|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  14  / 2 / 2021                                 عادل حبة                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حملة ناجحة للشيوعيين ضد فيروس كورونا في ولاية كيرالا الهندية

ترجمة : عادل حبه
(موقع الناس)

صحيفة "عصرنا"
لسان حال الحزب الشيوعي الألماني

تتمتع ولاية "كيرالا" الهندية التي يبلغ عدد سكانها 34 مليون نسمة، بمستوى عالٍ من معرفة القراءة والكتابة، وبالخدمات الاجتماعية المتقدمة والتعليم الجيد والظروف المواتية الأخرى التي لم يتم تطويرها في أجزاء أخرى من الهند. كما أنها تستثمر في قطاع الصحة يفوق ما تستثمره أية دولة أخرى. ويحكم ولاية كيرالا تحالف من حزبين شيوعيين وجماعات يسارية أخرى.

لقد حذرت منظمة الصحة العالمية، في 18 كانون الثاني عام 2020، من أسباب انتشار فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية. كانت المعلمة السابقة شيلاجا، التي ترأس الآن وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في ولاية كيرالا، تعلم أن ولاية كيرالا ستكون في مأزق قريباً جداً. وكان رد الفعل الجريء لهذه المرأة فورياً. ففي الرابع والعشرين من كانون الثاني، عقدت شيلاجا اجتماعاً حول إنشاء مركز تحكم وتعبئة فرق لمراقبة الوباء، لأن ولاية كيرالا كانت معرضة بشكل خاص لتفشي فيروس كورونا. على الرغم من كثافة سكان الولاية، فإن العديد من سكان كيرالا يسافرون خارج الولاية ويعملون خارجها. وتأتي أعداد كبيرة من العمال المهاجرين من ولايات أخرى. ويدرس العديد من طلاب ولاية كيرالا في جامعة ووهان ويعودون إلى ديارهم قريباً ، وأصيب البعض منهم بأمراض فيروسية قاتلة.
إستطاعت ولاية كيرالا عام 2018 ، أن تسيطر بسرعة على انتشار فيروس يسمى NIPA، وهو مرض قاتل ينتقل من الحيوانات إلى البشر. وفي 27 كانون الثاني، عادت المجموعة الأولى من طلاب ووهان إلى ولاية كيرالا. وكانت الفحوص إيجابية لـ كوفيد-19، وهذه أول مؤشر مؤكد في الهند. لدى الولاية الآن 10 ملايين طبيب. ومن خلال الاختبار المستهدف والتتبع والاتصال وإجراءات الحجر الصحي من قبل حكومة ولاية كيرالا التي يقودها الحزب الشيوعي، انخفض عدد الحالات الجديدة إلى ما يقرب من الصفر في غضون بضعة أشهر فقط، واستقر الوضع الصحي بشكل أفضل بكثير من أي مكان آخر في الهند.

وتشير الإحصائية النهائية لمعدل الوفيات إلى أن ولاية كيرالا تحتل النسبة الأدنى بين المعدلات في العالم. وقد تم تحقيق هذه النسبة في وقت مبكر. ففي آذار، كانت ولاية كيرالا الأولى في الهند التي إتخذت إجراءات وقائية ضد المرض. وتصرفت الحكومة المحلية بشكل أسرع من سلطات الولايات الأخرى من خلال إغلاق المدارس وأماكن العمل غير الضرورية وتقييد التجمعات العامة. ضمنت الحكومة إيصال وجبات الغداء التي يتلقاها الأطفال عادة في المدرسة إلى منازلهم. وتم إنشاء خطوط صحية ساخنة للأشخاص الذين يعانون بمفردهم. لقد أدى شغف السيدة شيلاجا بالعلوم إلى أن تصبح مدرسة للفيزياء والأحياء. وقاد الصراع الطبقي في الهند أفراد عائلتها إلى تنامي الحركة الشيوعية والنضال ضد الاضطهاد الطبقي أو الطائفي. وشاركت جدتها في حركات محلية ضد الاضطهاد العرقي أو الطائفي. وفي عام 2018 ، واجهت تفشي فيروس NIPA في الولاية، والذي تسبب في 50 إلى 75 في المائة من جميع الوفيات. وزارت شيلاجا القرى المتضررة وشرحت لأهاليها أن خطر انتقال الفيروس من إنسان إلى إنسان في الحياة اليومية كبير، وتم الحد من تفشي فيروس NIPA من خلال تتبع وعزل أكثر من 2000 مصاب. ومن بين الحالات الـ 19 المؤكدة، توفي 17. وخلصت منظمة الصحة العالمية في وقت لاحق إلى أن استجابة كيرالا لفيروس NIPA كانت سابقة لأوانها ولكنها غير مخططة وأن العاملين الصحيين لم يكونوا مدربين جيداً، لذلك أدركت شيلاجا وموظفي الصحة في الولاية أنهم يجب أن يكونوا أكثر استعداداً في المرة القادمة. تضمنت الخطة الجديدة أنظمة تتبع ومراقبة محسنة وبروتوكولات في أفضل المستشفيات، والتي استخدمت الفترة بين الأوبئة لبناء القدرات والاستعداد بشكل أفضل للمرة القادمة. ومما دعم اجراءات شيلاجا أيضاً هو مبدأ أساسي للأحزاب الشيوعية، وهو إن وحدة وتضامن الجماعات العرقية المختلفة يصب لصالح الجميع. فسكان ولاية كيرالا يتكونون من الهندوس والمسلمين والمسيحيين الذين يعيشون معاً بسلام ووئام. وقد تم حرق الضحايا الأوائل عندما أصيبوا بفيروس NIPA ، لكن حرق الجثث كان غير مقبول عند العائلات المسلمة عندما اتصل بهم أحد الأقارب وهم يبكون. وطلبت شيلاجا من الأطباء إيجاد طريقة أخرى غير حرق الجسد. وقاموا بدفنها على عمق ثلاثة أمتار تحت الأرض ووضعوا الجثة أيضاً في بلاستيك مقاوم للماء. كما ساعدت الخدمات الاجتماعية الجيدة في ولاية كيرالا على توفير المأوى والطعام لـ 150.000 عامل مهاجر لمنعهم من التنقل ذهاباً وإياباً بين أماكن عملهم والدول المضيفة. وأعلنت شيلاجا في آب الماضي إنهم يستعدون لموجة ثانية محتملة من خلال زيادة عدد أسرة المستشفيات وتقديم المشورة بشأن الإجراءات الوقائية. وغدا الهدف هو خفض عدد الوفيات وحماية كبار السن. وفي تشرين الأول، شهدت الولاية أكبر زيادة يومية في حالات الإصابة في البلاد. وفي الآونة الأخيرة، أوصىت شيلاجا بفرض قيود أكثر صرامة على السفر. كما أقرت بأن الاحتفالات والتظاهرات السياسية لعبت دوراً في التصعيد الأخير. وأضافت "لحين حصولنا على اللقاح، سنفتقد جميعاً إلى بعض الراحة في حياتنا كي نستعد لمواجهة أي وباء". إن قيادة شيلاجا هي مثال على الطبيعة الديمقراطية لحكومة ولاية كيرالا!.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter