|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  2  / 7 / 2018                                 عادل حبة                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التباين في الرأي هو حق طبيعي لأعضاء الحزب الشيوعي العراقي

عادل حبه
(موقع الناس)

في معرض النقاش الذي يخوضه العزيز الدكتور حسان عاكف على صفحات مواقع الاتصال الاجتماعي حول سياسة الحزب الشيوعي العراقي، يورد الدكتور عاكف العبارة التالية:" ......دون ان أجده يتحدث بتباهي واعتزاز عن الدور الذي نهضت به منظمات الحزب وقواعده في رفض السياسة التي اقرها إجتماع اللجنة المركزية للحزب عام ١٩٦٤، والتي عرفت بــ"خط آب ٦٤"، الخط الذي دعا الى حل الحزب والاندماج في تنظيمات ”الاتحاد الاشتراكي العربي“!!!!.هذا دون أن يورد الدكتور أي نص أو وثيقة حزبية تؤكد على هذه الدعوة في تقرير اللجنة المركزية آنذاك إلى حل الحزب والاندماج في تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي، أو وجود قرار من اللجنة المركزية بهذا الخصوص وسحبته. حبذا لو بادر الدكتور العزيز إلى نشر وثيقة حزبية تشير إلى ذلك عملاً بالأمانة العلمية والتاريخية.

في الحقيقة دأب بعض الشيوعيين وخاصة أولئك الذي كانت لهم آراء مختلفة عن السياسة الرسمية للحزب، وخاصة في زمن الصعوبات والمحن التي تعرض لها الحزب إلى اتخاذ مواقف عدمية إلى حد اختلاق مواقف للحزب لم يصرّح بها ولا توجد أية وثيقة تؤكد هذه المواقف. والأمثلة كثيرة من توجيه التهم الى الحزب الشيوعي العراقي أو اصطناع مواقف له . وأشير إلى واحدة منها والتي تحولت إلى حقائق مبرمة لدى بعض الكتاب والمؤرخين، هو قيام بعض الشيوعيين وخصومهم بعد إنهيار الجبهة مع البعث إلى التصريح بأن الحزب الشيوعي العراقي وقيادته اعتبرت "صدام حسين كاسترو العراق"!!!، وهو وهم وإدعاء لم أطلع عليه ولم يطرق سمعي عندما كنت عضواً في قيادة الحزب، وهو ما يتناقض مع النصوص التي أوردها بيان اللجنة المركزية في آذار عام 1978. ولا يخرج هذا الوهم عن سياق الإدعاء الآنف الذكر بأن بيان اللجنة المركزية في عام 1964 والذي عُرف بخط آب، والذي كتب الكثير عنه من شيوعيين وخصوم، قد دعى إلى حل الحزب والاندماج في الاتحاد الاشتراكي العربي.

وأود هنا أن أشير إلى ما ورد في رد الرفيق جاسم الحلوائي على مقالة للسيد حامد الحمداني، حيث يشير الحلوائي إلى :"إن المرة الأولى التي أنتخب فيها عزيز محمد سكرتيراً للجنة المركزية كان في الإجتماع الموسع للجنة المركزية الذي عقد في آب 1964 في براغ. لم تكن اللجنة جديدة، فجميع الذين حضروا الأجتماع كانوا أعضاء ومرشحي اللجنة المركزية القديمة، أي قبل إنقلاب شباط الفاشي عام 1963. وقد ترشح لهذه اللجنة في الإجتماع المذكور ستة أشخاص جميعهم كانوا داخل العراق، وكنت احدهم. لذلك لم يكن ممكناً أن تكون هناك محاولة من قبل عزيز محمد لحل الحزب وأنا لم اعرف أو اسمع بها. لذلك أعتبرها تهمة باطلة .

إن من بين أهم النقاط التي ركزعليها بيان آب عام 1964 والذي حمل عنوان "في سبيل وحدة القوى الوطنية، في سبيل تعزيز الاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي"، هو الاشارة إلى الملامح الجديدة في حركة التحرر الوطني واكتسابها مضامين تقدمية جديدة بفعل التأثير المتعاظم لنظام الاشتراكية والأفكار الاشتراكية العلمية، وآفاق تأثير ذلك على سلوك ونهج الحكام في البلدان العربي ، مصر وسوريا و...دون أن يتخلى البيان عن وصف الحكم آنذاك بأنه معاد للديمقراطية والشيوعية رغم اجراءات التأميم وتأسيس شركة النفط الوطنية. وقد علق الباحث الفقيد عزيز سباهي على هذا التحليل قائلاً بحق:"لقد أحل التقرير الأوضاع الذاتية في البلاد والصراعات الطبقية فيه وتوازنات القوى المختلفة ، وهي المقررة والحاسمة، في المحل الثاني، دافعاً إلى المقدمة العوامل الخارجية". ومع كل وجهات النظر أزاء بيان آب، إلاّ أن هذا البيان لم يدعو الى حل الحزب الشيوعي العراقي والانخراط في الاتحاد الاشتراكي العربي بالتأكيد.

من هذا السرد اود القول أنه من غير الصحيح التعبير عن موقف للحزب دون الاتيان بوثيقة أو حتى تصريح رسمي لأحد قياديي الحزب من أجل التأكيد على صحته، وهذا ما تقتضيه الأمانة العلمية والتاريخية، وتجنباً لتعريض تاريخ الحزب إلى التشويه.

أما فيما يتعلق بربط الرفيق حسان عاكف بيان آب بالأحداث الأخيرة في العراق وموقف الحزب منها، وبقدر ما يتعلق الأمر بالتحالف مع سائرون ، فإذا كان خط آب قد تراجعت عنه حتى اللجنة المركزية التي صاغت ذلك البيان، فإن كتلة سائرون أضحت لولباً لا يمكن تجاهله في المفاوضات والصفقات التي تجري علناً وفي خلف الكواليس. ولا يمكن الآن وبشكل مبكر قراءة "سورة الفاتحة" على هذا التحالف. فالرفيق حسان عاكف، وله الحق في إبداء رأيه، يعتبر أن تحالف سائرون قد انتهى أمره شأنه في ذلك شأن مصير "خط آب"، إلى حد يضع علامات تشابه بين ما حصل في خط آب وبين التحالف الجاري الآن في كتلة سائرون. ويلوم الرفيق حسان قيادة الحزب على تصدر مقتدى الصدر في المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة المقبلة وما يصاحبها من إجراءات، وهو يعلم جيداً بأنه لم يكن من الممكن بدون التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر، بغض النظر عن موقفنا منه ومن نهجه، ورغم أنه لا يشغل أي موقع رسمي في كتلة سائرون، أن يجلس 54 نائباً من كتلة سائرون على مقاعد البرلمان المقبل، خاصة وإن غالبية مرشحي سائرون هم أشخاص حديثو الظهور على الساحة السياسية لو استثنينا نائبي الحزب الشيوعي العراقي.

كما أن المقارنة بين ما حدث حول خط آب وردود فعل القاعدة الحزبية السلبي تجاه البيان وبين موقف الشيوعيين تجاه التحالف في "سائرون". فأكثرية الشيوعيين قد أبدوا رأيهم إلى جانب خطوة التحالف، كما أشار الرفيق حسان عاكف حيث صوت قرابة 80% من الذين استأنس برأيهم إلى جانب التحالف الانتخابي، في حين عارض الآخرون ذلك. وفي الحقيقة ليس لدي أي استفتاء حديث حول أي تغيير في مواقف أعضاء الحزب تجاه هذه الخطوة، علماً أن هناك فريق من أعضاء الحزب وكوادره وأصدقائه يعارضون الخطوة خاصة بعد إعلان التحالف بين مقتدى الصدر وهادي العامري.

لابد لي في الختام إلا أن اتفق بشكل عام مع ما جاء في ختام إشارة الرفيق حسان عاكف حيث قال :" فاذا كنا مازلنا نعتبر موقف القواعد الحزبية التي خرقت قواعد النظام الداخلي ورفضت تنفيذ قرار حزبي اتخذ بالاجماع عام ١٩٦٤ صحيحا وبطوليا، فعلينا اليوم ان نعيد النظر في ردود افعالنا ومواقفنا المتشنجة من تحفظ رفاق واصدقاء، والابتعاد عن الاتهامات الجاهزة بحقهم والكف عن التلويح بعقوبات واجراءات حزبية، وتدقيق قوائم الممنوعات التي نعممها".

نعم فالتباين في وجهات النظر حول مختلف جوانب الحياة البالغة التعقيد بين الشيوعيين هو أمر طبيعي ينبغي أن لا يثير لدينا القلق أو التشنج. هذا التباين وضع له النظام الداخلي الجديد للحزب أطراً لإدارته، وعلى الجميع الالتزام به. وهذا التباين هو الذي يقودنا إلى الوصول إلى الحقيقة وصياغة أنجع الشعارات التي يرفعها الحزب من أجل تحقيق أهدافه. كما إن هذا التباين يبعث الحيوية الفكرية في جسد الحزب ويبعده عن الجمود والركود الفكري.




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter