|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  9  / 6 / 2021                                 عادل حبة                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

يعود تخلف إيران إلى سببين

مجتبی لشکربلوکي
ترجمة :عادل حبه

(موقع الناس)

بدأنا معاً منذ حوالي ستين عاماً! لكن كوريا الجنوبية هي الآن واحدة من القوى الاقتصادية في العالم وتتمتع بنوعية حياة أعلى منا. في غضون ذلك، تخلفت إيران عن الركب رغم ثراء الموارد والظروف الأكثر ملاءمة! ربما يمكن أن نضع على الفور قائمة بالتحديات الملموسة التي واجهت إيران والتي كانت خارجة عن سيطرتنا. لكن المشاكل التي واجهت كوريا لم تكن أقل إن لم تكن أكثر مما واجهته إيران.

لقد مرت كوريا الجنوبية في أقل من عشرين عاماً بأربع أزمات: الاستقلال عن اليابان، وحرب كوريا الجنوبية والشمالية، وثورة نيسان 1960، والانقلاب العسكري. بعد الحرب الكورية والانفصال النهائي بين الاثنين، كانت تسعون بالمائة من كهرباء شبه الجزيرة وثمانين بالمائة من إنتاجها من المعادن والكيماويات والمعدن تقع في الشمال ، وحُرمت كوريا الجنوبية من هذه المرافق، وفاقم رحيل الفنيين اليابانيين الوضع. في كوريا الجنوبية.

لم تكن حصيلة هذه الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس سوى مقتل خمسة ملايين كوري! ووصل الوضع الاقتصادي إلى حالة يرثى لها للغاية. كما أدى فقر الموارد الطبيعية في كوريا الجنوبية إلى صعوبة توفير الغذاء للناس.

كان نصيب الفرد من الدخل الوطني في هذا البلد في العشرينات من القرن الماضي حوالي سبعين دولاراً، وهو أقل من دخل الفرد في دول مثل هايتي وإثيوبيا. إنه يعني الفقر المدقع بعينه !

ولكن كيف وصلت دولة كهذه إلى أن يبلغ دخل الفرد فيها مقدار 30 ألف دولار؟ من الممكن الإشارة إلى العديد من العوامل التي أدت إلى التنمية في كوريا الجنوبية. في هذا المقال القصير أود فقط التأكيد على نقطتين كي نتعلم من الدروس لمستقبل إيران.

التحليل الاستراتيجي والوصفات
1- كسب الثقة الوطنية العميقة وتعبئة الشعب في عملية التنمية
كان فن الحوكمة في كوريا الجنوبية قائم على جلب الشعب معها وترتيب العلاقات الوطنية بطريقة تجعل الناس يؤمنون بالحكم ويسيرون في ركابه، ولم يقفوا في الأوقات الحرجة ضد الحكم ولا إلى جانبه. اسمحوا لي أن أقدم بعض الأمثلة الصغيرة:
كانت الحكومة الكورية في ضائقة شديدة للحصول على قروض دولية. وكانت الولايات المتحدة قد رفضت تقديم القروض. وقررت الحكومة الكورية الجنوبية أرسال الآلاف من عمال المناجم والممرضات إلى ألمانيا الغربية. وكانت ميزة العمال الكوريين أنهم كانوا الأكثر معرفة بالقراءة والكتابة من بين جميع الجنسيات. وقام العمال الكوريون بإرسال مدخولاتهم إلى كوريا ، وتمكنت الحكومة الكورية، على الرغم من قلة قيمتها ، من الحصول على قروض من البنوك الأجنبية، بما في ذلك من دويتشه بنك في ألمانيا، من خلال التعهد بهذه الموارد التي يحصل عليها العمال الكوريين.

وفي خلال الأزمة المالية لعام 1997، انخفضت قيمة العملة الكورية وبدأت أسعار الذهب في الارتفاع بشكل حاد. ورداً على ذلك، فاجأ الشعب الكوري الحكومة في الحملة الوطنية للذهب بتقديم الذهب طوعا للتغلب على الأزمة العالمية!

وعند تفشي أنفلونزا الخنازير في المكسيك عام 2009 ، استمر موظفو الشركات الكورية في المكسيك في ارتداء الأقنعة ، مما زاد من نفوذ الشركات الكورية في السوق، في حين فضل موظفو الدول الأخرى مغادرة المكسيك للحفاظ على صحتهم.

2- مهارة تحويل الأزمات المالية إلى منصات للتقدم
المتغير الثاني الذي أود تسليط الضوء عليه هو المهارة في تحويل الأزمة إلى نقطة انطلاق. لنراجع بعض الأمثلة الموجزة:
اندلعت الحرب بين العرب وإسرائيل في عام 1973، وتضاعف سعر النفط بأكثر من ثلاثة أضعاف! وكانت هذه ضربة قاتلة للاقتصاد الكوري، الذي لم يكن لديه قطرة واحدة من النفط، وبدأ بالتو الاستثمار في الصناعات المرتبطة بالنفط. لكن الحكومة الكورية اتخذت قراراً استراتيجياً هو: التركيز على فرصة البناء عالي النمو في الشرق الأوسط (بسبب ارتفاع أسعار النفط)، وإرسال العمال إلى المنطقة وبناء مشاريع بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً.

في عام 1997 ، بدأت الأزمة المالية الآسيوية في تايلاند وانتشرت إلى دول شرق آسيا. ووصلت ست من الشركات العشر الأولى في كوريا إلى حافة الانهيار. أفلست الحكومة الكورية، وتعرضت لأكبر مديونية لها في التاريخ. ولكن حولت كوريا هذه الأزمة إلى فرصة لإصلاح عميق: فقد تم إغلاق الشركات المفلسة أو دمجها، وإعادة هيكلة الشركات الكبيرة. وتصرفت الحكومة الكورية بشكل حاسم بشأن هذه التطورات. كانت نتيجة الإصلاحات مؤشرات غير عادية: فقد ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لكوريا من 4 مليارات دولار إلى 100 مليار دولار ، وسددت كوريا قرضها قبل ثلاث سنوات!

هذان العاملان وحدهما لا يؤديان وحدهما إلى تقدم كوريا! ففي تحليل يعود تقدم كوريا الجنوبية إلى عوامل مختلفة مثل التفاعل مع المحيط الدولي (الصداقة مع العالم) ، وشيوع ثقافة العمل الجاد والانضباط والموقف الاستراتيجي (اختيار شريحة محدودة للغاية من الصناعات كصناعات استراتيجية ودعم خاص لها في أي وقت) و الإجماع الوطني.

إذا لم نعيد اختراع العجلة من جديد، وندمج عصارة المنجزات العالمية مع التجارب المحلية ونلتزم بها حقاً، عندئذ يمكن أن تشق إيران الطريق صوب السعادة والتقدم بشكل أسرع.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter