|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  6  / 11 / 2015                                 علي فهد ياسين                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

جائزة لمبدع وأمر قبض على فاسد..!

علي فهد ياسين
(موقع الناس)

أساس المفاخرة بين الشعوب هو النشاط الانساني لمبدعيها، وهو سباقُ شامل لكل عناوين النشاط البشري ومستمر منذُ بدء الخليقة وعابر للجغرافية، وللعراق الآن حاضراً لا يمت بصله الى تأريخه المشهود، سوى من خلال أنشطة أبنائه المجتهدين خارج منظومات أحزاب السلطة المتحكمة بمراكز القرار.

في أحدث ابداع عراقي خارج منظومات السلطة، يأتي فوز المخرج السينمائي العراقي هادي ماهود بالجائزة الأولى للأفلام الوثائقية القصيرة عن فيلمه الوثائقي (سوق سفوان)، ضمن مهرجان (الأفلام والوثائقيات للعام 2015)، الذي نظمته مؤسسة (بي بي سي) في لندن وأُعلنت نتائجه يوم الأحد الماضي، ليمثل شهادة جديدة على الغنى الابداعي الشعب وفقر أداء حكامه!.

لقد أختار هادي ماهود موضوعة فيلمه الوثائقي بدراية المبدع الباحث عن زاوية ضوء تكشف بعداً انسانياً يتمثل باستهداف (قرار حكومي) لسوق تعتاش عليه مئات العوائل الفقيرة في وسط مدينته (السماوه) سعياً لهدمه، وهو قرار غير مدروس لأنه لا يوفر بديلاً اقتصادياً لتلك العوائل، وهو نموذج لقرارات حكومية مماثلة في مدن عراقية أُخرى، أستهدفت مصادر عيش الفقراء، الذين كانت أصواتهم الانتخابية هي التي أوصلت المسؤولين الى مناصبهم.

المخرج السينمائي العراقي هادي ماهود كان ابتدأ مسيرته الابداعية وهو على مقاعد الدراسة في معهد الفنون الجميلة، ثم في اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، وكان أول أفلامه الحاصل على جائزتي أفضل مخرج وأفضل ممثل في مهرجان (افلام الشباب الأول عام 1980) في بغداد هو فلم (الطيور)، وقد عُرّفَ بأنه أصغر مخرج عراقي يفوز بجوائز، وبعده كانت أفلامه المتعاقبة (الغريق ، ليالي هبوط الغجر، العراق بلدي، انهيار، سائق الاسعاف) ، وفيلمه (العربانة) الذي حصل على الجائزة الأولى في (مهرجان بغداد الدولي للفيلم القصير) مؤخراً .

المخرج العراقي هادي ماهود لم يكلف الخزينة العراقية ديناراً واحداً عندما أخرج فلمه الذي حاز على الجائزة، وليس له ملف في هيئة النزاهة العراقية، ولم يصدر بحقه حكم من اي محكمة عراقية، على خلاف مسؤولين عراقيين كبار، أخرهم وليس أخيرهم وزير التجارة الذي صدر بحقه أمر قبض وأحضار على خلفية تهم فساد مالي ، وترك منصبه هارباً لجهةِ مجهولة ، ليضيف اسمه الى قائمة طويلة من الفاسدين الذين نهبوا ثروات البلاد ، وتسببوا بجرائم شنيعة دفع فواتيرها العراقيون من أرواح أبنائهم وممتلكاتهم وأمنهم واستقرارهم.

المقارنة بين العراقي هادي ماهود الذي حصل على جائزة ابداع مشرفة لتأريخه ولشعبه ، وبين الوزير أو أي مسؤول حكومي صادر بحقه أمر قبض وأحضار، أو حتى اتهام بملف فساد الى ان تثبت براءته ، هي أن تأريخ المبدع معروف ودال على ابداعه ، لكن تأريخ الوزير والمسؤول الفاسد لا علاقة له بالابداع ، لأن وصوله للمنصب مرتبط بآليات المحاصصة الطائفية التي دمرت العراق.

باقات ورد وتهاني للمبدع هادي ماهود وهو يقدم صورة مشرقه عن شعبه ووطنه.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter