| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 27 / 6 / 2015 علي فهد ياسين كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
من المستفيد من استهداف السياحة في مصر وتونس ؟
علي فهد ياسين
للمرة الثانية في أقل من ستة أشهر تتبنى داعش هجمات دموية على مرافق سياحية في تونس ،و كانت تبنت هجوماً مشابهاً في مصر ، مستهدفه ضرب السياحة التي تشكل للبلدين مصدراً مهماً للعملة الصعبة ، التي تساهم في انعاش ضروري للاقتصاد ، خاصةً بعد الفوضى التي خلفتها حكومات أحزاب (الاخوان المسلمين) التي تشكلت بعد سقوط الدكتاتوريات الحاكمة فيهما .
الملفت في المشهد ، أن هذه الاستهدافات للمرافق السياحية لم تحدث خلال حكم حزب النهضة (الفرع التونسي لتنظيم الاخوان المسلمين) بعد سقوط حكومة (بن علي) ، ولم تحدث في مصر خلال حكم حزب مرسي (الفرع المصري لتنظيم الاخوان المسلمين)!، بل على العكس من ذلك ، كانت المرافق السياحية في كلا البلدين تتسابق سريعاً في اعادة الحيوية لأنشطتها السياحية ، بالرغم من أنها تتعارض في مفردات خدماتها (خاصةً المشروبات الكحولية والحفلات) مع الفلسفة الدينية للاحزاب الحاكمة في البلدين ، سعياً من هذه الأحزاب للوصول الى نفس الهدف من تشغيلها ، المتمثل في الحصول على العملة الصعبة !.
في الخارطة العالمية للسياحة في منطقة الشرق الأوسط كانت هناك أربعة بلدان في المقدمة ، قبل أحداث (الربيع الدموي)، تركيا ومصر وتونس والمغرب ، وقد تراجعت السياحة في مصر وتونس بنسب كبيرة نتيجة الأحداث ، وأُضيفت أرقامها في البلدين الى تركيا في المقام الأول ثم الى المغرب ، ولأن تركيا كانت استثمرت المليارات من الدولارات في البنى التحتية لمنشآتها السياحية ، حتى أعتبر (الريفيرا التركي) الممتد على طول سواحلها على البحر المتوسط ، أكبر مشروع سياحي في العالم ، وهو نتاج (تزاوج) سلطتا المال والسياسة التي يمثلهما حزب العدالة والتنمية (الفرع التركي لتنظيم الأخوان المسلمين) ، الذي يقود التنظيم ويستضيف مقره الرئيسي عالمياً !.
جاء سقوط حكومات الأخوان في مصر وتونس بالضد من رغبات حزب أردوكان ، وقد شهدت السنة الماضية تصريحات هستيرية لـ (سلطان) أنقره ، خاصةً ضد مصر التي لقنته درساً قاسيا باعتبار (فرعه) المصري تنظيماً ارهابياً ، بالتزامن مع سقوط (اخوانه) في انتخابات تونس ، لذلك أختار (الضرب تحت الحزام) في منظومة السياحة في كلا البلدين لتعطيل مصدرتمويل مهم لاقتصادهما .
معلوم أن سياحة الاوربيين تختار الشرق الاوسط وتحديداً بلدانه الاربعة آنفة الذكر، لتوفر ثلاثة أسباب رئيسية يعتمدها السائح الأوربي أساساً في أختياره ، الخزين التأريخي والقرب الجغرافي والكلفة الاقتصادية المتدنية قياساً بالمناطق الجغرافية الاخرى في اسيا وأمريكا وباقي البلدان الأفريقية البعيدة عن ساحل المتوسط ، لكن حزب أردوكان (الاسلامي جداً) يعرف كذلك أن السائح الأوربي يحكمه الآمان في أختياراته ، لذلك كان دقيقاً في توقيت العنف وتحديد مواقعه ، تنفيذاً لمخططاته وبأستخدام أدواته الفاعله في هذه المرحلة (مرتزقة داعش) !.
لم يعد خافياً على الحكومات والشعوب المستهدفة من عصابات داعش في المنطقة العربية ، وحكومات العالم وشعوبه ، من هي داعش ومن أسس لها وكيف تعمل وما هي أهدافها ، وحكومة أردوكان الحاكمة في تركيا ، كانت ولازالت هي المستقبلة والمدربة والمجهزة بالاسلحة والتقنيات لهذه العصابات البربرية البعيدة بأفعالها عن ابسط المبادئ الانسانية ، لكن دهاليز السياسة لازالت عرجاء في ادانة العرابين القتلة ، حمايةً لمصالح أنفار وشركات عملاقة تتحكم في رقاب الأبرياء في المنطقة العربية والعالم .
اذا كانت تركيا هي المحطة الرئيسية لتجميع وتدريب وتمرير (مرتزقة داعش) الى العراق وسوريا ، وهي في ظل حكومة أردوكان وحزبه (الاسلامي) أهتمت بالسياحة بشكل استثنائي كبير ، وادامت انشطة المنشآت السياحية المناسبة للسائح الغربي ، كي يشعر أنه في بلده وليس في بلد (اسلامي)، وأذا كان الدواعش مخلصين لعقيدتهم الدموية ، فلماذا لا يستهدفوا الفنادق السياحية في المدن التركية ؟!.
الأصل في تنفيذ عصابات داعش جرائمها في المواقع السياحية في تونس ومصر هو دعم لفضاء السياحة في تركيا ، الذي يملك النسبة الغالبة فيه حزب أردوكان، فقد انتعشت السياحة في تركيا على حساب مصر وتونس خلال السنوات الماضية ، ولأنها بدأت تستعيد نشاطها خلال هذا العام في كلا البلدين ، فأن واجب (داعش) أن يعيد الميزان الى رجحان كفته التركية !.