالم... حتى السلع الغذائية المستوردة يتعيّن فرض ضرائب عليها، فهذا مما يشجع على تنمية الزراعة والصناعة الوطنيتين.. وقبل هذا كله وبعده يجب وضع حدّ لسيبان المال العام ولرعايته وحمايته من "الكراسي العليا"، فما من دولة وما من هيبة لها وسلطان مع الفساد.



المدى
العدد (3240) 19/12/2014
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter