|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  30  / 4 / 2014                                 عدنان حاتم السعدي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مؤشرات ومسؤوليات في انتخابات الخارج
مثال السويد

عدنان حاتم السعدي
 
بات واضحاً وجلياً أن عدد المشاركين في عملية التصويت في الانتخابات العراقية في مملكة السويد حصرا، كان بحدود 20,500 ألف ناخب عراقي , يضاف لهم حوالي 6000 ناخب في دولتي فنلندا والنرويج ، وهي نسبة متدنية جدا مقارنة بعدد الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات ، فالجالية العراقية في السويد يتجاوز عددها أكثر من 200,000 ألف مواطن عراقي، وكان المتوقع أن يشارك في الانتخابات أكثر من 100,000 ألف ناخب عراقي. هذه المشاركة الضعيفة تظهر دلالات مقلقة وخطيرة . ففي انتخابات عام 2010 شارك أكثر من 38000 ألف ناخب في عملية التصويت، استبعد منهم 6416 ناخب عراقي بحجة عدم استكمال الوثائق المطلوبة. النسبة الضعيفة والمتدنية للانتخابات العراقية في الخارج هذا العام، لم تقتصر على مملكة السويد فقط،، وإنما شملت اغلب الدول التي جرت فيها عملية تصويت الخارج ليومي 27 و28-04-2014 . فمن مجموع 785,000 ألف مواطن عراقي حسب التوقعات من الذين يحق لهم التصويت ، صوت فقط 165.532 ألف ناخب،وهذه النسبة المتدنية مؤشر سلبي وعامل إحباط لا يرقى للمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق جميع المواطنين العراقيين، والتي كان من الموجب عليهم ممارسة حقوقهم في عملية التغيير السياسي المنشود .

في 08-04-2014 وبدعوة كريمة من السفارة العراقية في السويد وبحضور الأستاذ سربست مصطفى مسؤول المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات العراقية والأستاذ سفير جمهورية العراق ووفد الخارجية العراقية والسيد مدير مكتب المفوضية في السويد وممثلي بعض الكتل والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، عقد لقاء تشاوري تناول العملية الانتخابية في خارج العراق، عن ضرورة الحث لمشاركة أوسع شريحة ممكنة من ابنا ء الجالية العراقية في مملكة السويد، وكانت لنا فيها اقتراحات جدية وضرورية بشأن الوثائق المطلوبة، الإعلام والإعلان، والحجج التي اعتمدتها المفوضية في عمليات الاستبعاد التي جرت عام 2010 واحتمال تكرارها في انتخابات 2014، نتيجة اعتماد الانتخاب المشروط الذي ألحق الضرر بعدد كبير من المواطنين العراقيين ، بمبرر عدم ورود أسمائهم في الحاسب المركزي في بغداد . وقد أكد الكثيرون من الذين حضروا اللقاء على ضرورة أن يكون هناك إعلان مكرر في الصحف اليومية السويدية وغيرها، كصحيفة (المترو ) المجانية، والتي توزع في اغلب المناطق السويدية ، ومثل هذا الإعلان من الممكن أن يرفع أو يضاعف أعداد المشاركين والمصوتين .

وكررنا ذات المقترحات أثناء الاجتماع الذي عقد في المركز الثقافي العراقي في السويد يوم 24-04-2014 , بمشاركة مدير مركز المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات العراقية في السويد الأستاذ هنادي منعم عبد الرحيم ،ولكننا لم نستمع إلى أجوبة مقنعة، فالمكتب اعتمد في الإعلان الموجه للجالية العراقية في السويد على موقع أخباري هو صحيفة ( الكومبيس ) وهي صحيفة إلكترونية محدود الانتشار وتوزيع للمشتركين شهريا ولا تصل أو لا يتداولها الجميع، ولا تستطيع تلبية الغرض في هذا الشأن. ومن الطرق غير المجدية كان هناك توزيع لبعض البوسترات الملونة عن عمل المفوضية،أقتصر على الجوامع والحسينيات ومحلات البقالة وغيرها من وسائل تستهدف شريحة معينة من المواطنين عراقيين دون غيرهم , مع العلم أن الكثيرين يقيم في أماكن ومدن بعيدة عن المراكز الانتخابية ولم تصلهم المعلومات حول عملية الاقتراع وأماكنها ومواعيدها.أيضا فأن تحديد موعد التصويت ليومي 27و28-04-2014 , أي يومي الأحد والاثنين كان خاطئا، فيوم الاثنين هو يوم دوام رسمي لا يتمكن فيه المرء من الذهاب لمراكز الاقتراع ، مما جعل عزوف الكثيرين مبرراً واضطرهم لعدم المشاركة بالعملية الانتخابية.

في هذا الشأن فأن مكتب المفوضية في السويد يتحمل المسؤولية المباشرة ومن وراءه المفوضية العليا ( المستقلة ) للانتخابات العراقية بما حدث. فتدني نسبة الإقبال والمشاركة في عملية التصويت، تتحمله بالكامل المفوضية. فالاجتهادات غير الواقعية والاستشارات في اختيار العاملين وفق الرغبات والمنافع الشخصية والحزبية كان له الضرر الكبير على العملية برمتها. فقد ظهر للعيان بأن قسم من العاملين قد عين بطريقة التوجيهات المسبقة وبقوائم صادرة من بغداد وجاء هذا على حساب الكفاءة والخبرة والمسؤولية. نكرر إن المفوضية ساهمت في الفشل الذي حاق العملية الانتخابية وعزوف الناخب عن الوصول إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بصوته، وأحبطت جهود وإمكانيات كان من الممكن لها مضاعفة عدد المقترعين. المفوضية ومكتبها في السويد تتحمل وزر نتائج الاقتراع الباهت كونها أهملت الكثير من المقترحات الجدية والمهمة التي كان لها أن تساعد في تسهيل عملية المشاركة للمواطنين العراقيين القاطنين في السويد وفنلندا والنرويج .

كذلك الكتل والأحزاب السياسية العراقية وممثليها تتحمل مسؤولية ليست بالقليلة، لاقتصار عملها ونشاطها ودعايتها على مناصريها ومعارفهم وفي مناطق محددة. لذا نستطيع أن نقول عنها أنها كانت دعاية نخبوية بامتياز. وبسبب تلك الرؤية والفعل القاصر ابعد من الحساب جمهرة واسعة من مواطنين عراقيين مستقلين كان بالإمكان كسبهم وزجهم للمشاركة بالانتخابات. جميع الكتل والأحزاب السياسية كانت تعي أهمية التغيير في المشهد السياسي العراقي ولكنها عجزت عن إيجاد الوسيلة والسبل للوصول إلى الجالية العراقية . بعض الأحزاب السياسية المدعومة من الحكومة العراقية استغلت مناسبة يومي التصويت بوسائط ترغيب من مثل توفير وسائل نقل لمناصريها وتقديم وجبات غذاء وهي إمكانية لا تتوفر لباقي الكتل والأحزاب .

جمعيات ونوادي ومنظمات وروابط واتحادات ثقافية واجتماعية عراقية كثيرة عاملة على الساحة السويدية، دائما ما تبالغ وتدعي تمثيلها لأعداد كبيرة من الجالية العراقية، لكننا نجدها عجزت عن عملية الحشد والاقناع للمواطنين العراقيين بوقت مناسب،وحثهم على ضرورة المساهمة والمشاركة بعملية ديمقراطية بالغة الأهمية. هذه الجمعيات والمنظمات والاتحادات دائما ما تحصل على منح ودعم مالي كبيرة من الدولة السويدية ومؤسساتها لغرض أقامة فعاليات ونشاطات الغرض منها زج المواطن العراقي لغرض التطوير الذاتي والمجتمعي والترويج للقيم الديمقراطية وأهمية المشاركة بالعملية الانتخابية في السويد وأيضا العراق، ولكننا دائما ما نجد بأن المنافع الشخصية تتغلب على مثل هذه المسائل المهمة. أننا على يقين وعلم ودراية بأن هذه الجمعيات والاتحادات والمنظمات والروابط تفتقد المصداقية في عملها ومناهجها وعدم الصدقية في أوجه الصرفيات للمنح والمساعدات التي تقدم لها، ولذا ظهر أن الإدعاء شيء وواقع الحال شيء أخر، واقتصرت مشاركة تلك الفعاليات عند حدود المراقبة للعملية الانتخابية أو زج البعض من أعضائها للعمل في المراكز والمحطات للحصول على دخل، ومن هذا فأنها تتحمل المسؤولية بهذا القدر أو ذاك.

انتهاء العملية الانتخابية ونتائجها يجب أن تكون فرصة للجميع بأهمية المراجعة والتدقيق والتقييم والتقويم ووضع النقاط على الحروف وإعطاء كل ذي حق حقه .

أيضا وهذا مهم جدا، فسفارة جمهورية العراق في مملكة السويد مدعوة وبشكل ملح لأجراء عملية إحصاء لإعداد المواطنين العراقيين المقيمين في السويد وتصنيفهم وتبويب واقع وضعهم في المملكة السويدية، وهذا سوف يكون انجازا يمكنه حل الكثير من الإشكاليات ومنها أثبات الهوية، وبالأخص الشريحة الوطنية الواسعة من الأخوة الكرد الفيلية والتي كنا مع عملية التغيير في 2003 نتوقع من قوانا السياسية وقادة العراق أنصافهم وإعادة حقوقهم كاملة غير منقوصة ولكن كل الحكومات التي تعاقبت عجزت عن الإيفاء بوعودها. السفارة العراقية مدعوة وبإلحاح لمسك سجل مدني لعموم المواطنين العراقيين، ليكون مرجعا ذا شأن يلغي وبشكل تام إشكاليات عمليات الاستبعاد والإقصاء والمشاركة في الشأن الوطني العراقي .

عملية التصويت والمشاركة في الانتخابات العراقية في الخارج , تستدعي منا جميعا ، إعادة النظر بصيغ ووسائل العمل وسط جالية كبيرة مؤثرة في الحياة السويدية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي ذات الوقت الاستفادة من خبرات وكفاءات باتت تحتل مواقع مرموقة في مختلف مراكز القرار السويدي، وخاصة شريحة الشباب الطموحين دراسيا وعلميا الذين اندمجوا في المجتمع السويدي واكتسبوا الاحترام والثقة وحصلوا على مراكز مؤثرة في المؤسسات السويدية الحكومية وغير الحكومية.

عملية العزوف عن المشاركة بعمليات التصويت والنسبة المتدنية التي ظهرت عليها، لا تلغي الجانب الايجابي والأهمية البالغة للعملية الانتخابية بالنسبة للمواطنين العراقيين،وخاصة الذين شاركوا وساهموا بحماس لإبعاد عملية الإحباط والخيبة والفشل ، لهم جميعا كل التقدير والاحترام والاعتزاز .

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter